التصعيد في غزة والقدس اختبار لسياسات بايدن

مواقف الإدارة الأميركية تبدّد تطلعات الفلسطينيين.
الأربعاء 2021/05/12
أين المفر

شكلت مواقف الإدارة الأميركية من التصعيد الجاري في القدس وقطاع غزة، صدمة للكثير من الفلسطينيين الذين كانوا يتطلعون لعهد أميركي جديد يقطع مع ما سبق.

القدس – تشهد الأراضي الفلسطينية تصعيدا خطيرا لاسيما في القدس الشرقية وقطاع غزة، الذي بات يتهدده اجتياح بري إسرائيلي أسوة بعملية “الجرف الصامد” التي حدثت في العام 2014، وأدت إلى دمار كبير بالقطاع فضلا عن مقتل المئات من الفلسطينيين.

وتبدو مواقف المجتمع الدولي باهتة بالنسبة للفلسطينيين لاسيما الموقف الأميركي الذي ظهر منحازا لإسرائيل، حيث انتقد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الهجمات الصاروخية للفصائل الفلسطينية. وقال بلينكن “حتى مع اتخاذ جميع الأطراف خطوات لخفض التصعيد، فإن لإسرائيل، بالطبع، الحق في الدفاع عن شعبها وأراضيها من هذه الهجمات”.

وقبل ذلك كانت واشنطن أحبطت الاثنين مشروع قرار بشأن القدس في مجلس الأمن يدين السياسات الاستيطانية وعمليات الهدم والإخلاء بحق منازل فلسطينية، واعتبرت الإدارة الأميركية في تبريرها لهذا الموقف أن الوضع العام غير مناسب.

ومنذ مساء الاثنين قتل 28 فلسطينيا وإسرائيليتان في تبادل قصف بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية في قطاع غزة، في تصعيد دراماتيكي أشعلته المواجهات في القدس الشرقية المحتلة.

وكانت مدينة القدس شهدت توترات كبيرة في الأيام الأخيرة بلغت أقصاها الاثنين حينما أقدمت قوات إسرائيلية على اقتحام باحات المسجد الأقصى، حيث يعتكف المئات من الفلسطينيين، ما أدى إلى جرح أكثر من 306 أشخاص.

وتعود أسباب هذه التوترات في معظمها إلى مساعي مستوطنين يهود من خلال المحاكم لطرد الأسر الفلسطينية من منازلها في حي الشيخ جراح شرقي القدس.

أنتوني بلينكن: لإسرائيل الحق في الدفاع عن شعبها وأراضيها من الهجمات

وأثار قرار محكمة إسرائيلية في وقت سابق من العام الجاري بدعم مطالب المستوطنين غضب الفلسطينيين. وكان من المقرر عقد جلسة للمحكمة العليا الاثنين للنظر في استئناف عائلات فلسطينية ما خاطر بالمزيد من إشعال التوتر القائم بالفعل. لكن وزارة العدل قررت الأحد تأجيل الجلسة في ضوء “الظروف”.

ويرى محللون فلسطينيون أن المواقف الأميركية حيال التطورات الجارية في القدس تشكل خيبة أمل كبيرة، لاسيما وأنه كان هناك رهان كبير على أن تتبنى الإدارة الديمقراطية بقيادة جو بايدن نهجا مختلفا عن الإدارة الجمهورية السابقة، التي عملت على منح إسرائيل أكثر مما كانت تتوقعه لجهة الاعتراف بالقدس بشقيها عاصمة لإسرائيل، أو في إعلانها عن خطة سلام لم تكن سوى إجهاض لحلم دولة فلسطينية مستقلة.

يقول المحللون إنه كان هناك تطلع لأن تقدم إدارة بايدن على خطوات تعيد نوعا من التوازن للسياسة الأميركية تجاه ملف الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، بيد أن الخطوات الأخيرة أكدت بما لا يدعو للشك أن إدارة بايدن لا تختلف كثيرا عن سابقتها في محاباتها وتحيزها للجانب الإسرائيلي.

وعلى خلاف التوقعات السابقة لم تبد الإدارة الأميركية بقيادة بايدن، منذ تسلم مهامها في يناير الماضي، أي اهتمام بإيلاء ملف الصراع الإسرائيلي الفلسطيني المكانة المرجوة، باستثناء تراجعها عن بعض القرارات التي اتخذتها إدارة دونالد ترامب كاستئناف الدعم لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين.

وأظهرت هذه الإدارة في الأشهر الأخيرة أن هذا الملف ليس من ضمن أولوياتها على الأقل خلال الفترة الأولى من إدارتها، رغم أنها لا تزال على نهج الحكومات الديمقراطية في تبني خيار حلّ الدولتين.

وكان ضعف الاهتمام الأميركي بالقضية الفلسطينية دفع الرئيس محمود عباس إلى التراجع في وقت سابق عن قرار إجراء الانتخابات العامة التي كان أعلن عنها في يناير على أمل التسويق لنفسه للإدارة الجديدة بأنه رجل ديمقراطي ورجل سلام.

وأعلن عباس قبل أيام عن تأجيل الانتخابات بذريعة عدم سماح إسرائيل بإجرائها في القدس الشرقية، وهي ذريعة يقول منتقدوه إن الغاية منها التملص من استحقاقات كان يمكن أن تطيح بقبضته على السلطة الفلسطينية.

واعتبر منتقدو عباس أن أبومازن والحلقة الضيقة المحيطة به، نجحا في تمرير التأجيل على الرغم من المعارضة الداخلية ومن الاتحاد الأوروبي، بفضل موقف واشنطن نفسها التي لم تكن متحمسة لهذه الاستحقاقات حيث كانت تخشى أن تقود إلى تغير في ستاتيكو القائم على مستوى السلطة الفلسطينية كصعود حركة حماس، وهي ترى أنها لا تملك ترف التعاطي مع هذا التحدي في الوقت الراهن حيث أن تركيزها في المنطقة منصب على ملفات حارقة أخرى على غرار الملف النووي الإيراني.

ورغم مواقفها المعلنة من التطورات الجارية، يرجح مراقبون أن تتحرك الإدارة الأميركية في محاولة لاحتواء التصعيد المتفجر الذي يتدحرج نحو المزيد من العنف، الذي سيشكل إحراجا كبيرا لها في حال خرج الوضع عن السيطرة تماما.

وكشفت وكالة الأنباء الفلسطينية “وفا” تسلم الرئيس محمود عباس، الثلاثاء رسالة خطية من الرئيس جو بايدن تناولت، بحسب الوكالة، آخر التطورات السياسية والأوضاع الراهنة والعلاقات الثنائية، وهذه أول رسالة يتلقاها عباس من بايدن.

2