التصعيد في إدلب يضع اتفاق أستانة على المحك

دمشق - مواصلة النظام السوري لغاراته الجوية بدعم روسي على شمال غرب البلاد، يضع اتفاق أستانا على المحك، كما يعزز فرضية نشوب خلافات بين الدول الراعية لهذا الاتفاق وهي روسيا وتركيا وإيران.
ويأتي التصعيد من الجانب السوري، رغم مطالبة وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو، نظيره الروسي سيرغي لافروف، بإيقاف الهجمات التي تستهدف منطقة خفض التصعيد شمالي سوريا.
وكانت أعلنت الدول الضامنة لمسار أستانة (تركيا وروسيا وإيران)، توصلها إلى اتفاق على إنشاء منطقة خفض تصعيد شمالي البلاد، وفقًا لاتفاق موقع في مايو 2017.
وفي إطار الاتفاق، تم إدراج إدلب ومحيطها (شمال غرب)، ضمن "منطقة خفض التصعيد"، إلى جانب أجزاء محددة من محافظات حلب وحماة واللاذقية.
ويسعى النظام السوري إلى بسط نفوذه من جديد على آخر معقل للمعارضة شمال غرب البلاد. كما تجدر الإشارة إلى أن هذه المنطقة تحت سيطرة هيئة تحرير الشام التي خرجت من رحم جبهة النصرة سابقا، والتي كانت تابعة لتنظيم القاعدة حتى عام 2016.

وأنشأ الاتفاق الروسي التركي منطقة منزوعة السلاح كان على هيئة تحرير الشام الانسحاب منها، الأمر الذي فرض على تركيا مهمة معالجة المشكلة، وفي الوقت نفسه ترك منطقة الشمال الغربي في نطاق النفوذ التركي.
غير أن صبر روسيا بدأ ينفد على ما اعتبرته تقاعسا تركيا عن تحجيم هيئة تحرير الشام، كما أن دمشق التي تعهدت باسترداد "كل شبر" من الأراضي السورية، أبدت استياءها علانية من الوضع القائم.
وسط تصاعد المخاوف الدولية من كارثة إنسانية محتملة في إدلب في ظل التصعيد غير المسبوق لقوات الأسد في منطقة كانت تشمل اتفاق خفض التصعيد من دول قمة "أستانة".
وواصل الطيران السوري الجمعة استهداف ريف إدلب شمال البلاد بالبراميل المتفجرة، تزامنا مع استهداف طائرات النظام الحربية بالرشاشات الثقيلة لأماكن عدة في المنطقة.
كما نفذت طائرات روسية حربية غارات عدة على أماكن في بلدتي الهبيط والقصابية بالقطاع الجنوبي من ريف إدلب، وتتعرض أماكن في البلدتين منذ لقصف بري مكثف بعشرات القذائف الصاروخية والمدفعية.

وفي ظل هذا التصعيد، كان قرر مجلس الأمن الدولي عقد جلسة طارئة بشأن سوريا مع تنامي الضربات الجوية ضد المناطق التي تسيطر عليها المعارضة، بناء على طلب ألمانيا والكويت وبلجيكا، التي تشترك في المسؤولية عن القضايا الإنسانية في الأجندة السورية بمجلس الأمن المؤلف من 15 عضوا.
وقال متحدث باسم المجلس إن الجلسة ستعقد اليوم الجمعة.
وتأتي هذه الخطوة في الوقت الذي تتقدم فيه قوات الحكومة السورية، مدعومة بضربات جوية مكثفة، في مناطق المعارضة في محافظة حماة بوسط سورية.
وكانت الحكومة السورية وحليفتها روسيا بدأتا الأسبوع الماضي موجة هجمات على معقل المعارضة في محافظتي إدلب وحماة، حيث تعرضت المستشفيات والمراكز الصحية هناك للقصف.
من جانبه، حذر رئيس لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة الخاصة بسوريا من أن صراعاً شاملاً في آخر معقل رئيسي لمقاتلي المعارضة في محافظة إدلب "يمكن أن يولد كارثة حقوقية وإنسانية لا يمكن تصورها".
وقال باولو بينيرو إن هذا من شأنه على الأرجح تضخيم انتهاكات حقوق الإنسان على "نطاق واسع".
كما أعرب عن قلقه بشأن عشرات الآلاف من المدنيين الذين شردوا خلال الحملة الأخيرة لطرد متطرفي تنظيم "داعش" من الأراضي التي كانوا يسيطرون عليها في شمال سوريا.