التصعيد ضد الأكراد يمهد لإزالة آخر الخلافات بين أردوغان والأسد

أنقرة على استعداد لمقايضة التنسيق ضد قسد بالفصائل السورية الموالية لها.
الأربعاء 2023/09/27
أي مصير للفصائل الموالية لتركيا

أنقرة– يعكس الاهتمام الإعلامي والسياسي التركي بالهجوم الذي تشنه قوات العشائر العربية المدعومة من دمشق على مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في دير الزور رغبة تركيا في إيجاد أرضية مشتركة بينها وبين سوريا لإزالة آخر الخلافات بين البلدين. وتعد مواجهة قوات سوريا الديمقراطية من المرات النادرة التي تلتقي فيها أنقرة ودمشق على أرضية مشتركة في السنوات الأخيرة.

وفيما تسعى تركيا لإضعاف القوة الكردية المتزايدة على حدودها تريد سوريا بدورها إضعاف القوات الكردية واستعادة الأراضي التي تسيطر عليها وخاصة ثروة النفط والغاز التي تستأثر بها لنفسها بدعم أميركي.

وقبل أيام أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن دعمه لقوات العشائر العربية في معاركها مع قسد، وقال إنهم (أبناء العشائر العربية) “أصحاب تلك المناطق الأصليون”، وإن “السيد (فلاديمير) بوتين أكد أيضا أهمية أن تتحد العشائر العربية باعتبارها صاحبة المنطقة”، في رسالة تهدف إلى فتح قنوات التواصل مع دمشق وتليين موقف الرئيس السوري بشار الأسد باستدعاء رأي الرئيس الروسي.

إظهار الوقوف إلى جانب الأسد يهدف إلى تسهيل التفاوض بشأن القضايا الخلافية الأخرى، ومن بينها عودة اللاجئين

وأكد وزير الخارجية التركي هاكان فيدان أن ما يحدث في دير الزور هو تحرك وخطوة من قبل العشائر العربية للدفاع عن أراضيها، مضيفًا أن موقف العشائر “نضال مشرّف من خلال اتحادها معًا”.

ويرى مراقبون أن هذه التصريحات تهدف إلى إظهار الوقوف إلى جانب الأسد في ملف دير الزور على أمل أن يقود ذلك إلى تسهيل التفاوض بشأن القضايا الأخرى، بما فيها لقاء أردوغان – الأسد وعودة اللاجئين وانسحاب القوات التركية من الأراضي السورية.

وفي مقابل التهدئة مع الأسد والاتفاق على مواجهة مشتركة للأكراد لا يستبعد أن يضحي الرئيس التركي بالفصائل السورية الموالية لبلاده دون ضمانات ودون معرفة ما إذا كانت عودتها ستتم ضمن مصالحة سورية – سورية أم سيتم التعامل معها وفق الخيار الأمني، ما يمكّن الأسد من فرصة كبيرة لتصفية خصومه.

وفي ما يشبه العتاب قال أردوغان إن الأسد “لا يتبنى نهجا إيجابيا” تجاه تطبيع العلاقات مع بلاده، وإنه “يتابع من بعيد الخطوات المتخذة ضمن الصيغة التركية – الروسية – الإيرانية – السورية”، في إشارة إلى اللقاءات بين قادة الدول الأربع.

وشجعت موسكو، الحليف الرئيسي للأسد، على المصالحة مع أنقرة. لكن دمشق تشترط انسحاب القوات التركية انسحابا كاملا لاستعادة العلاقات.

وتراهن أنقرة على جلب الأسد إليها في ظل موقف دمشق الرافض لما يقوم به الأميركيون في مناطق سيطرة الأكراد من “انتهاك فاضح لسيادة سوريا ووحدة وسلامة أراضيها”، كما جاء في بيان الخارجية السورية ردا على زيارة وفد أميركي إلى مناطق سيطرة الأكراد تحت عنوان “الوساطة” بين قسد ومسلحي العشائر.

هل يتخلى الرئيس التركي بالفصائل السورية الموالية لبلاده دون ضمانات
هل يتخلى الرئيس التركي عن الفصائل السورية الموالية لبلاده دون ضمانات

واتهم البيان الإدارة الأميركية بأنها “تسرق ثروات الشعب السوري ومقدراته وتفرض إجراءات قسرية أحادية الجانب غير شرعية ولا إنسانية ولا أخلاقية، والتي تساهم بقتل السوريين دون رحمة”.

ويشتكي أبناء العشائر العربية من الإدارة التي يقودها الأكراد، قائلين إنها تمارس التمييز ضدهم ولا تمنحهم حصتهم من الثروة النفطية.

ونقلت وكالة أنباء الأناضول عمن وصفتهم في تقرير سابق بأنهم خبراء وباحثون سوريون أن التطورات الحاصلة منذ أيام في محافظة دير الزور (شرق) هي انتفاضة عشائرية ضد المجموعات الكردية.

وتحدث الخبراء عن “تهميش للمنطقة وظلم وعدم شعور بالعدل وعدم توظيف الكفاءات”، وأن “الخدمات في المؤسسات غير كافية”، وعن مشاكل في التعليم، وضرورة “تنفيذ المطالب الشعبية، ووقف إراقة الدماء”. كما طالبوا بإظهار مصير “مئات من شباب المنطقة المختفين والمغيبين في سجون” كردية.

وقتل 25 شخصا، غالبيتهم من مسلحي العشائر، في اشتباكات مع قسد استمرت عدة ساعات في محافظة دير الزور، وفق ما أفاد به المرصد السوري لحقوق الإنسان الثلاثاء.

مواجهة قوات سوريا الديمقراطية من المرات النادرة التي تلتقي فيها أنقرة ودمشق على أرضية مشتركة في السنوات الأخيرة

وإثر انتهاء الاشتباكات، التي اندلعت الاثنين واستمرت حتى فجر الثلاثاء، عززت قسد انتشارها في المنطقة. وأعلنت صباح الثلاثاء “طرد مسلحي النظام من بلدة الذيبان بعد ساعات من تسللهم” من مناطق سيطرتهم.

وقال مدير المرصد السوري رامي عبدالرحمن إن “مسلحين موالين لقوات النظام السوري عبروا الاثنين نهر الفرات باتجاه مناطق سيطرة قسد واشتبكوا معها”.

وتضم المجموعات التي عبرت الفرات مقاتلين عربا محليين ممن خاضوا المواجهات قبل أسابيع وانسحبوا لاحقا إلى مناطق سيطرة النظام.

ويقطع نهر الفرات محافظة دير الزور الحدودية مع العراق، وهي ذات غالبية عربية وتوجد فيها العشرات من العشائر العربية. وتقع فيها أبرز حقول النفط السورية.

وتسيطر قسد على الضفة الشرقية للفرات التي انتزعتها إثر معارك عنيفة مع تنظيم داعش انتهت في 2019 بإعلان القضاء على “الخلافة”.

وتتواجد قوات التحالف الدولي، وأبرزها القوات الأميركية، في المنطقة، وخصوصا في قاعدة في حقل العمر النفطي وأخرى في حقل كونيكو للغاز.

وتسيطر قوات النظام السوري على الضفة الغربية للفرات التي تُعد أبرز مناطق نفوذ إيران والمجموعات الموالية لها من جنسيات متعددة، عراقية وأفغانية وباكستانية، في سوريا.

وتتولّى الإدارة الذاتية الكردية وقسد التي تشكّل جناحها العسكري إدارةَ مناطق تسيطر عليها في شمال سوريا وشمال شرقها عبر مجالس محلية مدنية وعسكرية، وخصوصا في المناطق العربية، في محاولة لتفادي الحساسية العربية – الكردية.

1