التصعيد بين إيران وإسرائيل يغطي على حرب غزة

معاناة سكان غزة، وخاصة بالنسبة إلى النازحين في رفح، تستمر باستمرار الاستهداف الإسرائيلي اليومي، في حين ينشغل العالم بالتصعيد بين إيران وإسرائيل ويعمل على الحد منه.
غزة/ رام الله - تقلص الحديث عن غزة وأخبار المعاناة التي يعيشها السكان في القطاع بسبب استمرار الحرب في ظل التصعيد بين إيران وإسرائيل وتركيز الدول المتدخلة في الموضوع الفلسطيني على التحرك لمنع قيام حرب في المنطقة.
ومرت عرقلة الطلب الفلسطيني بالعضوية في الأمم المتحدة بعيدا عن الأضواء ما دفع الرئيس الفلسطيني محمود عباس السبت إلى القول إن سلطته “ستعيد النظر” في العلاقات الثنائية مع واشنطن غداة الفيتو الأميركي ضد منح الفلسطينيين عضوية كاملة في الأمم المتحدة.
وقُتل تسعة أفراد من عائلة واحدة بينهم ستة أطفال بضربة إسرائيلية على منزلهم في مدينة رفح في جنوب قطاع غزة. فهناك يموت السكان جراء القصف الجوي قبل الهجوم البري الإسرائيلي المرتقب.
ويتكدّس في رفح حالياً أكثر من 1.5 مليون نازح فلسطيني بحسب الأمم المتحدة، ويعيشون في ظروف سيئة جداً حيث يعانون من نقص المياه والطعام والأدوية وأماكن السكن. ويقطن مليون من هؤلاء النازحين في خيام أو بالقرب من ملاجئ أقامتها منظمات غير حكومية.
وكانت رفح الواقعة على الحدود المصرية تضم 250 ألف نسمة قبل اندلاع الحرب بين إسرائيل وحركة حماس في السابع من أكتوبر إثر هجوم غير مسبوق شنّته حماس على جنوب إسرائيل. وبعيد اندلاع الحرب، أبلغت إسرائيل الفلسطينيين المقيمين في شمال غزة بوجوب الانتقال إلى “مناطق آمنة” في جنوب القطاع على غرار رفح، لكن القصف لم يتوقف في مختلف أنحاء القطاع.
وغالباً ما تتعرّض مدينة رفح لضربات إسرائيلية على غرار الضربة الليلية التي استهدفت عائلة رضوان التي تضم في غالبيتها أطفالاً ونساء باغتهم الموت. وأفاد المتحدث باسم الدفاع المدني في غزة محمود بصل بأن طائرات إسرائيلية استهدفت “شقة سكنية تعود لعائلة رضوان ما أدى إلى ارتقاء 9 من المواطنين المدنيين الآمنين”، مشيرا إلى “انتشال 9 مواطنين منهم 6 أطفال” من بين الأنقاض في حي تل السلطان.
وأعلن مستشفى النجار في رفح أن القتلى هم خمسة أطفال تتراوح أعمارهم بين سنة وسبع سنوات وفتاة تبلغ 16 سنة وامرأتان ورجل. وأمام المستشفى أفاد مراسل وكالة فرانس برس بمشاهدة أشخاص يحيطون بأكياس صغيرة للجثث وهم يبكون، فيما يُسمع هدير طائرات تحلق في الأجواء.
وقال أحد السكان ويدعى أبومحمد زيادة "الناس كانوا نائمين”. وأضاف “كما ترى لا مقاتلين بينهم ولا حتى رجال سوى واحد وهو رب الأسرة وكلهم أطفال ونساء".
وعلى مسافة غير بعيدة، شعر وسام العرجه بأن ساعته دنت، فقد أبلغه ضابط إسرائيلي أمراً بمغادرة منزله خلال 15 دقيقة لأن الجيش سيقصفه. وبعد ساعة من تلقيه التحذير، سقطت قنبلة على المنزل. وبحث العرجه السبت مع أفراد عائلته بين الأنقاض في محاولة لاستعادة بعض الأغراض: فهنا معطف غطاه الغبار أخرجه طفل من تحت الأنقاض، وهناك بطانيات وكوب ومقلاة في حالة جيدة رغم الدمار الذي تعرّض له المبنى.
◙ نتنياهو يهدد بعملية عسكرية في رفح التي يتكدس فيها حالياً أكثر من نصف سكان القطاع رغم المعارضة الدولية
ويهدّد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بعملية عسكرية في مدينة رفح التي يتكدس فيها حالياً أكثر من نصف سكان القطاع، ومعظمهم نازحون هربوا من المعارك في أنحاء أخرى منه. وتعارض منظمات غير حكومية وعدد متزايد من الدول هذه العملية خوفاً من أن تؤدي إلى سقوط أعداد كبيرة من المدنيين.
سياسيا، قال الرئيس عباس خلال مقابلة أجرتها معه وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا) إن “القيادة الفلسطينية سوف تعيد النظر في العلاقات الثنائية مع الولايات المتحدة، بما يضمن حماية مصالح شعبنا، وقضيتنا وحقوقنا". لكنه سيكون من الصعوبة بمكان على عباس أن يدير ظهره للولايات المتحدة ما دامت السلطة الفلسطينية تحتاج إلى دعم مالي أميركي.
ولا ينفك يضيق هامش المناورة السياسية لعباس البالغ 88 عاما في حين يندّد فلسطينيون بـ"عجزه" عن التصدي للغارات الإسرائيلية في قطاع غزة وتزايد أعمال العنف في الضفة الغربية المحتلة. وفي نوفمبر 2012 نال الفلسطينيون وضع "دولة مراقب غير عضو" في الأمم المتحدة، وكانوا يسعون من خلال إعادة تحريك الملف في مجلس الأمن إلى الحصول على عضوية كاملة في الهيئة الأممية.
لكن الولايات المتحدة التي بذلت جهودا كثيرة لتأخير التصويت، لم تتردد في استخدام حق النقض الذي عادة ما تلجأ إليه لحماية حليفتها إسرائيل.
وعقب التصويت قال السفير الفلسطيني لدى الأمم المتحدة رياض منصور إن هذا الرفض “لن يكسر إرادتنا ولن يوقف إصرارنا. لن نوقف جهودنا. دولة فلسطين حتمية، إنها حقيقة". وقال عباس في المقابلة إن “مواقف الإدارة المعادية خلقت غضبا غير مسبوق لدى الشعب الفلسطيني، وشعوب المنطقة، بما يمكن أن يدفع المنطقة نحو المزيد من عدم الاستقرار، وتعزيز الفوضى والإرهاب".
وأضاف الرئيس الفلسطيني "سوف تضع القيادة الفلسطينية إستراتيجية جديدة لحماية القرار الوطني الفلسطيني المستقل، والسير وفق أجندة فلسطينية وليس وفق رؤية أميركية، أو أجندات إقليمية، فلن نبقى رهائن لهذه السياسات التي ثبت فشلها، وانكشفت للعالم أجمع".
بدورها أدانت حركة حماس الفيتو الأميركي في بيان مقتضب جاء فيه أن "شعبنا الفلسطيني سيواصل نضاله حتى يدحر الاحتلال وينتزع حقوقه ويُقيم دولته الفلسطينيّة المستقلّة كاملة السيادة وعاصمتها القدس". وتقول الولايات المتحدة إن موقفها ما زال على حاله منذ أن قدّم عباس طلب نيل العضوية الكاملة في الأمم المتحدة في العام 2011 في مسعى لم يبلغ مرحلة العرض على مجلس الأمن.
والخميس قال نائب السفير الأميركي روبرت وود إنّ "هذا التصويت لا يعكس معارضةً للدولة الفلسطينيّة، بل هو اعتراف بأنّه لا يُمكن لها أن تنشأ إلّا عبر مفاوضات مباشرة بين الطرفَين" المعنيَّيْن. من جهتها ترفض الحكومة الإسرائيلية المحافظة المتشددة التي يرأسها بنيامين نتنياهو ومتوترة العلاقات بينها وبين الأمم المتحدة، أيّ حديث عن حل (قيام) دولتين في الوقت الراهن.