التشاؤم حول مستقبل الهدنة يغطي على تبادل الأسرى بين حماس وإسرائيل

وجود وفد حماس في طهران يلقي بظلاله على عمل الوسطاء.
الأحد 2025/02/09
الصورة سلبية هذه المرة

عمليات تسليم الرهائن لم تعد تشد الأنظار كما في الخطوات الأولى. وما قدمته حماس في السابق من استعراض نجح بسبب الأوضاع الصحية الجيدة للرهائن، لكن هذه المرة النتيجة عكسية بسبب ما بدا على المفرج عنهم من ضعف وهزال.

غزة/القدس/القاهرة - سلمت حركة حماس ثلاثة رهائن إسرائيليين السبت وسط حالة من الصدمة في إسرائيل بسبب مظهرهم الهزيل بعد إطلاق سراحهم على الهواء مباشرة في أحدث مرحلة من اتفاق لوقف إطلاق النار يهدف إلى إنهاء الحرب التي استمرت 15 شهرا في غزة.

ورددت حماس نفس اتهامات إسرائيل بشأن الظروف الصعبة التي يعيشها الأسرى الفلسطينيون في وقت لا يبدو فيه أن استئناف المرحلة الثانية من المفاوضات بشأن الهدنة سيكون فعالا بالرغم من التصريحات القطرية.

لكن ما يلقي بظلاله أكثر على مسار الهدنة وجهود الوسطاء هو وجود وفد كبير من حماس في إيران، في إشارة إلى أن الحركة ما تزال ترتبط بطهران وترى فيها حليفا ثابتا، وهو ما من شأنه أن يثير غضب الولايات المتحدة وإسرائيل.

وذكر التلفزيون الرسمي الإيراني أن المرشد الأعلى علي خامنئي التقى مع خليل الحية القائم بأعمال رئيس حماس واثنين من قياديي الحركة في طهران السبت.

وقال خامنئي، الذي تدعم بلاده حماس في حربها مع إسرائيل، للوفد الفلسطيني “لقد هزمتم النظام الصهيوني (إسرائيل)، وهو ما كان في الواقع هزيمة لأميركا. لم تسمحوا لهم بتحقيق أي من أهدافهم“.

وقال التلفزيون الإيراني إن القادة الفلسطينيين يزورون طهران لتهنئة خامنئي بمناسبة ذكرى الثورة الإيرانية عام 1979. وعبّروا عن امتنانهم لدعم إيران المستمر للحركة.

◙ العشرات من مقاتلي حماس انتشروا في دير البلح بوسط غزة، حيث جرى تسليم الرهائن إلى الصليب الأحمر

وقدم الوفد، الذي ضم أيضا محمد درويش رئيس مجلس شورى حماس والقيادي بالحركة نزار عوض الله، لخامنئي تقريرا عن الوضع الحالي في غزة والضفة الغربية، و”الانتصارات والنجاحات التي تحققت“.

ونقل التلفزيون عن الحية قوله لخامنئي “أتينا للقائكم اليوم بفخر“. ووفقا لوسائل إعلام إيرانية، قال خامنئي إن التهديدات الأميركية ضد إيران “ليس لها تأثير على عقلية أمتنا“. وغطى هذا الحراك على عملية تبادل الأسرى هذه المرة، التي لم تحظ بالاهتمام كسابقاتها بسبب أوضاع المفرج عنهم.

والرهائن هم أوهاد بن عامي وإلياهو شرابي، وكان قد احتجزهما مسلحون من داخل تجمع بئيري السكني خلال هجوم عبر الحدود في السابع من أكتوبر 2023، وأور ليفي الذي احتُجز في اليوم ذاته بينما كان يحضر مهرجان نوفا الموسيقي.

وتوجه الرهائن برفقة مسلحين صوب منصة أقامتها الحركة وبدت عليهم ملامح الهزال والضعف والشحوب، وكانت حالتهم أسوأ من حالة 18 رهينة أُفرج عنهم سابقا ضمن اتفاق أُبرم الشهر الماضي.

وقالت ميكال كوهين، حماة أوهاد بن عامي، للقناة 13 الإخبارية بينما كانت تشاهد مراسم التسليم التي نظمتها حماس “بدا وكأنه هيكل عظمي، كان من المؤلم رؤيته.” ووقف الرهائن الثلاثة على المنصة حيث أجابوا على أسئلة طرحها أحد الملثمين بينما أحاط بهم مسلحون من الجانبين.

وانتشر العشرات من مقاتلي حماس الملثمين والمسلحين في دير البلح بوسط غزة، حيث جرى تسليم الرهائن إلى اللجنة الدولية للصليب الأحمر التي سلمتهم بدورها إلى القوات الإسرائيلية في غزة.

ثم نُقل الرهائن في سيارات اللجنة الدولية إلى القوات الإسرائيلية وإلى إسرائيل حيث تم جمع شملهم مع أفراد أسرهم وسط دموع وابتسامات، ثم نُقلوا جوا إلى المستشفيات. وقالت جيولا، والدة أور ليفي، وهي تعانق ابنها، “افتقدناك كثيرا“.

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن مشهد الرهائن الثلاثة وهم في حالة ضعف وهزال صادم ولن يمر مرور الكرام. ووصف الرئيس الإسرائيلي إسحق هرتسوغ مراسم تسليم الرهائن بأنها مثيرة للاستهجان ووحشية وقال “هكذا تبدو الجريمة ضد الإنسانية“.

وتفرج إسرائيل في المقابل عن 183 سجينا فلسطينيا، بعضهم يقضون أحكاما في قضايا تتعلق بالمشاركة في هجمات أدت إلى مقتل العشرات من الناس، إضافة إلى 111 جرى إلقاء القبض عليهم في قطاع غزة خلال الحرب.

باسم نعيم: عدم التزام إسرائيل بتطبيق كافة بنود اتفاق الهدنة يعرض وقف إطلاق النار في غزة لخطر الانهيار
باسم نعيم: عدم التزام إسرائيل بتطبيق كافة بنود اتفاق الهدنة يعرض وقف إطلاق النار في غزة لخطر الانهيار

وأكدت حركة حماس، السبت، أن تدهور الحالة الصحية للأسرى الفلسطينيين المحررين من سجون إسرائيل يدل على الظروف المأساوية التي يعانون منها داخل المعتقلات.

وقالت الحركة في بيان “ما ظهر من تردٍ للحالة الصحية لأسرانا المحررين في صفقة التبادل التي جرت ظهر هذا اليوم ضمن الدفعة الخامسة وما سبقها، يكشف مجددا عن الحالة المأساوية التي يعيشها أسرانا داخل سجون الاحتلال“.

واستقبلت حشود مبتهجة الحافلات عند وصولها إلى غزة، واحتضنت السجناء المفرج عنهم عند نزولهم، وكان بعضهم يبكون فرحا ويمزقون أساور السجن حمل معاصمهم.

وقال عضو المكتب السياسي لحماس ووزير الصحة السابق في غزة باسم نعيم السبت إن “عدم التزام” إسرائيل بتطبيق كافة بنود اتفاق الهدنة يعرض وقف إطلاق النار في غزة لخطر الانهيار، في حين لم تبدأ بعد المحادثات في شأن مرحلته الثانية.

وفي مقابلة مع وكالة فرانس برس، حذّر نعيم من أن الاتفاق في خطر، لكنه قال إن الحركة الفلسطينية لا تريد العودة إلى الحرب.

وفي رام الله بالضفة الغربية، استقبلت حشود من الناس حافلة تقل 42 سجينا فلسطينيا محررا. ومن بين السجناء الفلسطينيين المفرج عنهم السبت إياد أبو شخيدم، الذي حكم عليه 18 حكما بالسجن مدى الحياة في إسرائيل بتهمة التخطيط لهجمات انتحارية انتقاما لاغتيال إسرائيل لقادة من حماس في 2004.

وقال أبو شخيدم للصحافيين عند وصوله إلى رام الله “اليوم أعلن ميلادي“. وتابع “الأسرى بيعانوا، بيهينوهم بيذلوهم… ذلونا في هاي السنة أو السنة ونص وقطعونا عن كل العالم… من 7 عشرة لليوم ما بنعرف شي عن بره“.

وبدا العديد من السجناء المفرج عنهم في حالة صحية سيئة، واشتكى بعضهم من سوء المعاملة. وقال الهلال الأحمر الفلسطيني إنه نقل ستة من السجناء الاثنين والأربعين إلى المستشفيات.

والعودة بالنسبة إلى بعض الرهائن مؤلمة. فقد قتلت ابنتا شرابي وزوجته المولودة في بريطانيا في هجوم حماس على تجمع بئيري السكني، حيث قتل عُشر السكان. ويعود ليفي لابنه البالغ من العمر ثلاث سنوات بعد مقتل زوجته في هجوم السابع من أكتوبر 2023.

وعملية التبادل هي الأحدث في سلسلة أعادت حتى الآن 16 رهينة إسرائيلية بالإضافة إلى خمسة تايلانديين خُطفوا خلال هجوم حماس و583 سجينا ومحتجزا فلسطينيا.

ورغم العثرات، فإن المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن التي تستمر 42 يوما لا تزال صامدة منذ دخول الاتفاق حيز التنفيذ قبل ثلاثة أسابيع تقريبا. وأبرم الاتفاق بدعم من الولايات المتحدة ووساطة مصر وقطر.

◙ المخاوف من انهيار الاتفاق قبل إطلاق سراح جميع الرهائن تزايدت منذ دعوة ترامب المفاجئة لنقل الفلسطينيين من غزة

لكن المخاوف من انهيار الاتفاق قبل إطلاق سراح جميع الرهائن تزايدت منذ دعوة الرئيس الأميركي دونالد ترامب المفاجئة لنقل الفلسطينيين من غزة وتسليم القطاع للولايات المتحدة وتطويره ليكون “ريفييرا الشرق الأوسط” قبل أن يكتشف العالم أن تلك الدعوة ليست سوى زوبعة للفت الأنظار.

وينص اتفاق وقف إطلاق النار على إطلاق سراح 33 طفلا وامرأة ورجلا مسنا إسرائيليا خلال مرحلة أولية مقابل ما يقرب من 2000 سجين ومحتجز فلسطيني.

وبدأت المفاوضات بشأن المرحلة الثانية قبل أيام بهدف إعادة الرهائن المتبقين والاتفاق على الانسحاب الكامل للقوات الإسرائيلية من غزة استعدادا لإنهاء الحرب بشكل نهائي.

وكان مسلحون بقيادة حماس هاجموا إسرائيل في السابع من أكتوبر 2023، مما أدى وفقا لإحصاءات إسرائيلية إلى مقتل نحو 1200 شخص واحتجاز أكثر من 250 رهينة.

وردت إسرائيل بشن حرب جوية وبرية على غزة أسفرت عن مقتل أكثر من 47 ألف فلسطيني، بحسب السلطات الصحية في غزة، ودمرت أجزاء كبيرة من القطاع الضيق.

3