التسويف يؤجل الانتخابات الليبية دون توجيه اللوم إلى أحد

طرابلس – وصفت أوساط سياسية ليبية اقتراح مفوضية الانتخابات تأجيل الانتخابات إلى الرابع والعشرين من يناير المقبل بأنه تسويف يؤجل الاستحقاقات دون توجيه اللوم إلى أي جهة سياسية أو قضائية أو تنظيمية.
ولفتت هذه الأوساط إلى أن هذا “الانزلاق” الذي يشهده موعد الانتخابات سيكون فرصة للتخلص من كل الأعذار التي قدمتها الأطراف السياسية لتأجيل الانتخابات وفي مقدمتها مجلس النواب، مشيرة إلى أن المجتمع الدولي -وخاصة الولايات المتحدة- قبل بالتأجيل ليقول لليبيين “بعد شهر استنفدتم أعذاركم السياسية والقانونية والآن لا مفر من إجراء الانتخابات”.
وتقدمت المفوضية الوطنية العليا للانتخابات في ليبيا الأربعاء باقتراح إلى مجلس النواب لتأجيل الانتخابات الرئاسية إلى الرابع والعشرين من يناير بدلًا من موعدها المقرر غدا الجمعة.
وتزامن اقتراح المفوضية مع إعلان لجنة نيابية استحالة إجراء الانتخابات الرئاسية في الوقت الحالي، بسبب ظروف مرتبطة بتقارير فنية وقضائية وأخرى أمنية.
وأوضحت المفوضية في بيان صحافي أنها “تقترح بالتنسيق مع مجلس النواب تأجيل يوم الاقتراع (الجولة الأولى) إلى الرابع والعشرين من شهر يناير 2022، على أن يتولى مجلس النواب اتخاذ الإجراءات بإزالة ‘القوة القاهرة’ التي تواجه استكمال العملية الانتخابية”.
كما أكدت المفوضية أن قراراتها المتعلقة باستبعاد عدد من المترشحين الذين لا تنطبق عليهم الشروط أوجدت حالة من عدم اليقين؛ حيث ساد الاعتقاد في أن قرارات الاستبعاد “جانبها الصواب”.
ولم تنشر المفوضية “القوائم النهائية” للمترشحين الذين بلغ عددهم 98 مترشحًا، وتقلص العدد بعد الاستبعادات إلى 73 مترشحًا، كما لم يُسمح بمباشرة الحملة الانتخابية، إلى جانب ارتفاع عدد الشكاوى أمام القضاء والطعون في حق بعض المترشحين.
وأشارت مفوضية الانتخابات إلى أنها لم تتمكن من إعلان القائمة النهائية للمترشحين بسبب ظروف “قاهرة” لخصتها في “التداخل القائم بين المعطيات السياسية والأحكام القضائية الصادرة” بشأن أهلية المترشحين.
تصريحات نورلاند تزيح مسؤولية التأجيل عن كاهل مفوضية الانتخابات تمهيدا لإلقائها على عاتق السياسيين
وجاء إعلان مفوضية الانتخابات بعد انقضاء ساعات على تأكيد لجنة متابعة الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في مجلس النواب الليبي “استحالة” إجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها.
وقال الهادي الصغير رئيس اللجنة، في خطاب رسمي موجه إلى رئيس مجلس النواب، “استنادا إلى الاجتماعات واللقاءات مع مفوضية الانتخابات والمجلس الأعلى للقضاء وكل الأطراف المعنية، وبعد اطلاعنا على التقارير الفنية والقضائية والأمنية، نفيدكم باستحالة إجراء الانتخابات بالموعد المقرر في الرابع والعشرين من ديسمبر”.
وكانت اللجنة البرلمانية قد طالبت قبل نحو أسبوعين بتأجيل الانتخابات لمدة شهر أو أسبوعين.
ويقول مراقبون إن هذه الفترة ستكون كافية لإزالة العوائق أمام إجراء الانتخابات، خاصة بعد أن ذكّرت الولايات المتحدة الليبيين بالتزاماتهم تجاه الانتخابات.
وقال السفير والمبعوث الأميركي إلى ليبيا ريتشارد نورلاند “يتعيّن على القادة الليبيين، نيابة عن الشعب الليبي، التعجيل بإزالة جميع العقبات القانونية والسياسية لإجراء الانتخابات، بما في ذلك وضع اللمسات الأخيرة على قوائم المترشحين للانتخابات الرئاسية”.

وتابع “تشارك الولايات المتحدة قلق وخيبة أمل الغالبية العظمى من الليبيين الذين ينتظرون أن تتاح لهم فرصة التصويت من أجل مستقبل بلدهم، وفي هذه اللحظة الدقيقة من مسار ليبيا إلى الأمام صار من المهم أكثر من أي وقت مضى أن يكون الليبيون يقظين تجاه انتشار المعلومات المضللة التي لا تفيد إلاّ أولئك الذين يرغبون في تعطيل تقدم ليبيا في المستقبل”.
وتزيح تصريحات نورلاند مسؤولية التأجيل عن كاهل مفوضية الانتخابات لإلقائها على كاهل السياسيين، وهو ما يحيل إلى الاجتماع الذي تم الثلاثاء في مدينة بنغازي بين مترشحين للانتخابات الرئاسية.
وفي حين تتضارب الأنباء بشأن دوافع الاجتماع وما إذا كان يهدف إلى بحث تقاسم مناصب الحكومة الجديدة بين هؤلاء المترشحين، يستبعد مراقبون أن يكون الاجتماع قد تم بهدف توزيع المناصب في الحكومة المقبلة، مرجحين أن الهدف منه هو توحيد المواقف بشأن رفض ترشح سيف الإسلام القذافي ورئيس الحكومة عبدالحميد الدبيبة.
وكان السفير الأميركي لوح مؤخرا بضرورة استقالة الدبيبة إذا كان يرغب في استمرار الترشح للانتخابات. واعتبر ذلك بمثابة فيتو أميركي عليه بسبب قربه من موسكو وأنقرة.
ويحسب سيف الإسلام القذافي على روسيا التي طالب وزير خارجيتها صراحة الأسبوع الماضي بضرورة السماح له بخوض الانتخابات.
وطمأن اجتماع بنغازي -الذي ينظر إليه كلبنة أولى للمضي قدما في المصالحة الوطنية- الليبيين بشأن إجراء الانتخابات لكنه أثار مخاوف المتابعين من ردود فعل الأطراف التي سيتم استبعادها والجهات الدولية التي تقف خلفها.
وزار الثلاثاء وزير الداخلية السابق والمترشح للانتخابات فتحي باشاغا ونائب رئيس المجلس الرئاسي أحمد معيتيق المنحدران من مدينة مصراتة لأول مرة منذ 2014 مدينة بنغازي، واجتمعا مع عدد من المترشحين للانتخابات الرئاسية عن المنطقة الشرقية والجنوبية، وفي مقدمتهم قائد الجيش المشير خليفة حفتر.
وانتهى الاجتماع بالتأكيد على أن “المصلحة الوطنية الجامعة فوق كل اعتبار، وكذلك فإن المصالحة الوطنية خيار وطني جامع لا تراجع عنه واستمرار التنسيق والتواصل وتوسيع إطار هذه المبادرة الوطنية لجمع الكلمة ولم الشمل واحترام إرادة الليبيين”.