التسريبات عن انسحاب القوات الأميركية تخدم بغداد وواشنطن

بغداد – يجري حديث عن توصل واشنطن وبغداد إلى تفاهم حول خطة لانسحاب قوات التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة من العراق خلال العامين القادمين، وهو تسريب من مصلحة الطرفين العراقي والأميركي لما يحققه من تنفيس لحالة التوتر القصوى، كما أنه لن يجد اعتراضا إيرانيا خصوصا في هذا التوقيت.
لكن ومثل كل مرة يتم الحديث فيها عن خروج أميركي من العراق يترك الأميركيون قوة أو ثغرة تسمح لهم بالبقاء وتبقي الانسحاب معلقا مثل ما جرى مع اتفاق 2009.
وما يريده العراقيون، بمن في ذلك المغالون في مواقفهم، من انسحاب الولايات المتحدة هو صيغة تعايش منضبطة لأنهم غير واثقين من أن الأمن في العراق يمكن ضبطه بشكل كامل، خصوصا في ما يتعلق بموضوع الإرهاب، من دون وجود أميركي مباشر أو قريب.
ما يريده العراقيون هو صيغة تعايش منضبطة لأنهم غير واثقين من أن الأمن يمكن ضبطه من دون وجود أميركي
وتمارس الفصائل الموالية لإيران ضغوطا على حكومة محمد شياع السوداني من أجل دفعها إلى المطالبة بانسحاب القوات الأميركية. لكن الانسحاب في الوقت الحالي يعتبر أمرا صعبا في ظل تطورات الإقليم.
ويعتبر المراقبون أن واشنطن لن تترك العراق من دون قاعدة عسكرية دائمة لحماية مصالحها ومصالح شركاتها وحلفائها في الإقليم. كما أن القاعدة تتيح لها سرعة التعامل مع أيّ تطورات عسكرية.
وإذا كان عند الولايات المتحدة تردد واحد بشأن مخاطر الانسحاب، فإن هذا التردد يكون قد زال بعد التصعيد الأخير مع إيران والميليشيات الحليفة لها، ومساعيها لاستهداف تمركز القوات الأميركية في المنطقة.
ويشير المراقبون إلى أن قرارا في أهمية الانسحاب من العراق لن يتخذه رئيس يرحل عن البيت الأبيض وقبل شهر من الانتخابات، معتبرين أن الأمر يعود إلى المؤسسة العسكرية والبنتاغون لتقدير إن كان الوضع يسمح باتخاذ خطوات تدريجية لسحب القوات أم لا.
ونقلت رويترز عن مصادر مطلعة قولها إن خطة الانسحاب تتضمن خروج المئات من قوات التحالف بحلول سبتمبر من عام 2025 والبقية بحلول نهاية العام التالي.
وقال مسؤول أميركي كبير “توصلنا إلى اتفاق، وحاليا يتعلق الأمر فقط بموعد الإعلان عنه”. ويسعى البلدان أيضا إلى إقامة علاقة استشارية جديدة قد تسمح ببقاء بعض القوات الأميركية في العراق بعد الانسحاب.
وقالت المصادر إن الإعلان الرسمي كان مقررا في البداية أن يصدر قبل أسابيع لكنه تأجل بسبب التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب الإسرائيلية على قطاع غزة ولتسوية بعض التفاصيل المتبقية، وإن الإعلان عن الاتفاق قد يحدث خلال الشهر الجاري.
وتشمل المصادر خمسة مسؤولين أميركيين ومسؤولين من دولتين أخريين في التحالف وثلاثة مسؤولين عراقيين. وقال فرهاد علاء الدين مستشار رئيس الوزراء العراقي للعلاقات الخارجية إن المحادثات الفنية مع واشنطن حول الانسحاب انتهت. وأضاف “نحن على وشك نقل العلاقة بين العراق وأعضاء التحالف الدولي إلى مستوى جديد يركز على العلاقات الثنائية في المجالات العسكرية والأمنية والاقتصادية والثقافية”.
ويأتي الاتفاق بعد محادثات استمرت أكثر من ستة أشهر بين بغداد وواشنطن وسط هجمات شنتها ميليشيات عراقية مدعومة من إيران على قوات أميركية متمركزة في قواعد بالعراق.
وأسفرت الهجمات باستخدام الصواريخ والطائرات المسيّرة عن مقتل ثلاثة جنود أميركيين وإصابة العشرات، ما أدى إلى عدة جولات من الرد الأميركي القاتل هددت جهود الحكومة الرامية إلى تحقيق الاستقرار في العراق بعد سنوات من الاضطراب.
ولدى الولايات المتحدة نحو 2500 جندي في العراق إضافة إلى 900 في سوريا المجاورة، وذلك في إطار التحالف الذي تشكل في 2014 لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية بعد اجتياحه مساحات شاسعة في البلدين.
وسيطر تنظيم الدولة الإسلامية في مرحلة من الصراع على ما يقرب من ثلث مساحة العراق وسوريا، قبل هزيمته في الأراضي العراقية في نهاية 2017 وفي سوريا في 2019. وقال علاء الدين إن العراق أثبت قدرته على التعامل مع أيّ تهديد لا يزال قائما.