التزام لبناني بإتمام المحادثات مع صندوق النقد الدولي رغم التوترات

بيروت – أعرب رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي عن التزام حكومته بتزويد صندوق النقد الدولي بالأرقام المالية اللازمة قبيل محادثات لانتشال البلاد من الانهيار الاقتصادي، معتبرا أن ما حصل من أحداث واشتباكات بالعاصمة بيروت هو "انتكاسة للحكومة لكن سنتجاوزها".
وقال ميقاتي إن البيانات المالية اللازمة ستُقدم إلى صندوق النقد الدولي "خلال الأيام المقبلة".
جاء ذلك في مقابلة له مع رويترز تعليقا على اشتباكات مسلحة تركزت في منطقة الطيونة، الواقعة بين منطقة الشياح ذات الغالبية الشيعية ومنطقة عين الرمانة - بدارو ذات الغالبية المسيحية ببيروت، وأسفرت عن مقتل 6 أشخاص وإصابة 32 آخرين.
وتصاعد التوتر في لبنان بسبب تحقيق في الانفجار الهائل بمرفأ بيروت في العام الماضي، ليتحول إلى أسوأ أعمال عنف بالشوارع منذ أكثر من عشر سنوات.
وقال ميقاتي "لبنان يمر بمرحلة ليست سهلة بل صعبة، التشبيه كالمريض أمام غرفة الطوارئ، مع تشكيل الحكومة دخلنا غرفة الطوارئ".
وأضاف "لا تزال أمامنا مراحل كثيرة للشفاء التام"، مشيرا إلى أن البنك المركزي لا يملك سيولة من العملة الأجنبية يمكنه استغلالها.
وانهار النظام المالي اللبناني في عام 2019 بعد عقود من الفساد والهدر في الدولة، وتحت وطأة طرق التمويل غير المستدامة.
وعلى مدى العامين الماضيين فقدت العملة اللبنانية أكثر من 90 في المئة من قيمتها، ووصف البنك الدولي الأزمة الاقتصادية بأنها من أسوأ موجات الركود في التاريخ الحديث.
وتوقفت محادثات صندوق النقد الدولي العام الماضي بعدما وضعت الحكومة السابقة خطة للتعافي المالي تتصور خسائر بالقطاع المصرفي بنحو 90 مليار دولار.
وأيد صندوق النقد ذلك، لكن الكثير من الأطراف السياسية الرئيسية اعترضت على حجم الخسائر.
وردا على سؤال عما إذا كان قد تم تحديد رقم جديد للخسائر أو توزيعها، قال ميقاتي إنه لا يمكنه كشف بيانات قبل إطلاع صندوق النقد الدولي عليها.
وكانت شركة لازارد للاستشارات المالية قد أعدت خطة التعافي الأصلية للبنان في العام الماضي، وطُلب منها مواصلة دورها بعد تشكيل حكومة ميقاتي. وقال ميقاتي إنها بانتظار بعض الأرقام ستقدمها الحكومة في الأسبوع القادم لإتمام خطتها.
وأضاف "بصراحة كنت أتمنى (تسليم الأرقام) بالأمس عوضا عن الغد، ولكن بعض الأمور في لبنان اليوم، في ضوء الأوضاع الحاصلة، بعض التأخير حصل خارج عن إرادتنا. ولكن إن شاء الله قريبا ستبدأ المباحثات مع صندوق النقد الدولي رسميا كاملة".
وأعلن الجيش اللبناني في بيان أصدرته قيادته عن توقيف تسعة أشخاص بينهم سوري، على خلفية أحداث الطيونة في بيروت.
وأعلنت وزارة الخارجية السعودية الجمعة أن المملكة تتابع باهتمام الأحداث الجارية في لبنان، وتعرب عن أملها في استقرار الأوضاع بأسرع وقت.
وقالت الخارجية السعودية في بيان "تتطلع المملكة إلى أن يعمّ لبنان الأمن والسلام بإنهاء حيازة واستخدام السلاح خارج إطار الدولة، وتقوية الدولة اللبنانية لصالح جميع اللبنانيين دون استثناء".
وتولت حكومة ميقاتي السلطة الشهر الماضي بعد جمود سياسي على مدى أكثر من عام، وتركز على إحياء المحادثات مع صندوق النقد الدولي لإخراج البلاد من أزمتها المالية العميقة التي دفعت أكثر من ثلاثة أرباع السكان إلى براثن الفقر.
لكن خلافا محتدما منذ شهور بسبب قاضي التحقيق الرئيسي في انفجار مرفأ بيروت هدد بتقويضها، عندما طالب وزراء شيعة متحالفون مع جماعة حزب الله وحركة أمل، اللتين تعارضان القاضي، بإبعاده.
وردا على سؤال عما إذا كان وزراء قد هددوا بالاستقالة بسبب هذا الطلب، قال ميقاتي "كل من يريد أن يستقيل فليتحمل مسؤولية قراره أمام الشعب اللبناني".
وقال إنه ليس من شأن السياسيين التدخل في عمل القضاء، لكن على السلطة القضائية تصحيح أخطائها بنفسها.
وأضاف "القاضي العدلي يجب أن يحافظ على القوانين والدستور. الكثيرون ومن ضمنهم أنا أقول ربما يوجد خلل دستوري، ولكن القضاء يقرره والجسم القضائي ينقي نفسه. فعلينا ألا نتدخل، ولكن على الجسم القضائي أن يتأكد من سلوك القاضي في ما يتعلق بالقوانين والدستور".
