التركيز على صناعة الفضاء يعزز كفاءة استهلاك الطاقة

لندن - رشحت دراسة أعدها خبراء ومستثمرون بوحدة أعمال الاستدامة التابعة لشركة غلوبانت البريطانية أن التركيز على تكنولوجيا الفضاء في العديد من القطاعات الإنتاجية سيسهم في تعزيز كفاءة استهلاك الطاقة بشكل أكبر.
وسلطت الدراسة الضوء على التأثير الإيجابي الذي يمكن أن تحدثه تقنيات الفضاء على أخطر تحد منفرد في العالم.
ووفقا لدراسة مستقلة كلّفت بها إنمارسات مجموعة من كبار المستشارين في غلوبانت، تُقلّص تقنيات الأقمار الاصطناعية بالفعل من انبعاثات الكربون بمقدار 1.5 مليار طن (أو 1.5 جيجا طن) سنويا.
ويعادل هذا الرقم نحو ثلث إجمالي انبعاثات الكربون في الولايات المتحدة في عام 2021 أو انبعاثات خمسين مليون سيارة طوال دورة حياتها.
ويُركز البحث على ثلاثة قطاعات رئيسية لإثبات إمكانات تقنيات الفضاء في السباق نحو تحقيق صافي انبعاثات صفرية وهي النقل والخدمات اللوجستية، والزراعة والتشجير واستخدامات الأراضي الأخرى، وأنظمة الطاقة.
وبحسب ما توصل إليه الخبراء في تقريرهم الذي نشرت مقتطفات منه وكالة الصحافة الفرنسية الخميس، تُعادل هذه الانبعاثات مجتمعةً نحو 60 في المئة من الانبعاثات العالمية.
وتشير تحليلات غلوبانت إلى أنه في حال اعتمدت هذه القطاعات تقنيات الأقمار الاصطناعية حول العالم، فيُمكن أن تصل تخفيضات ثاني أكسيد الكربون التي تتحقق الآن إلى ثلاثة أضعاف، أي 5.5 مليار طن سنويا، استنادا إلى التقنيات الحالية وحدها.
ويعادل ذلك سدس إجمالي انبعاثات الكربون التي يُقدّر حاليا بأنها ضرورية للحفاظ على ارتفاع درجات الحرارة العالمية دون 1.5 درجة مئوية بحلول 2030 أو ثلث التقديرات المطلوب للحفاظ على ارتفاع درجات الحرارة أقل من 2 درجة مئوية.
وقدر بنك أوف أميركا العام الماضي في مذكرة بحثية حجم اقتصاد الفضاء بحوالي 424 مليار دولار حتى نهاية عام 2019، وفقا لأحدث البيانات المعلنة.
ويتوقع البنك الدولي أن تنمو هذه الصناعة بقوة حتى تصل إلى 1.4 تريليون دولار بحلول نهاية العقد الحالي، وذلك استنادا إلى معدل نمو سنوي مركب يبلغ 10.6 في المئة، وهو متوسط النمو خلال آخر عامين.
ووفقا للبحث، فالعالم الآن يُفوّت ما يصل إلى 4 مليارات طن من التخفيضات المحتملة والفورية لثاني أكسيد الكربون بعدم تسخير قدرات إزالة الكربون التي تُتيحها تقنيات الأقمار الاصطناعية.
وتحقق هذه التقنيات، من بين العديد من التقنيات الأخرى، وفورات في الوقود وتوجيها محسنا لقطاع النقل، واستهلاكا أقل وتحسينا للطاقة، وحتى الحماية من حرائق الغابات.
وقال راجيف سوري الرئيس التنفيذي لشركة إنمارسات “يُمثّل اتّخاذ إجراءات فاعلة لإزالة الكربون أولوية عالمية، وتوفر تقنيات الفضاء مصدر أمل رئيسي في مواجهة هذا التحدي”.
وأوضح أن هذا التقرير يعرض السبل الممكنة لقطاع الفضاء في تحقيق وفورات كبيرة في انبعاثات الكربون حاضرا وتحقيق وفورات أكبر في المستقبل ما يسهم بشكل مباشر في مكافحة التغيّر المناخي.
وتابع “مع اقتراب موعد اجتماع قادرة العالم ضمن فعاليات مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (كوب 27)، نوفر لهم الفرصة لدراسة دور تقنيات الأقمار الاصطناعية في إطار جهودهم لإزالة الكربون”.
ومع ذلك، فإن تقنيات الأقمار الاصطناعية ليست الحل الوحيد لمعضلة التغيّر المناخي. ولذلك، يرى الخبراء أنه يجب مواصلة العمل على تطوير مصادر الطاقة البديلة وتقنيات تخزين الطاقة الجديدة والحلول الأخرى بأقصى سرعة.
وقد يكون للوفورات التي يُمكن أن تُتيحها تقنيات الفضاء الحالية تأثير فوري ما قد يوفّر المزيد من الوقت لتطوير هذه الحلول الإضافية وطرحها.
وبالنظر إلى المستقبل، توصّل تقرير غلوبانت إلى أنه يمكن توفير 8.8 مليار طن من انبعاثات الكربون، أي ما يعادل ربع (23 في المئة) الانبعاثات العالمية تقريبا عام 2021.
وذلك الرقم يعادل الانبعاثات للفرد الواحد لقرابة 1.8 مليار نسمة في حال اعتماد مجموعة من التقنيات الفضائية الناشئة أو التي ستظهر قريبا على نطاق واسع خلال الأعوام المُقبلة.
وأظهر التقرير أمثلة على ذلك، في قطاع النقل البحري، يمكن للسفن ذاتية القيادة توفير 400 مليون طن عن طريق تقليل استهلاك الوقود.
424
مليار دولار حجم اقتصاد الفضاء حتى نهاية عام 2019
أما في قطاع الطاقة، فيمكن أن يؤدي تحسين استهلاك الطاقة المدفوع بالذكاء الاصطناعي لتحوّل الطاقة إلى توفير 1.3 مليار طن من ثاني أكسيد الكربون.
وبالنسبة إلى قطاع الطيران، يمكن لتقنية إي.أس.أي آيريس أن توفر 100 مليون طن من الكربون في حال اعتمدها شركات النقل الجوي مع إطلاق أول طائرة مطلع عام 2023.
وقال مارتن أوماران المؤسس المشارك ورئيس مجلس إدارة غلوبانت بمنطقة أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا “بصفتنا شركة رقمية، نواصل سعينا لفهم وتقدير دور التقنيات المبتكرة في قضايا الاستدامة والسباق نحو صافي انبعاثات صفري”.
وأضاف “نعتبر هذا المجهود المشترك مع إنمارسات مؤثرا. وفي غلوبانت، نعتبر أنفسنا سبّاقين في الاستدامة المدعومة بالتكنولوجيا، فإنّ تسخير تكنولوجيا الاتصالات عبر الأقمار الاصطناعية يمنحنا ريادة فكرية غير مسبوقة لإزالة الكربون”.