التربية ما قبل سن التمدرس ماتزال ضعيفة فى تونس

تونس – كشفت جلسة عمل تمّ خلالها عرض نتائج الدّراسة المنجزة بالتّعاون مع منظمة الأمم المتحدة للطفولة “اليونيسف” حول تكلفة “الاستثمار في التّربية قبل المدرسيّة في تونس: الوضعيّة الحاليّة والآفاق المستقبليّة بحلول سنة 2030” أن حوالي 385 ألف طفل فقط استفادوا خلال السنة التربوية 2020 – 2021 بالتّربية قبل المدرسيّة، أي ما يعادل 61 في المئة من مجموع الأطفال في سنّ 3 – 5 سنوات.
وتتراوح هذه النسبة بين 30 في المئة في سنّ 3 سنوات، و61 في المئة في سنّ 4 سنوات، و91 في المئة في سنّ 5 سنوات.
وتمت جلسة العمل بإشراف وزيرة المرأة والأسرة والطفولة آمال الحاج موسى التي أكّدت على الأولويّة القصوى التي تحظى بها الطّفولة في تونس، مُبرزة أهميّة هذه الدّراسة في تشخيص واقع التّربية قبل المدرسيّة والمساعدة على رسم الخيارات واقتراح الحلول وتصويب السّياسات العموميّة في المجال على أساس مؤشرات علميّة دقيقة بما يحقّق مصلحة الطّفل الفضلى ويجسّد تكافؤ الفرص بين الأطفال في تونس.
وأوضحت الدّراسة أنّ القطاع الخاص يسدي 94 في المئة من خدمات التربية قبل المدرسية مقابل 6 في المئة فقط بالقطاع العمومي، حيث تؤمن رياض الأطفال خدمات التربية قبل المدرسيّة لثلثي الأطفال من الشريحة العمريّة 3 – 5 سنوات، في حين تستقبل الكتاتيب 14 في المئة من الأطفال المنتفعين بالتربية قبل المدرسية والأقسام التحضيرية 19 في المئة منهم.
"اليونيسف" دعت إلى وضع استراتيجية وطنية للتربية قبل المدرسية لا تقتصر فقط على السنة التحضيرية ولكنها تشمل الأطفال البالغين من العمر 3 و4 سنوات
كما أشارت الدّراسة إلى أنّ نسبة التّغطية تتأثّر بتغيّر المحيط الاجتماعي للأطفال بين حضري وريفي وعائلات ميسورة وأخرى محدودة الدخل من جهة، ومدى حضور مؤسّسات الطّفولة التّابعة للقطاع الخاصّ بالمناطق المعنيّة من جهة ثانية.
وكشفت الدراسة أن المعدّل السنوي لساعات التربية قبل المدرسية يبلغ لكل طفل حوالي 800 ساعة برياض الأطفال العمومية والأقسام التحضيرية الخاصة و1200 ساعة برياض الأطفال الخاصة باعتبار تأمينها لخدمات الحضانة النهاريّة، في حين توفر الكتاتيب معدل 620 ساعة مقابل 460 ساعة سنويّا بالنسبة إلى الأقسام التحضيريّة.
وانتهت الدراسة إلى اقتراح السيناريوهات الممكنة لتعزيز تكافؤ الفرص بين الأطفال في تونس في مجال الاستفادة من التربية قبل المدرسية وبيان كلفتها التقديريّة.
وتجدر الإشارة إلى أنه سيتمّ تعريب هذه الدراسة وتقاسم مخرجاتها وتوصياتها التفصيلية مع سائر المعنيين بقطاع الطفولة والاستئناس بنتائجها لتحديد الخيارات والتوجهات الوطنية المستقبليّة في هذا المجال.
ويذكر أن المؤشّرات الدّيمغرافيّة تشير إلى التّراجع المرتقب لشريحة الأطفال من الفئة العمريّة 3 – 5 سنوات بنسبة 18 في المئة سنة 2030 مقارنة بسنة 2020.
وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة “اليونيسف” قد شددت في تقارير سابقة لها على ضرورة أن تكون التربية قبل المدرسية في تونس إجبارية ومجانية لاسيما بالمناطق الريفية.

وما تزال التربية قبل سن الدراسة ضعيفة في تونس ما يعيق تنمية قدرات الأطفال ويوثر على التعليم الابتدائي.
وأشار تقرير للمنظمة صدر في العام 2015 إلى أن طفلا من بين أربعة لا يتلقى تربية قبل مدرسية، وأن طفلا على ثلاثة لا يتابع سنة تحضيرية قبل الالتحاق بالتعليم الابتدائي، مبرزا أن هذا المشكلة تزداد تفاقما في الوسط المدرسي.
ودعت “اليونيسف” إلى وضع استراتيجية وطنية للتربية قبل المدرسية لا تقتصر فقط على السنة التحضيرية ولكنها تشمل الأطفال البالغين من العمر 3 و4 سنوات وتركيز الجهود في هذا المضمار على المناطق الريفية.
وجاء في التقرير أن السنوات التي تسبق سن الدخول إلى المدرسة تعتبر مفصلية في تطور قدرات الطفل وفي تكوين شخصيته وتساهم في نجاحاته المدرسية القادمة وتمكن أيضا من التشخيص المبكر للقصور البدني أو الذهني الذي من المحتمل أن يحد من حظوظ النجاح المدرسي.