التداعيات الاقتصادية أخطر من وباء كورونا

6 تريليونات دولار خسائر أسواق الأسهم العالمية، لكنها مجرد القمة الطافية من جبل الخسائر.
الاثنين 2020/03/02
صدمة الأسواق المالية

أصبحت التداعيات الاقتصادية التراجيدية لتفشي فايروس كورونا في أنحاء العالم أخطر بكثير من أزمة تحوّله إلى وباء عالمي، بعد أن بات يهدد بانهيار اقتصادي شامل.

تكفي نظرة سريعة إلى خسائر الأسهم المسجلة في أسواق المال العالمية، التي فقدت خلال الأسبوع الماضي أكثر من 6 تريليونات دولار من قيمتها السوقية، ومن المرجّح أن تتسع خسائرها هذا الأسبوع مع استمرار شلل الكثير من النشاطات الاقتصادية.

لا يمكن إيقاف حالة الهلع في الأسواق، رغم تزايد الأصوات التي تحذر من أن الكارثة الاقتصادية ستكون لها تداعيات تفوق أكبر مما يلحقه تفشي الفايروس، لأنها يمكن أن تدمر نسيج الاقتصاد العالمي.

من الواضح بحسب أبرز خبراء الصحة في العالم أن الفايروس سينتشر في جميع أنحاء العالم، ولن تتمكن أي إجراءات وقائية من منع ذلك، وأن جميع الحالات التي تم رصدها لا تمثّل سوى رقعة ضئيلة من خارطة انتشاره الفعلية.

ستكون هناك خسائر كبيرة في الأرواح خاصة بين كبار السن والأطفال ومنخفضي المناعة، لكن كبار الأطباء يؤكدون أنها ستبقى ضئيلة مقارنة بضحايا فايروسات الإنفلونزا الشائعة، التي تقتل بالفعل ملايين الأشخاص سنويا.

ومن المرجح أن تتراجع الهستيريا تدريجيا، لينضم فايروس كورونا المستجد إلى عائلة الفيروسات الكثيرة الشائعة، خاصة مع انحسار أعداد الإصابات نسبيا عند ارتفاع درجات الحرارة في الربيع والصيف المقبل.

وسوف تتوقف إجراءات الحجر والتفتيش الاستثنائية حين يدرك العالم استحالة وقف انتشاره، خاصة أن نسبة كبيرة ممن يحملون الفايروس لا تظهر عليهم أعراض المرض ولن ترصدهم الحواجز.

لكن ذلك سوف يحدث بعد أن يكون الاقتصاد العالمي قد تعرض لضرر كبير تصعب معالجته. وتكون عجلات الاقتصاد العالمي قد تباطأت وتوقف بعضها ويكون من الصعب إعادة تدويرها مجددا.

قد تبدو خسائر الأسواق المالية مخيفة، حيث فقدت الأسواق الأوروبية لوحدها في أسبوع واحد أكثر من 1.5 تريليون دولار، وأكثر من ذلك للأسواق الأميركية وكذلك الآسيوية.

لكن كل تلك الخسائر لا تمثّل سوى قمة صغيرة طافية من جبل الخسائر الخفي. فجميع الشركات المدرجة في أسواق المال العالمية، رغم حجمها الهائل لا تشكّل سوى نسبة ضئيلة من الاقتصاد العالمي.

ماذا عن خسائر الشركات غير المدرجة والمطاعم والمتاجر الصغيرة والنشاطات الفردية ومئات الملايين الذين يعيشون على حركة السياحة؟

حين يمتد شلل الحياة الذي ساد معظم أنحاء الصين إلى بلدان أخرى مثلما حدث في شمال إيطاليا فإن أضراره على نسيج الاقتصاد لا يمكن حصرها.

هناك مئات ملايين الأعمال التجارية التي عليها التزامات وقروض وفواتير كبيرة، لن تتمكن من دفع أجور العمال حين يتوقف نشاطها ويبقى الزبائن والعمال في بيوتهم، أي أن أعدادا هائلة من الشركات ستواجه الإفلاس وسيفقد مئات ملايين الأشخاص وظائفهم.

حتى البلدان التي لم ينتشر فيها الفايروس على نطاق واسع تراجعت الحركة في شوارعها وانخفض عدد مرتادي المقاهي والحانات والمطاعم وتراجعت أعداد جماهير النشاطات الرياضية وكذلك جميع الأنشطة التي يكثر فيها الاحتكاك بالآخرين.

لذلك يحذر خبراء الاقتصاد من أن التداعيات الاقتصادية للإجراءات المتخذة لمواجهة تفشي الفايروس أخطر بكثير من تحوله إلى وباء عالمي، وقد تدمر حياة أعداد أكبر بكثير من الذين سيصيبهم الفايروس.

سوف تدرك الحكومات بعد إلحاق ضرر هائل بالاقتصاد العالمي أن عليها التعامل مع كورونا مثل الفايروسات الشائعة الأخرى وتركيز الجهود للبحث عن لقاح فعّال.

10