التخلي نهائيا عن النفط هدف صعب المنال

وكالة الطاقة الدولية تدعو إلى الوقف الفوري للاستثمارات الجديدة في مشاريع الطاقة الأحفورية.
الاثنين 2021/12/27
التطلع لإيجاد بدائل

لندن - تترقب الأوساط الاقتصادية والمناخية التخلي عن النفط نهائيا بعدما وضعت أزمة المناخ نهاية عصره على جدول الأعمال، لكن بلوغ هذا الهدف لا يزال صعب المنال باعتبار أن الاقتصاد العالمي يعتمد بشكل كبير على الوقود الأحفوري.

وقال رومان إيوالالن الناشط في جمعية “أويل تشينج إنترناشونال” إنه “في 2021 أظهرت العديد من التطورات بوضوح أن صناعة البترول ليس لها مستقبل”.

وكانت وكالة الطاقة الدولية قد أشارت في مايو الماضي إلى أن هناك حاجة إلى الوقف الفوري للاستثمارات الجديدة في مشاريع الطاقة الأحفورية إذا أراد العالم تحقيق صاف صفري من انبعاثات الكربون بحلول عام 2050 وأن تكون لدينا فرصة للحد من الاحترار عند 1.5 درجة مئوية.

ومثلت الدعوة وفقا لخبراء ما يُشبه ثورة بالنسبة إلى وكالة أُنشئت في أعقاب أول صدمة نفطية عام 1970 لحماية أمن الطاقة في الدول الغنية المستهلكة للنفط.

محمد باركيندو: مخطئ من يقول إن صناعات النفط والغاز باتت من الماضي

وشهدت سنة 2021 حدثًا رئيسيًا تمثل في ظهور تحالف من الدول في قمة المناخ كوب - 26 في غلاسكو تعهد بالتخلص التدريجي من إنتاج النفط والغاز على الرغم من عدم انضمام دولة رئيسية منتجة للنفط والغاز إلى هذه المجموعة.

وقال إيوالالن إنه “لم يعد من المحرمات الحديث عن نهاية استخراج الهيدروكربونات خلال القمم المناخية الدولية”.

فالوقود الأحفوري الذي ما يزال يمثل 80 في المئة من الطاقة المستهلكة يُعد اليوم صراحة المحرك وراء تغير المناخ، وهو ما لم يكن كذلك عندما تم التوصل إلى اتفاق باريس للمناخ في عام 2015.

وفي الآونة الأخيرة حقق المدافعون عن البيئة نصراً رمزياً عندما قررت شركة شل العملاقة للنفط التخلي عن تطوير حقل كامبو النفطي المثير للجدل قبالة أسكتلندا، قائلة إن الاستثمار “لم يكن على أسس قوية بما فيه الكفاية”.

وقال معز العجمي خبير الطاقة في شركة الخدمات المهنية “إي.واي” إنه “منذ عدة سنوات نعلم أن نهاية النفط الخام (…) اقتربت. لكن هل العالم جاهز للعيش بدون نفط؟ ما يزال العالم يعتمد بشكل كبير عليه في رأيي”.

كما ترى وكالة الطاقة الدولية أن الطلب على النفط ما يزال يسجل ارتفاعًا. وتتوقع أن يصل الطلب العام المقبل إلى مستوى ما قبل الوباء وهو أقل بقليل من 100 مليون برميل يوميًا.

ومع انتعاش أسعار النفط الخام في الأشهر الماضية، ينعم منتجو النفط بالسيولة ويمكنهم متابعة مشاريع جديدة.

وقال رئيس منظمة أوبك محمد باركيندو في الآونة الأخيرة “يخطئ من يقول إن صناعات النفط والغاز باتت من الماضي والحديث عن وقف الاستثمارات الجديدة في النفط والغاز هو كلام مضلل”.

وقال رئيس شركة النفط الفرنسية توتال إينرجي باتريك بويان إنه “مقتنع بأن الانتقال سيحدث لأن هناك وعيًا حقيقيًا، لكن الأمر سيستغرق وقتًا”.

وباعتقاده يتم التعامل مع القضية على نحو خطأ. فبدلاً من التركيز على تقليل إنتاج النفط، يجب تحويل الانتباه إلى الاستهلاك.

وقال بويان إن الطلب على الوقود الأحفوري “سينخفض لأن المستهلكين يمكنهم الوصول إلى منتجات جديدة مثل السيارات الكهربائية”.

باتريك بويان: طلب النفط ينخفض إذا وصل المستهلكون إلى منتجات جديدة

وفي النصف الأول من العام مثلت السيارات الكهربائية 7 في المئة من مبيعات السيارات العالمية، وفق وكالة بلومبرغ لتمويل الطاقة الجديدة. وفي حين ما تزال هذه النسبة ضعيفة إلا أنها تنمو بسرعة.

ويرى إيوالالن أن الحجج التي تطرحها شركات النفط والدول المنتجة واهية وتركز على المدى القصير. وقال “إنهم يحاولون تبرير مسار غير مستدام بأي ثمن. ما نزال بعيدين عن الاقتصاد الخالي من الكربون بالطبع، لكن استثمارات نظام الطاقة التي تُجرى اليوم هي التي ستقودنا إلى هناك”.

وبغض النظر عن أفق نهاية البترول، ما يزال الفاعلون في القطاع يستعدون له على نحو غير منظم مع تزايد الضغط عليهم.

وظلت شركتا النفط الأميركيتان العملاقتان إكسون موبيل وشيفرون مترددتين لفترة طويلة، لكنهما أعلنتا أخيرًا هذا العام عن استثمارات في تحول الطاقة.

وقال توم إيلاكوت النائب الأول لرئيس شركة وود ماكينزي المتخصصة في أبحاث الطاقة والاستشارات “من المحتمل أن يكون عام 2022 عامًا تحوليًا حقيقيًا (…) من الواضح أن الجلوس على هامش جهود التخلص من الكربون ليس خيارًا” نظرًا إلى الضغط المتزايد على قطاع النفط.

ويعتقد الخبراء أن عام 2022 سيشهد المزيد من الاستثمارات في طاقة الرياح والطاقة الشمسية بالإضافة إلى تكنولوجيا التقاط انبعاثات الكربون من محطات الطاقة والمصانع التي تعمل بالوقود الأحفوري.

10