التحقيق مع عائلات ضحايا انفجار مرفأ بيروت يفاقم معاناتها

الغموض يكتنف التحقيق في تفجيرات بيروت عام 2020.
الثلاثاء 2023/01/17
إصرار على كشف الحقيقة ومحاكمة المتورطين

بيروت - مع تلاشي الآمال في محاسبة أي مسؤول لبناني كبير بتهمة تفجير مرفأ بيروت عام 2020، أدت تحركات السلطات لاستجواب أقارب الضحايا إلى مفاقمة معاناتهم في خطوة استنكرتها أعلى سلطة دينية مسيحية في البلاد.

ومضى نحو عامين ونصف العام منذ مقتل 215 شخصا وتدمير مساحات واسعة من بيروت جراء الانفجار، وأدى تدخل السلطة السياسية إلى شلل عمل قاضي التحقيق طارق البيطار الذي فشل في استجواب كبار المسؤولين بشأن الانفجار.

وبدلا من ذلك يقول أقارب الضحايا الذين يناضلون من أجل المساءلة، إن القضاء استهدفهم في الأيام الأخيرة.

واستُدعي العشرات للاستجواب الاثنين بشأن اتهامات بارتكاب أعمال شغب في قصر العدل الأسبوع الماضي خلال احتجاج على أي تحرك لتعيين قاض بديل للتحقيق، في خطوة يخشى النشطاء أن تكون ضربة قاضية.

وليام نون: الواضح أن هناك محاولة متعمدة لاستنزاف الأسر وإرهاقنا
وليام نون: الواضح أن هناك محاولة متعمدة لاستنزاف الأسر وإرهاقنا

وقال وليام نون الذي كان شقيقه من بين الضحايا في الرابع من أغسطس عام 2020 عندما انفجرت كمية هائلة من المواد الكيميائية التي كانت مخزنة دون مراعاة إجراءات الأمان لسنوات “إنه أمر سخيف ومثير للاشمئزاز أن يتم إحضارنا للاستجواب”.

وأضاف نون وهو أحد الذين استُجوبوا الاثنين “الواضح أن هناك محاولة متعمدة لاستنزاف الأسر وإرهاقنا”.

كما احتُجز نون وهو شخصية ناشطة في حملة المساءلة ليل الجمعة الماضي بعد استدعائه للاستجواب بشأن تعليقات أدلى بها أمام قصر العدل الأسبوع الماضي خلال مظاهرة.

وأظهرت لقطات له وهو يقول إن المتظاهرين “محضرين شباب وشغب وديناميت وحجارة” للرد إذا عُين قاض بديل للبيطار.

وقال مصدر قضائي إن القاضي زاهر حمادة أصدر أمرا لأمن الدولة باستجواب نون بشأن ما وصفه المصدر بأنه تهديدات للقضاء، نافيا أن يكون لها أي بعد سياسي.

وبعد اعتقال نون تجمعت حشود كبيرة خارج مركز الشرطة وأغلق المتظاهرون الطرقات قبل إطلاق سراحه بعد ظهر السبت.

وقال البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي، أكبر رجل دين مسيحي في لبنان، إن اعتقاله أثبت أن القضاء “أصبح وسيلة للانتقام والكيدية والحقد. وإن الأجهزة الأمنية تلبس ثوب الممارسة البوليسية”.

وأضاف الراعي “ألا يخجلون من أنفسهم الذين أمروا باعتقال هذا الشاب (وليام نون) المناضل وبدهم منزله وسجنه غير عابئين بمآسيه ومآسي عائلته وكل أهالي ضحايا المرفأ”.

وكان الانفجار قويا إلى درجة أن شُعر به على بعد 250 كيلومترا في قبرص. وشكل واحد من أكبر الانفجارات غير النووية المسجلة سحابة على شكل فطر عيش الغراب فوق بيروت.

بشارة بطرس الراعي: إن الأجهزة الأمنية تلبس ثوب الممارسة البوليسية
بشارة بطرس الراعي: إن الأجهزة الأمنية تلبس ثوب الممارسة البوليسية

وبالنسبة إلى العديد من اللبنانيين، يعكس الفشل في إنجاز المساءلة الإفلات من العقاب الذي تتمتع به النخبة الحاكمة التي أشرفت على الفساد وسوء الإدارة على مدى عقود، وما شمله ذلك من سياسات أدت إلى انهيار مالي مدمر في عام 2019.

وسعى قاضي التحقيق البيطار لاستجواب مسؤولين كبار بينهم شخصيات بارزة في حركة أمل الشيعية حليفة حزب الله المدعوم من إيران ورئيس الوزراء في ذلك الوقت حسان دياب.

وواجه البيطار مقاومة من جميع المسؤولين الحاليين والسابقين الذين سعى لاستجوابهم، بحجة أنهم يتمتعون بالحصانة أو أنه يفتقر إلى سلطة مقاضاتهم.

وامتد الصراع إلى ساحات المحاكم والحياة السياسية والشوارع.

وأغرق المشتبه بهم المحاكم العام الماضي بأكثر من 20 قضية تسعى لإبعاد البيطار بدعوى تحيزه وارتكابه “أخطاء جسيمة”، مما أدى إلى توقف التحقيق عدة مرات.

وقال الوزراء السابقون إن أي قضايا ضدهم يجب أن تنظر فيها محكمة خاصة بالرؤساء والوزراء. ولم تحاسب تلك المحكمة أي مسؤول قط، وستنقل قيادة التحقيق إلى الأحزاب الحاكمة في البرلمان.

ويكتنف الغموض مصير التحقيق منذ أوائل 2022 بسبب تقاعد قضاة محكمة يتعين أن تفصل في العديد من الشكاوى بحق البيطار قبل أن يتمكن من الاستمرار في تأدية عمله.

2