التحريض على العنف مستتر بدور الضحية في القنوات العربية

تقرير أكاديمي بريطاني: الجزيرة والميادين تكرسان منصتهما لجماعات تناصر العنف علنا.
الأربعاء 2019/05/08
من الجزيرة إلى الميادين الاتجاه واحد

تقيم دراسة أكاديمية الادعاءات التي تحمّل القنوات الإخبارية الفضائية العربية مسؤولية التحريض على العنف الطائفي خلال الثورات العربية، وبحثت في كيفية تغطية الجزيرة والعربية والميادين للأحداث الجوهرية التي تشمل أعمال عنف طائفية في سوريا والعراق.

لندن – توصلت دراسة أكاديمية بريطانية إلى أن ثلاثا من أهم القنوات الفضائية العربية تتحمل مسؤولية التحريض على العنف الطائفي عبر الترويج المباشر له في البلدان العربية التي شهدت احتجاجات وحروبا.
وذكر تقرير عن الدراسة التي أجراها كل من جيسيكا واتنكنس الباحثة في “لندن سكول ايكونومك” والصحافي إيان بلاك الذي سبق وأن ترأس قسم الشرق الأوسط في صحيفة الغارديان، أن قنوات الجزيرة والميادين والعربية تمارس أشكال التحريض على العنف الطائفي، لكن بنسب متفاوتة.
ويحمل التقرير عنوان “التحريض على العنف في وسائل الإعلام العربية السائدة: بث للطائفية عبر الأقمار الصناعية أم مجرد انحياز حزبي؟”، ويقيّم الادعاءات التي تحمّل القنوات الإخبارية الفضائية العربية مسؤولية التحريض على العنف الطائفي خلال الثورات العربية.
وبحثت الدراسة التجريبية في كيفية تغطية ثلاث من أكثر القنوات الإخبارية شعبية؛ الجزيرة والعربية والميادين، للأحداث الجوهرية التي تشمل أعمال عنف طائفية في سوريا والعراق، وخلص التقرير إلى صحة بعض هذه الادعاءات، رغم أن الاتهامات كانت موجهة على أساس جيوسياسي في الكثير من الأحيان.
وأفاد التقرير أن قناة الجزيرة القطرية عملت على تكريس تغطية واسعة لآراء الجماعات التي تطالب أو تمارس العنف وتمثل فيه الهوية السنية سمة أكثر بروزا مقارنة بالصورة التي تبثها الميادين أو العربية.
وجاءت تغطية الجزيرة في شكل مقابلات أو اقتباسات أو مقاطع فيديو. وشملت أيضا مجموعات من متظاهري الحويجة والمحافظات السنية العراقية في عام 2013، وأعضاء من هيئة تحرير الشام في اتفاق المدن الأربع في الأراضي السورية.
وبالمثل، خصصت الميادين تغطية أكبر من قناة الجزيرة والعربية لبث وجهات نظر الجماعات المتشددة التي طغت عليها الهوية الشيعية، وخاصة قوات الحشد الشعبي في الفلّوجة عام 2013.
أما العربية فقد عرضت مقابلات ونقلت أقوالا مع جماعات متشددة أو طرف يتبنى العنف بصورة أقل مقارنة بالقنوات الأخرى، واختارت الاعتماد على المصادر الرسمية والوكالات الدولية لنقل الأحداث الجارية.

قناة الجزيرة القطرية عملت على تكريس تغطية واسعة لآراء الجماعات التي تطالب أو تمارس العنف
قناة الجزيرة القطرية عملت على تكريس تغطية واسعة لآراء الجماعات التي تطالب أو تمارس العنف

ورأى التقرير أن الخط التحريري لقناة العربية لطالما كان أقل بلبلة عام 2008، حيث نقلت صحيفة “نيويورك تايمز″ عن مديرها القول إن القناة تأسست “لعلاج التلفزيون العربي من الميل إلى السياسة والعنف الراديكاليين”، ومع ذلك، قدمت تغطية متوازنة نسبيا للأخبار والأحداث الإقليمية.
وتفيد الدراسة أن توظيف اللغة المسيئة أو الترويج المباشر للعنف أمران نادران في السياق السائد، إلا أن هناك البعض من أنواع الالتماس كشكل من أشكال التحريض على العنف الطائفي. ويظهر ذلك عادة في اللغة والأسلوب وطريقة بث المواضيع التي تشير إلى شرعية طرف ما أو تصويره كضحية.
وتعكس قناة الميادين مجتمعا لبنانيا يتحالف فيه حزب الله (الشيعي) سياسيا مع الفصائل المسيحية، وتصور الصراع السوري كمحاولة للنخبة العلوية الحاكمة لتنقية الأقلية المسيحية.
وفي برنامج النقاش الأسبوعي “ألف لام ميم”، يتناول الصحافي الجزائري السني يحيى أبوزكريا بعض القضايا المتعلقة بالمسلمين، ويدين التمييز الطائفي ضد الشيعة في نفس الوقت الذي يدين فيه إسرائيل والغرب.
وفي برنامج “أجراس المشرق”، يناقش المقدم الماروني غسان شامي بعض قضايا المسيحيين الإقليمية. كما يصنف المفتي العام في سوريا، أحمد بدرالدين حسون، المتحالف سياسيا مع نظام الأسد، ضمن الضيوف الذين تكرر ظهورهم على الميادين، ليبث مفاهيم مجردة عن التسامح الديني.
وفي رصد كل حالة، تم استخدام محركات البحث عبر الإنترنت للقنوات، لاسترجاع المحتوى التلفزيوني والنتائج النصية التي تحتوي على اسم موقع الحدث لمدة 10 أيام.
وتم إجراء نفس عمليات البحث لكل قناة على يوتيوب وغوغل. حيث استرجعت عمليات البحث مجموعة من التقارير والمقاطع الإخبارية، ومناقشات البرنامج ومقالات الرأي. وعادة ما يتم إخلاء مسؤولية المواقع الإخبارية من مقالات الرأي بالقول إنها تمثل وجهة نظر المؤلف وحده، لكنها تسهم في تغطية جماعية للقضية.
وجاء في خلاصة التقرير أنه بعد عام 2010، واجهت قناة الجزيرة اتهامات لترويجها أجندات الجماعات السنية المسلحة، بما في ذلك أولئك الذين يحرضون على العنف الطائفي ضد الشيعة.

قناة العربية أكثر سيطرة على الجهات التي تبث صوتها وتميل إلى الاعتماد على المصادر الرسمية أكثر من القنوات الأخرى
قناة العربية أكثر سيطرة على الجهات التي تبث صوتها وتميل إلى الاعتماد على المصادر الرسمية أكثر من القنوات الأخرى

وعلى الرغم من عدم تعدد الدلالات الإحصائية، يشير التحليل النوعي الذي أجري ضمن هذا التقرير إلى أن قناتي الجزيرة والميادين تكرسان وقتا أطول من قناة العربية للجماعات غير الحكومية التي تناصر العنف علنيا. حيث تخصص الجزيرة في الغالب هذا الوقت للجماعات السنية المسلحة، بينما تخصصه الميادين للجماعات الشيعية المتشددة.
وحسب معايير التحليل، لا تستخدم القنوات التلفزيونية اللغة الطائفية على الهواء كمبرر صريح للعنف. ولم يعثر على أي دليل يشير إلى منحها منصات للجماعات التي تتبنى خطاب الكراهية الطائفية ضد الشيعة أو السنة، إلا أنها كانت تستضيف الأصوات التي تتهم خصومها بالعنف الطائفي بانتظام.

وأظهرت النتائج أهمية اختلاف خطوط التحرير بين القنوات وكانت قناة العربية أكثر سيطرة على الجهات التي تبث صوتها، وتميل إلى الاعتماد على المصادر الرسمية أكثر من القنوات الأخرى.

ويذكر أن جيسيكا واتكينز مسؤولة بحثية في مركز الشرق الأوسط في كلية لندن للاقتصاد، تعمل حاليا على مشروع بحثي تموله وزارة التنمية الدولية البريطانية، في الدوافع الإقليمية للنزاع في العراق وسوريا.

ويرتبط المشروع بأبحاث واتكينز السابقة في مؤسسة راند حول قضايا الأمن العراقية والإقليمية. وحصلت على درجة الدكتوراه في قسم الحرب بكلية الملك في لندن، عن بحثها المتعلق بالنزاعات الاجتماعية في الأردن.

وإيان بلاك هو باحث أول زائر في مركز الشرق الأوسط في كلية لندن للاقتصاد ومحرر سابق لشؤون الشرق الأوسط ومحرر دبلوماسي ومحرر الشؤون الأوروبية في صحيفة الغارديان البريطانية.

وتهدف هذه الدراسة التجريبية إلى توظيف نتائجها لتقديم توصيات في ما يتعلق بتواصل صناع السياسة في المملكة المتحدة مع وسائل الإعلام العربية.

18