التحديات المالية تدفع مصر إلى مراجعة تكاليف تصنيع الخبز

وزارة التموين المصرية تشكل لجنة لدراسة كلفة تصنيع الخبز في المخابز التابعة للقطاعين العام والخاص.
الجمعة 2024/06/07
كم سعر الخبز في بلدانكم؟

تدفع التحديات الاقتصادية، التي تواجهها مصر، السلطات إلى إعادة مراجعة تكاليف تصنيع الخبز ليكون موائما للظروف الراهنة رغم أنها ضاعفت سعر الرغيف ما يدل على أن البلد يتعرض لضغوط مختلفة أثبتها قرار آخر يتعلق بخفض توريد القمح هذا العام.

القاهرة - تظهر وثيقة حكومية رسمية أن وزارة التموين المصرية قررت تشكيل لجنة وذلك للمرة الأولى منذ أربع سنوات لدراسة كلفة تصنيع الخبز في المخابز التابعة للقطاعين العام والخاص، وأيضا في المخابز التابعة للجهات السيادية.

ويأتي القرار بعد أيام من قيام الحكومة بزيادة سعر رغيف الخبز المدعم بنسبة 300 في المئة ليصبح عند عشرين قرشا، في تحرك هو الأول منذ أكثر من ثلاثة عقود.

وبحسب الوثيقة وجهت السلطات بدراسة تحديد كلفة تصنيع الخبز طبقا لنوع المنتج، وكذلك طبقا لنوع الوقود المستخدم، السولار أو الغاز، وأيضا طبقا للمخبز، أهو من القطاع العام أم من القطاع خاص.

وقال مسؤول حكومي اشترط عدم ذكر اسمه لبلومبيرغ الشرق إن “القرار لا علاقة له بإعادة تسعير رغيف الخبز بالنسبة إلى المواطن، وإن سعر الرغيف كما هو ولا مساس فيه، كما أنه لا علاقة له بإعادة التسعير للخبز السياحي”.

وذكر المسؤول أن الهدف من تشكيل اللجنة هو “تحديد كلفة التصنيع الخاصة بالخبز فقط”.

خالد فكري: عقب ارتفاع الدولار باتت المخابز تتعرض للخسائر
خالد فكري: عقب ارتفاع الدولار باتت المخابز تتعرض للخسائر

ومصر هي أحد أكبر مستوردي القمح في العالم، كما أن مشترياتها تُتابع عن كثب كمرجع عالمي، وهي تشتري عادةً من الخارج ما يصل إلى 12 مليون طن سنويا للقطاعين الحكومي والخاص.

وتقدم الحكومة الخبز المدعم لأكثر من 70 مليون شخص في إطار برنامج ضخم لدعم الغذاء، من بين أكثر من 105 ملايين نسمة.

وأكد رئيس الوزراء مصطفى مدبولي، الذي أعيد تكليفه بتشكيل حكومة جديدة الأسبوع الماضي، على أن بلاده ستتحول إلى الدعم النقدي بدلاً من العيني بداية من السنة المالية التي ستبدأ في يوليو 2025.

وأوضح أن الدراسة تختص بإعادة حساب كلفة تصنيع الخبز لزيادة هامش الربح لأصحاب المخابز البلدية من وزارة التموين، بعد ارتفاع تكاليف الإنتاج وأجور العمالة.

وكلفت الوزارة اللجنة المُشكلة من 14 عضوا، ممثلين عن وزارة التموين وهيئة السلع التموينية والشركة القابضة للصناعات الغذائية ووزارة المالية وشعبة المخابز، بأن تستعين بمن تراه من ذوي الخبرة في تنفيذ أعمال الدراسة المطلوبة.

وعزا المسؤول أسباب تشكيل اللجنة إلى التطورات التي طرأت على أسعار القمح المحلي، إلى جانب زيادة تكاليف الإنتاج الأخرى المستخدمة في صناعة رغيف الخبز البلدي.

وكانت القاهرة قد رفعت قيمة دعم الخبز والسلع التموينية في موازنتها للسنة المالية المقبلة التي تبدأ مطلع الشهر المقبل بحوالي خمسة في المئة إلى 134.2 مليار جنيه (4.3 مليار دولار).

وقال خالد فكري، سكرتير عام شعبة المخابز بغرف القاهرة، لبلومبيرغ الشرق إن “القرار يخص إعادة النظر في كلفة تصنيع رغيف الخبز، وتحديد هامش الربح لنحو 30 ألف مخبز بلدي”.

علي المصيلحي: رفعنا هدف توريد القمح المحلي إلى 3.7 مليون طن
علي المصيلحي: رفعنا هدف توريد القمح المحلي إلى 3.7 مليون طن

وأوضح أن آخر قرار لحساب ذلك كان في العام 2020، حينما كان الدولار يساوي نحو 21 جنيها، وهو حاليا عند 47.59 جنيه.

وأكد فكري أن ارتفاع الدولار أدى إلى زيادة جميع مدخلات التصنيع مثل الخميرة وقطع غيار المعدات وارتفاع تكاليف صيانتها وأجور العمال التي شهدت قفزة، وزيادة أسعار الكهرباء والإيجارات وغيرها. وقال إن “انقطاع الكهرباء تنتج عنه خسائر كبيرة لأصحاب المخابز أيضا”.

ولجأت القاهرة إلى تقليص الدعم عن الكثير من الخدمات والسلع الرئيسية خلال الأعوام الأخيرة، بفعل تأثرها بالصدمات الخارجية، ولكنها تجنبت خفض الدعم عن الخبز نظرا إلى أنه مسألة شديدة الحساسية في البلد العربي الأكبر من حيث تعداد السكان.

وبحسب فكري، فإن متوسط هامش الربح للمخابز البلدية يبلغ 7 قروش للرغيف، وبعد ارتفاع تكاليف الإنتاج أصبحت تتعرض لخسائر كبيرة.

وهذا الوضع دفعها إلى المطالبة بإعادة النظر في الكلفة وتحديد هامش جديد ليتوافق مع متطلبات الوقت الحالي من أجل وقف خسائرها، ووصول الحد الأدنى إلى هامش الربح بما يتناسب مع ما يتم صرفه على الرغيف الواحد.

وتصرف مصر حاليا 150 رغيفا شهريا من الخبز المدعم للفرد، منذ بدء العمل بمنظومة البطاقات الذكية في أبريل 2014.

وخفضت الحكومة مستهدفها لاستيراد القمح من الخارج خلال العام الجاري بنحو 17 في المئة على أساس سنوي إلى 5 ملايين طن بدلا من مستهدفها السابق عند 6 ملايين طن، بدعم التوقعات المتفائلة بزيادة كميات التوريد المحلية.

ورفعت الدولة كميات القمح المستوردة العام الماضي إلى 11 مليون طن مقارنة بنحو 9.6 مليون طن في عام 2022، منها نحو خمسة ملايين طن للحكومة والباقي للقطاع الخاص.

كما زادت كميات وارداتها خلال الربع الأول من هذا العام 22 في المئة على خلفية زيادة الاستهلاك وتوافر الدولار، ما مكّنها من الاستفادة من تراجع سعره عالميا، حسب وثيقة رسمية.

وأكد وزير التموين علي المصيلحي لبلومبيرغ الشرق أن رفع مستهدف التوريد المحلي خلال الموسم الحالي إلى 3.7 مليون طن بدلا من مستهدف سابق عند 3.5 مليون طن، ضمن أحد أسباب تراجع مستهدف الاستيراد.

وتشتري الحكومة القمح من المزارعين خلال الفترة الممتدة من منتصف أبريل إلى منتصف أغسطس من هذا العام بسعر يصل إلى ألفي جنيه (64.61 دولار) للأردب (150 كيلوغراما).

وعزا المصيلحي زيادة كميات التوريد المحلية إلى ارتفاع السعر الذي تشتري به الحكومة المحصول خلال 2024. وقال “جمعنا حتى الآن 3.4 مليون طن من القمح المحلي ونأمل في تحقيق المستهدف الجديد”.

11