التحالف مع الفياض يضع رئيس الوزراء العراقي في مواجهة انتخابية ضد أعضاء أقوياء في الإطار التنسيقي

بغداد- حسم رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني قراره بدخول الانتخابات متحالفا مع شق من الإطار التنسيقي الشيعي وفي مواجهة الشق المتبقي من الإطار الذي يضمّ أبرز القوى والفصائل الشيعية، والذي مثّل مظلة لحكومته الحالية بعد أن كان قد وقف أصلا وراء تشكيلها.
ووقع الاختيار على تسمية “ائتلاف الإعمار والتنمية” لتمييز التحالف الانتخابي الجديد الذي ضمّ إلى جانب تيار الفراتين بقيادة السوداني كلاّ من تحالف العقد الوطني بزعامة فالح الفياض رئيس هيئة الحشد الشعبي، بالإضافة إلى قوى أخرى شيعية ومدنية.
ويعني تحالف السوداني مع الفياض على وجه الخصوص تأكّد انقسام الإطار على نفسه بمناسبة الانتخابات، كما يعني استعداد رئيس الوزراء لمواجهة قوى شيعية يعلم مدى قوّتها وتغلغلها داخل أجهزة الدولة، لكنه يستند مع ذلك إلى قراءة مفادها تراجع مكانتها وجماهيريتها لدى الشارع العراقي لاسيما في المناطق الشيعية التي تمثّل تقليديا الخزان الانتخابي لتلك القوى.
◄ السوداني يراهن في مسعاه لتجديد ولايته على رأس الحكومة العراقية على ما يراه منجزا تنمويا مختلفا عن رصيد الحكومات السابقة
وتتضح ملامح هذه القراءة من خلال تقرّب السوداني من السياسي المخضرم إياد علاوي ذي التوجه العلماني رغم انتمائه طائفيا للمكون الشيعي، وكذلك من المدنيين الذين أصبحوا يحظون بقدر من المقبولية داخل الأوساط الشعبية مستفيدين من عثرات تجربة الأحزاب الدينية في الحكم.
وعلى سبيل المثال يضع الانحياز للفياض رئيس الوزراء الطامح للفوز بولاية ثانية على رأس الحكومة من خلال الانتخابات البرلمانية المقررة لشهر نوفمبر القادم في مواجهة شخصيات قوية وفاعلة مثل قيس الخزعلي زعيم ميليشيا بدر الذي يظهر عداء صريحا لرئيس الحشد الشعبي ويطالب باستمرار بإزاحته عن هذا المنصب الهام.
ويضاف ذلك إلى المواجهة القائمة أصلا ضدّ رئيس الوزراء الأسبق زعيم حزب الدعوة وقائد ائتلاف دولة القانون نوري المالكي الذي أظهر معارضة واضحة لتجديد ولاية السوداني على رأس الحكومة، وبذل مساعي حقيقية لمنع حدوث ذلك بشكل مبكر سواء من خلال دعواته إلى إقالة الحكومة الحالية وتقديم موعد الانتخابات، أو من خلال محاولاته الدفع بتعديلات للقانون الانتخابي مفصّلة على مقاس هدف واحد هو منع فوز السوداني في الانتخابات.
ويعتبر المالكي بالإضافة إلى خصومته مع السوداني نقيضا وخصما سياسيا لعلاوي المتحالف مع رئيس الوزراء الحالي وقد سبق أن جمعت بين المالكي وعلاوي منافسة حامية على منصب رئيس الوزراء، وذلك في انتخابات سنة 2010 التي فاز فيها علاوي لكنّ المالكي حاز مع ذلك المنصب الأهم في الدولة العراقية وذلك من خلال استنجاده بتفسير قضائي لمفهوم الكتلة البرلمانية الأكبر باعتبارها تعني القدرة على تشكيل أكبر تحالف نيابي تحت قبة البرلمان ولا تعني بالضرورة حيازة حزب أو تيار ما لأكبر عدد من مقاعد المجلس.
ويحاول السوداني في مساعيه لتحقيق أهدافه الانتخابية المراهنة على قوى يرى أنها أكثر اعتدالا وتوسّطا في نظر الشارع سواء كانت منتمية إلى عائلة القوى الشيعية أو من خارجها.
كما يراهن على ما يراه منجزا إيجابيا له خلال فترة رئاسته للحكومة، إذ عرف العراق مؤخرا محاولات لإعادة تحريك عجلة التنمية بعد أن كانت في عهد حكومات سابقة في حالة توقّف شبه تام. وبذل السوداني أيضا جهودا في محاربة الفساد والحد منه لم يوفّق في أغلبها وكذلك الشأن بالنسبة لمحاولته تحسين الخدمات العمومية.
وكان من أبرز العلامات الفارقة في سياسة حكومة السوداني توجهها نحو إقامة علاقات أكثر توازنا مع بلدان الإقليم سواء تعلق الأمر بالعلاقة مع تركيا أو مع البلدان العربية، وهو مجال تحقق فيه تقدم ملموس يمكن أن يؤثّر جزئيا على مزاج الناخبين وخصوصا منهم المنتمين لأوساط ناقمة على قوة النفوذ الإيراني داخل البلاد.
◄ المالكي يعتبر بالإضافة إلى خصومته مع السوداني نقيضا وخصما سياسيا لعلاوي المتحالف مع رئيس الوزراء الحالي
وقال مكتب السوداني في إعلانه عن تشكيل التحالف الجديد “تتشرف مجموعة من القوى والتيارات الوطنية العراقية أن تعلن لعموم أبناء شعبنا العراقي عن تشكيل ائتلاف الإعمار والتنمية لخوض الانتخابات التشريعية، المقرر إجراؤها في نوفمبر المقبل.”
وأوضح في بيان “اجتمع في هذا الائتلاف أبناؤكم في كل من القوى السياسية والوطنية التالية: تيار الفراتين، وتحالف العقد الوطني، وائتلاف الوطنية، وتحالف إبداع كربلاء، وتجمّع بلاد سومر، وتجمّع أجيال، وتحالف حلول الوطني”.
وأضاف “لقد وضعنا نُصب الأعين، مصلحة العراق والعراقيين أولا واستهدفنا استدامة الإعمار وتعزيز الاقتصاد الوطني، واستكمال البُنى التحتية والمشاريع الإستراتيجية، وترسيخ ما تحقق من الأمن والاستقرار والعلاقات مع المحيط الإقليمي والعربي والعالمي.”
ولم تفت محرري البيان الإشارة إلى منجزات الحكومة الحالية، الذين قالوا إنّ “الائتلاف جاء استنادا على ما أُنجز من خطوات كبيرة خلال العامين الماضيين في ظل ما شهده العمل الحكومي من خدمات وتطوير وخلق للفرص، ورعاية للأسرة وشرائح المجتمع كافة”، آخذين بعين الاهتمام “تلبية تطلّعات المواطن في كل مكان.”