التحالف الدولي أمام تحدي ما بعد الانسحاب الأميركي

مصير المقاتلين الأجانب في سوريا على طاولة وزراء خارجية دول التحالف في الولايات المتحدة.
الخميس 2019/01/31
مقاتلو داعش أمام مستقبل مجهول

الاجتماع المرتقب لدول التحالف الدولي ضد داعش يكتسي أهمية استثنائية، حيث يأتي في ظل استعدادات أميركية للانسحاب من سوريا، ويرجّح أن يطرح وزراء خارجية دول التحالف مسألة مستقبل الحلف ما بعد الخروج، وهل سيوجّه ضربات لداعش في دول أخرى يتواجد بها التنظيم الجهادي.

دمشق – تطغى حالة من الضبابية على مصير التحالف الدولي ضد داعش، في ظل توقّعات بقرب بدء انسحاب القوات الأميركية الفعلي من سوريا، خاصة مع تأكيدات لوزارة الدفاع الأميركية بأن “99.5 بالمئة من الأراضي التي كان يسيطر عليها تنظيم داعش استعيدت. وسيصبح ذلك 100 بالمئة في غضون أسبوعين”.

وأعلنت الخارجية الأميركية في بيان لها أنها ستحتضن الأسبوع المقبل اجتماعا مهما لوزراء خارجية الدول المشاركة في التحالف، حيث من المرجّح أن يركّز هذا الاجتماع على موعد الانسحاب الأميركي ومصير التحالف في الحرب على داعش الذي بات قاب قوسين من خسارة آخر جيب له في شرق سوريا.

وجاء في البيان أن “الولايات المتحدة مصمّمة على منع عودة ظهور تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا والعراق بعد انسحاب القوات الأميركية من سوريا، وهي ملتزمة بمواصلة القضاء على فلول التنظيم وإحباط مخططاته”.

وتابع بيان وزارة الخارجية الأميركية “بعد هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية في ساحة المعركة، سيواصل التحالف جهود إرساء الاستقرار من أجل تسهيل العودة الآمنة والطوعية للذين نزحوا بسبب أعمال العنف”.

وهناك انقسام بين دول التحالف بشأن قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي أعلنه في 19 ديسمبر الماضي بشأن الانسحاب من سوريا، وإن كان هذا الانقسام بدا أقلّ حدة في الفترة الأخيرة، حيث أبدت فرنسا قبل أيام مرونة بعد أن كانت في صدارة الرافضين له، معتبرة أن قوات بلادها قادرة على مواصلة العمل من أراضي العراق، حيث المركز الرئيسي للتحالف.

قرار واشنطن الانسحاب من سوريا يثير قلقا من تبعثر مقاتلي داعش الأجانب هنا وهناك في حال هاجمت القوات التركية الأكراد

ورغم تأكيدات الإدارة الأميركية المتواترة بشأن استمرار التحالف الدولي الذي تشكّل في العام 2014، في أداء مهامه، خاصة وأن التهديدات الإرهابية لداعش ما تزال قائمة، رغم خسارة التنظيم لمناطق سيطرته في سوريا وقبلها في العراق، فإن هناك حاجة لبحث سبل استمرارية هذا التحالف وأيضا ما إذا كان هناك توجّه لنقل الحرب على التنظيم لمناطق أخرى يتواجد فيها كغرب أفريقيا وشمالها.

ويرجّح مراقبون أن يبحث التحالف أيضا مصير المئات من الأجانب المعتقلين لدى قوات سوريا الديمقراطية التي تقودها وحدات حماية الشعب الكردي وتدعم التحالف الدولي في الحرب على داعش.

وأعلن وزير الداخلية الفرنسي كريستوف كاستانير الثلاثاء أن بلاده تستعد لعودة العشرات من المتشددين الفرنسيين المعتقلين في شمال شرق سوريا، مما يمثّل تحولا في سياسة باريس بشأن هذه المسألة.

وتواجه فرنسا مثل دول أوروبية أخرى صعوبات بشأن كيفية التعامل مع المتشددين وعائلاتهم والساعين إلى العودة من مناطق القتال في العراق وسوريا، وكذلك الذين اعتقلوا بعد أن خسر التنظيم تواجده في هذين البلدين.

وتمثلت سياسة الحكومة الفرنسية حتى الآن في الرفض التام لعودة المقاتلين وزوجاتهم، والذين وصفهم وزير الخارجية جان إيف لو دريان بأنهم “أعداء” يجب محاكمتهم إما في سوريا وإما في العراق.

وقال كاستانير “الأميركيون ينسحبون من سويا وهناك أشخاص في السجن محتجزون بسبب وجود الأميركيين هناك وسيفرج عنهم. وهم سيرغبون في العودة إلى فرنسا”.

وأضاف ردا على تقرير لتلفزيون (بي.إف.إم) لم يتم الكشف عن مصدره يقول إن 130 متشددا فرنسيا سيفرج عنهم في الأسابيع القادمة “أرغب في أن يمثل جميع العائدين إلى فرنسا على الفور أمام العدالة”.

الأرقام متضاربة بشأن أعداد المقاتلين الأجانب في سوريا، وإن تتفق تقارير الاستخبارات الغربية على أنهم بالآلاف

وتقول مصادر عسكرية ودبلوماسية إن قوات سوريا الديمقراطية، التي يقودها الأكراد وتحظى بدعم ألفي جندي أميركي ومساندة جوية من دول من بينها فرنسا، تحتجز نحو 150 فرنسيا في شمال شرق سوريا.

وباستبعاد أفراد الأسر، تشير تقديرات المسؤولين إلى أن 250 فرنسيا متشددا ما زالوا يقاتلون في سوريا، بينهم 150 في منطقة هجين، وهي واحدة من آخر الجيوب التي يسيطر عليها تنظيم الدولة الإسلامية في شرق سوريا، والمئة الآخرون في محافظة إدلب.

ويقول المسؤولون الفرنسيون على نحو غير رسمي إنه لن يكون أمامهم أي خيار سوى تغيير السياسة بشأن المواطنين الذين ذهبوا للقتال في الشرق الأوسط في صفوف المتشددين. وتحاول باريس بالفعل إعادة القاصرين بعد النظر في كل حالة على حدة.

وأثار قرار واشنطن الانسحاب من سوريا القلق سريعا في باريس خشية تبعثر هؤلاء المقاتلين هنا وهناك في حال هاجمت القوات التركية وحدات حماية الشعب الكردي، أو سقوطهم في يد الحكومة السورية إذا أبرمت الوحدات اتفاق سلام مع الحكومة في دمشق. وتتضارب الأرقام بشأن أعداد المقاتلين الأجانب في سوريا، وإن تتفق تقارير الاستخبارات الغربية على أنهم بالآلاف.

2