التجاوزات الأمنية تفاقم غضب التونسيين من السلطة

تنديد واسع بحادثة تعنيف وحدات الأمن شابا تونسيا في الطريق العام.
الخميس 2021/06/10
التجاوزات تصعّد التوترات بين الأمن والتونسيين

تونس - أججت حادثة تعنيف قوات من الأمن شابا في الطريق العام، غضبا واسعا في تونس، وسط دعوات إلى فتح تحقيق سريع ومحاسبة المسؤولين.

وضجّت مواقع التواصل الاجتماعي منذ مساء الأربعاء، بصور ومقاطع فيديو توثّق تعرض شاب تونسي للضرب على أيدي رجال الأمن في ضواحي العاصمة تونس، وهو مجرّد تماما من ثيابه ويقوم أحد أعوان الأمن بركله ثم يقتاده إلى سيارة الأمن لإيقافه.

ودان عدد من النواب خلال الجلسة العامة للبرلمان الخميس، الحادث واصفين المشهد بالصادم والمسيء لصورة البلاد، ومطالبين السلطات القضائية بفتح تحقيق.

وأصدر البرلمان بيانا دعا فيه السلطات العمومية إلى توفير الحماية الجسدية والقانونية والرعاية الطبية للمواطن الذي تم إيقافه، بعد "صور مروعة وشنيعة وغريبة عن ثقافة المجتمع التونسي".

واستنكر النائب الثاني لرئيس البرلمان طارق الفتيتي الاعتداء، مطالبا رئيس الحكومة ووزير الداخلية بالنيابة هشام المشيشي بالاعتذار للشعب التونسي.

وشبّه الفتيتي ما حصل في تونس بأنه "لم يشاهد مثله إلا في سجن أبوغريب بالعراق"، معتبرا أن الحادث "مهين ويسيء للمؤسسة الأمنية وللشعب وللدولة".

ويتولى رئيس الحكومة هشام المشيشي منذ نحو 6 أشهر، منصب وزير الداخلية بالنيابة، بعد أن أقال الوزير السابق وعيّن نفسه، في خطوة أثارت غضب رئيس الدولة قيس سعيّد الذي توجه باللوم إلى المشيشي متسائلا، "كيف لرئيس الحكومة أن يعين نفسه وزيرا للداخلية بالنيابة من تلقاء نفسه؟"، وتمسّك برفض تمرير التحوير الوزاري واستقبال الوزراء الجدد لأداء اليمين الدستورية.

وانتقد مبروك كورشيد، النائب عن الكتلة الوطنية، الاعتداء، مؤكدا أنّه لا يمكن الصمت عما حدث، داعيا القضاء إلى فتح تحقيق.

وبررت وحدات الأمن تصرفها تجاه الشاب التونسي بأنه قام بالتجرد من ملابسه بمفرده في الطريق العام، لكن منصّة "تونس تتحرى" لرصد الأخبار الزائفة، أكدت بعد الاطلاع على مقاطع الفيديو المنشورة على مواقع التواصل الاجتماعي والشهادات الموثقة، أن "أحد رجال الأمن هوّ من قام بتجريد الشاب من ملابسه".

ودان مرصد الحقوق والحريات بتونس الواقعة، وشدّد في بيان على أنّه "صُدم بمشهد تعرية وسحل مواطن تونسي في الطريق العام، والاعتداء عليه بالعنف الشديد أمام مرأى ومسمع من المارة والمواطنين".

وأكد استعداده لمساندة أي جهود قانونية أو حقوقية لتتبع المعتدين وملاحقتهم قضائيا، محملا كل الحكومات المتعاقبة المسؤولية كاملة عما حدث.

ومنذ نحو عامين، تصاعد التنديد المجتمعي في تونس بالتجاوزات الأمنية إزاء المحتجين والموقوفين على ذمة التحقيق، والجماهير في الملاعب الرياضية وحتى المارة، وسط إدانة واسعة للانتهاكات التي يتعرض لها تونسيون داخل مراكز الاحتفاظ.

وكانت الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان حذّرت من أنّ هذه التجاوزات تمهّد لعودة الدولة البوليسية في البلاد. وفي المقابل رفعت النقابات الأمنية سقف مطالبها، داعية إلى إصدار القانون المتعلق بحماية عناصر الأمن، المودع في البرلمان، والذي يلاقي معارضة كبرى من منظمات حقوقية.

وكتبت الإعلامية سماح مفتاح الخميس تدوينة على فيسبوك قالت فيها إن "الفيديو الذي أظهر شابا يُجَر من قبل الأمن وهو دون ملابس تماما، بعد ضربه وسط الشارع أمام الناس، فيه كمية من الذل والإهانة وأبشع ما يوجد".

وشدد طارق الحركاتي، رئيس الجمعية التونسية للمحامين الشبان، في تدوينة على فيسبوك على أن "الجمعية لن تسكت عن الجريمة النكراء المرتكبة في حق الشاب من سيدي حسين.. وسنلاحقهم أينما ذهبوا".

وتداول مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي دعوات إلى الاحتجاج الجمعة ضدّ ممارسات الأمن التونسي، ومطالبة وزير الداخلية بتحمل مسؤولية هذه التجاوزات.

وشبه تونسيون التجاوزات الأمنية التي باتت تتكرر بشكل غير مسبوق، بالممارسات التي كانت تتسم بها أجهزة الأمن في عهد نظام الرئيس الراحل زين العابدين بن علي، والتي تحكمت في الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية للشعب، وكان من بين مطالب احتجاجات العام 2011 القطع نهائيا مع دولة البوليس.