التجار في الأردن يسعون إلى مجاراة التسوق الرقمي

تدفع التحولات التكنولوجية في إدارة الأنشطة الاقتصادية العديد من التجار في الأردن إلى ركوب هذه الموجة، نظرا إلى ما تحمله من محفزات للرفع من كفاءة أعمالهم وكونها أداة تعوّل عليها السلطات لتنمية التسوق الرقمي ودعم سوق العمل رغم بعض النقائص.
عمّان- يحث أصحاب الأعمال التجارية في الأردن الخطى باتجاه تعزيز رقمنة نشاطهم بعدما برزت علامات التوسع في استخدام التكنولوجيا لجذب المتسوقين، وبالتالي تحقيق عوائد مجزية.
ولا يخفي النمو السريع للتجارة الإلكترونية في البلاد حجم التحديات المتعلقة بمخاوف المستهلكين من مدى متانة قواعد فرض الالتزامات بين البائعين والمشترين في وقت برزت فيه مسألة المخالفات والاحتيال بسبب ضعف المعايير التنظيمية وقلة الرقابة.
وفي أحد محلات الملابس في العاصمة عمّان يجلس يوسف أبوعمارة إلى جانب ابنه يزن أمام جهاز الكمبيوتر يراقبه وهو ينشئ صفحة خاصة للمحل على موقعي التواصل الاجتماعي فيسبوك وإنستغرام، للبدء بالبيع الإلكتروني للزبائن، فيما أصبح البيع المباشر تقليديا.
ويقول أبوعمارة، الذي ورث محل الملابس عن والده، لرويترز إنه “يجب اللحاق بالموجة وإلا لن نستطيع الاستمرار بمهنتنا ببيع الملابس وسط التغير العالمي والتوجه إلى التجارة الإلكترونية”.
ويشير إلى أنه منذ أكثر من خمس سنوات زادت التجارة الإلكترونية في البلاد وأصبحت تؤثر سلبا وبشكل تدريجي على البيع المباشر في المحلات، ولكن خلال الوباء وما بعدها تحديدا أصبحت التجارة الإلكترونية “تتسيّد الموقف”.
ووفق مؤشرات قطاع البريد الصادرة عن هيئة تنظيم قطاع الاتصالات، زاد مجموع حجم طرود التجارة الإلكترونية من خلال الشركات المشغلة العام الماضي بنحو 41 في المئة إلى 909.3 مليون طرد مقارنة مع 641.8 مليون في العام السابق.
ونما حجم طرود التجارة الإلكترونية حتى نهاية النصف الأول من العام الحالي ليصل إلى أكثر من 449 مليون طرد.
ويقول أبوعمارة إن “التغيير أمر لا بد منه، ولا ينفع الاعتراض على ما يحدث، لذلك اتفقت مع إحدى شركات التوصيل لتوصيل الطرود إلى الزبائن”. ويبلغ عدد مشغلي الخدمات البريدية بالبلاد 209 مشغل، واحد منهم مشغل حكومي وهو البريد الأردني والباقي من القطاع الخاص.
ويتوزع مشغلو البريد الخاص بين عشرة مشغلين للبريد الدولي و198 مشغلا محليا، بحسب هيئة تنظيم قطاع الاتصالات. وتؤكد روعة سلامة أنها صارت تشتري غالبية مستلزماتها من المتاجر الإلكترونية، لأنها أرخص وتوفر البدائل من مختلف الماركات.
وتبين سلامة، الموظفة في القطاع الخاص، أنه بالنسبة إليها فإن التسوق الرقمي قبل نحو ثلاث سنوات كان أصعب، معلقة “كنت أخاف من استخدام بطاقتي الائتمانية وكنت أقلق أيضا من موضوع المقاس والجودة ألا يكونا كما هو معروض”. وتضيف أن الحماية أصحبت أكبر من ناحية الدفع الإلكتروني حاليا، إلى جانب أنها أكثر خبرة في المتاجر الرقمية الأفضل والأكثر ضمانة للتسوق.
وأنشأت سلامة محفظة إلكترونية لها بطاقة ائتمانية خاصة تقوم من خلالها بالتسوق سواء من مواقع تسوق عالمية أو صفحات محلية.
وبحسب شركة غوباك، التابعة للبنك المركزي الأردني، فقد ارتفعت قيمة حركات نظام الدفع بالهاتف المحمول في نهاية الربع الثالث من هذا العام بنسبة 31.6 في المئة لتبلغ 379 مليون دينار (534.9 مليون دولار) مقارنة مع 406.5 مليون دولار في الربع السابق.
وزاد عدد المستخدمين لتطبيقات الدفع عبر الهاتف خلال الربع الثالث بنسبة 33.2 في المئة، لينضم 449 ألف مستخدم جديد، مقارنة مع 337 ألف مستخدم في الربع السابق، وليصبح العدد الإجمالي للمستخدمين 1.9 مليون.
1.9
مليون مستخدم في البلاد يتعاملون بتطبيقات الدفع الإلكتروني عبر الهواتف الذكية
ويقول سلطان علاّن نقيب تجّار الألبسة والأحذية والأقمشة الأردنية إن 85 في المئة من الطرود البريدية الواردة إلى البلاد هي عبارة عن ألبسة وأحذية، ما يؤكد تأثير ذلك على المستوردين والتجار التقليديين العاملين بالقطاع.
ويضيف أن التجارة الإلكترونية “تزداد تغوّلا على تجارتنا التقليدية”، مبينا أن الخلل الحاصل في مبيعات هذا القطاع وما تعانيه منذ سنوات من حالة تراجع وانكماش وضعف الأسواق وانحسار الطلب يعود في الأساس إلى تغوّل الطرود البريدية على التجارة التقليدية.
ويرى علاّن أن غياب الرقابة على البضائع المستوردة، وعزوف العلامات التجارية العالمية عن التوسع والاستثمار بالأردن أدى إلى تقليد الكثير من العلامات التي تمر عبر الطرود البريدية دون رقابة.
ويعتقد أنه “من باب تحقيق العدالة يجب أن تكون ثمة مساواة في الرسوم والضرائب التي يدفعها الجميع سواء كانت البضائع مستوردة من خلال الطرود البريدية أو من خلال التجار، إضافة إلى المساواة بين الطرفين بالرقابة، كونها حقا للمستهلك والمواطن”.
ويؤكد أن الشركات العاملة خارج البلد هي المستفيد الأول من التجارة من خلال الطرود على حساب الشركات المحلية والوكالات العالمية التي تدفع رسوما وضرائب على وارداتها من البضائع وتكاليف تشغيلية كأجور المحلات ورواتب الموظفين وغيرها.
وتعد الولايات المتحدة وتركيا ودول الاتحاد الأوروبي ودول جنوب شرق آسيا، ولاسيما الصين، من أكثر الدول التي يتم شراء منتجات وبضائع منها من خلال الإنترنت.
وخفضت دائرة الجمارك العامة الأردنية، قبل عامين، الرسوم الجمركية على الطرود البريدية المعدة للاستخدام الشخصي والتي لا تزيد قيمتها عن 282 دولارا لتصبح رسما موحدا بنسبة 10 في المئة من القيمة وبحد أدنى خمسة دنانير.
وتقول جمعية حماية المستهلك الأردنية إنه بالنسبة إلى مطالبة التجار بفرض رسوم أو جمارك على الطرود البريدية فقد قامت الحكومة قبل سنتين أو أكثر بفرض رسوم على هذه التجارة.
وأكدت أنه لا يوجد قانون أو تعليمات تنظم عمل هذه التجارة لذلك طالبت من الجهات المختصة بتنظيم عمل القطاع الذي أصبح رائجا عند شريحة كبيرة من الناس.
وأشارت الجمعية إلى أن عدم وجود قانون يحمي المستهلكين جعلهم عرضة لعمليات غش وتضليل خاصة ما يتم شراؤه من السوق المحلية.
وأوضحت في رد لرويترز أن هناك حقا للمستهلك في الحصول على المعلومات الكافية عن السلعة التي يريد شراءها وكذلك حقه في الحصول على سلع سليمة خالية من العيوب.
وقالت إن “هذا يلزم أصحاب القرار بضرورة الإسراع في إصدار قوانين تحمي من عمليات الغش الذي يتعرض لها المستهلكون”.