التأقلم أكثر مع أسواق النفط في 2025 يحسن أداء اقتصادات الخليج

تتجه دول الخليج إلى تسجيل نمو أكبر خلال العام المقبل بفضل سياساتها التي تتبعها لمواكبة تقلبات أسواق النفط العالمية، وهو ما يجعلها أمام فرصة مهمة للمضي قدما في سياسة التنويع بما يوفر لها مصدات أقوى أمام اضطرابات الاقتصاد العالمي.
واشنطن - ربط محللو وخبراء معهد التمويل الدولي تحسن أداء اقتصادات الخليج العربي خلال العام المقبل بتأقلم حكومات المنطقة بشكل أكبر مع تقلبات أسواق النفط عالميا جنبا إلى جنب مع تحفيز الأنشطة غير النفطية.
وتوقع المعهد في تقرير نشره الجمعة على منصته الإلكترونية قفزة في الناتج المحلي الإجمالي لمنطقة الخليج العام المقبل بقيادة كل من السعودية ودولة الإمارات، اللتين تعتبر أكبر اقتصادين في المنطقة العربية.
ويرى الخبراء أن زيادة الإنتاج النفطي ستعوض أثر التراجع المتوقع في أسعار الخام، كما ستحفز الاقتصاد بشكل عام على استمرار النمو القوي للقطاع غير النفطي لاسيما في مجالي الرقمنة والذكاء الاصطناعي.
وسينمو الناتج المحلي لدول الخليج الست بنسبة 4.4 في المئة خلال 2025 مقارنة مع واحد في المئة متوقعة للعام الجاري، في حين سيتوسع القطاع غير النفطي بواقع 4 في المئة مدفوعا بالاستهلاك الخاص والاستثمارات العامة، وفق المعهد.
ويضم المعهد، الذي يتخذ من واشنطن مقرا، في عضويته البنوك التجارية والاستثمارية ومديري الأصول وشركات التأمين وشركات الخدمات المهنية والبورصات وصناديق الثروة السيادية وصناديق التحوط والبنوك المركزية وبنوك التنمية الإقليمية والدولية.
وتشير التقييمات إلى أن اقتصادات المنطقة تمكنت من التعامل جيدا مع الأوضاع العالمية وتداعيات التوترات بمنطقة الشرق الأوسط.
ومع ذلك فإن الفوائض الكبيرة في الحساب الجاري والميزانية التي ساعدت على تخفيف أثر ذلك خاصة بعد الحرب في أوكرانيا مطلع 2022 بدأت تنكمش مع انخفاض الإيرادات النفطية وزيادة الواردات المرتبطة بالاستثمارات اللازمة لتنويع الاقتصاد.
وتوقع التقرير انخفاض متوسط سعر النفط من 80 دولارا للبرميل في العام الحالي إلى 70 دولارا العام المقبل بافتراض عدم تفاقم الأوضاع بالمنطقة.
وقد يؤدي هذا الوضع إلى انخفاض فائض المعاملات الجارية لدول الخليج من 4.4 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في العام الحالي إلى 1.9 في المئة العام المقبل.
وربما تتسبب عودة دونالد ترمب إلى رئاسة الولايات المتحدة، وهو مؤيد قوي لاستقلالية قطاع الطاقة الأميركي ويهاجم باستمرار التحول إلى الطاقة النظيفة، في زيادة إنتاج النفط الأميركي.
ومثل هذه الخطوة ستزيد المعروض في 2025، بالتزامن مع إلغاء تخفيضات أوبك+، وستضع ضغطا نزوليا على أسعار الخام، وفقا للتقرير الذي نشرته وكالة بلومبيرغ.
وكانت ثماني دول في تحالف أوبك+، وهي السعودية وروسيا والعراق والإمارات والكويت وكازاخستان والجزائر وسلطنة عُمان، قد اتفقت في مطلع نوفمبر الجاري على إرجاء زيادة إنتاج النفط حتى العام المقبل.
ومددت الدول تخفيضاتها الطوعية الإضافية البالغة حوالي 2.2 مليون برميل يوميا لمدة شهر حتى نهاية العام الجاري بهدف جعل الأسعار تنتعش أو تحافظ على مستواها المسجل على مدار 2024.
لكن ارتفاع الأسعار وفق هذا السيناريو لن يكون مفيدا لدول الخليج بسبب الانخفاض الحاد الذي سيحدث في حجم صادرات النفط، ما من شأنه أن يؤدي إلى تحول ميزان المعاملات الجارية المجمّع لدول المنطقة لتسجيل عجز، بحسب التقرير.
4.4
في المئة معدل النمو المتوقع للدول الست في 2025 مقارنة مع واحد في المئة هذا العام
ويتوقع المعهد نمو الاقتصاد السعودي 4.8 في المئة العام المقبل، وهو ما يتجاوز قليلا أحدث التوقعات لصندوق النقد الدولي، بعد نمو متوقع بنسبة 1.1 في المئة هذا العام، مع ارتفاع إنتاج البلد من النفط.
وسيكون ذلك مرتبطا باستمرار استفادة الاقتصاد من مشاريع البنية التحتية الممولة من صندوق الثروة وصندوق التنمية المحلي، مما سيدعم نمو القطاع غير النفطي 4.6 في المئة خلال 2025.
وكانت هيئة الإحصاء قد أعلنت الشهر الماضي نمو الناتج المحلي الإجمالي للمرة الأول من خمسة أرباع بنسبة 2.8 في المئة مع عودة القطاع النفطي للنمو.
وسيرتفع إنتاج السعودية من النفط بنسبة 8.4 في المئة العام المقبل مقارنة مع انخفاض تراكمي بنسبة 4.6 في المئة خلال 2023 و2024، بحسب تقرير المعهد.
وفي الإمارات، سيواصل الاقتصاد النمو بقوة بنسبة 4 في المئة هذا العام و5.1 في المئة العام التالي مدعوما باستمرار الطلب المحلي القوي، مع استمرار نمو الناتج المحلي في دبي مدفوعا بالسياحة وقطاع الضيافة.
ومن المتوقع وفق خبراء المعهد، أن ينمو القطاع غير النفطي بنسبة 5.3 في المئة العام المقبل بعد 5.2 في المئة بنهاية 2024.
وتظل الإمارات الوجهة الإقليمية الرئيسية لتدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر بفضل البيئة التجارية المواتية، وبنيتها التحتية المتميزة، والاقتصاد المتنوع نسبيا.
وتنفذ الحكومة الاتحادية مجموعة من الإصلاحات الإستراتيجية واللوائح، لاسيما تنظيم قطاع العملات الرقمية، مما ساعد في جذب المستثمرين العالميين وتعزيز الثقة في أسواق العملات الرقمية.
وبالنسبة لباقي دول الخليج في 2025، فقد يتحول الاقتصاد الكويتي إلى النمو بنسبة 2.9 في المئة وسط توقعات بانكماشه 2.2 في المئة العام الحالي، ونمو اقتصاد البحرين بواقع 3.4 في المئة وسلطنة عمان بنحو 2.6 في المئة وقطر بحوالي 1.4 في المئة.