البيت الأبيض وجها لوجه مع حماس

اللقاء المباشر بين الحركة ومبعوث ترامب اختراق كبير للمحظورات الأميركية.
الجمعة 2025/03/07
سياسة بمقاييس مختلفة

واشنطن – وضع لقاء مباشر جمع المبعوث الأميركي الخاص بشؤون الرهائن آدم بوهلر مع ممثلي حماس في الدوحة، الحركة والرئيس دونالد ترامب وجها لوجه، في اختراق كبير لمحظورات السياسة الخارجية الأميركية، وفي وقت حرج سياسيا يتم الضغط فيه من أجل أن تكون حماس خارج اليوم التالي للحرب.

وفتح ترامب لحماس باب الحوار دون وسطاء ووفر لها فرصة لإطلاق سراح رهائن أميركيين محتجزين لديها عبر التفاوض، لكن النتيجة جاءت عكسية ما دفع الرئيس الأميركي إلى توجيه تهديدات باستهداف حماس وقادتها.

وخرق ترامب بهذه الخطوة ما كان ينظر إليه لفترة طويلة على أنه خط أحمر، ولم يكن يقدر على ذلك أيّ من الرؤساء الذين سبقوه لأن خطوة مثل هذه قد تفهم على أنها تفاوض مع جهة مصنفة إرهابية وتمهيد للاعتراف بها في حين تبذل إسرائيل كل ما في وسعها لتفكيك حماس ونزع سلاحها والضغط من أجل أن تتضمن الخطة العربية لإعمار غزة موقفا واضحا من الحركة.

الانفتاح على حماس ليس أمرا خاصا، هو جزء من منظور ترامب للسلام؛ من ذلك عرضه إنهاء الصراع بين روسيا وأوكرانيا

لكن من الواضح أن ترامب، الذي يحتكم إلى آليات عملية في سياسته، ينظر إلى المسألة من منظور مختلف، فهو يعطي حماس من خلال لقاء مباشر فرصة للتراجع والاستماع للموقف الأميركي من جهة رسمية وليس عن طريق وسطاء أو تسريبات تتسبب في المزيد من ضياع الوقت لحسم معاناة الرهائن.

ويرى مراقبون أن الانفتاح على حماس ليس أمرا خاصا بالحركة، وإنما هو جزء من منظور ترامب للسلام وحل الأزمات؛ من ذلك عرضه إنهاء الصراع بين روسيا وأوكرانيا، كما أن تهديده بممارسة ضغوط قصوى على الحركة يشبه تهديداته للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بسبب رفضه مقاربة البيت الأبيض لحل الأزمة.

وقال جوناثان بانيكوف، وهو نائب سابق لمسؤول شؤون الشرق الأوسط في المخابرات الوطنية الأميركية، إن النهج الدبلوماسي غير التقليدي للرئيس دونالد ترامب يتضمن مخاطر وفرصا.

وأضاف بانيكوف، الذي يعمل الآن في مركز المجلس الأطلسي البحثي، “من ناحية، قد يسهّل التعامل المباشر مع حماس إطلاق سراح الرهائن الأميركيين ويساعد في التوصل إلى اتفاق طويل الأمد… ومن ناحية أخرى، هناك سبب يجعل الولايات المتحدة لا تتفاوض عادة مع الجماعات الإرهابية، لأن علمها بقيام واشنطن بهذا يحفزها (هذه الجماعات) على تكرار هذا السلوك في المستقبل.”

وفيما جرى الحديث عن عقد أكثر من لقاء مباشر في فترات سابقة، ذكر مصدران مصريان لرويترز أن مناقشات جرت مساء الأربعاء بين مبعوث ترامب وقادة حماس ووسطاء من القاهرة والدوحة.

وبحسب موقع أكسيوس، الذي كان أول من كشف عن هذه الاتصالات، أجرى المبعوث الأميركي الخاص هذه المشاورات في الأسابيع الأخيرة في الدوحة. وركزت على إطلاق سراح 5 رهائن أميركيين ما زالوا محتجزين لدى حماس في قطاع غزة، 4 منهم تأكد مقتلهم ويعتقد أن خامسا لا يزال على قيد الحياة.

واللافت أن البيت الأبيض لم يتستر على اللقاء، كما يحصل عادة، بل أعلن عنه، واعتبر أنه أمر مشروع، وأنه تم إعلام إسرائيل به.

حح

وقالت كارولين ليفيت المتحدثة باسم البيت الأبيض ردا على أسئلة صحافيين “بخصوص المفاوضات التي تشيرون إليها، هناك في المقام الأول المبعوث الخاص الذي يشارك في تلك المفاوضات ولديه تفويض.”

وأضافت أنه تمت استشارة إسرائيل في الأمر، لكنها لم توضح ما إذا كان ذلك حدث قبل المحادثات -التي وصفتها بأنها جزء من “جهود حسنة النوايا يبذلها الرئيس دونالد ترامب لفعل ما هو صحيح للشعب الأميركي”- أم بعدها. وكانت الولايات المتحدة تتعامل مع إسرائيل والوسطاء القطريين والمصريين، في مفاوضات الهدنة، دون أي اتصالات مباشرة معروفة بين واشنطن وحماس.

وقال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو “خلال المشاورات مع الولايات المتحدة، أبدت إسرائيل رأيها بشأن إجراء مناقشات مباشرة مع حماس.” ولم يضف البيان المزيد من التفاصيل، لكن إسرائيل التي تعتبر، إلى جانب العديد من الدول الأخرى، حركة حماس منظمة إرهابية ترفض التفاوض مباشرة مع الحركة.

ترامب يعطي حماس فرصة للتراجع والاستماع للموقف الأميركي من جهة رسمية وليس عن طريق وسطاء أو تسريبات تتسبب في المزيد من ضياع الوقت

ووجّه ترامب إلى حماس “آخر تحذير” لكي تطلق الرهائن الأحياء والأموات، وتغادر قيادتها قطاع غزة المدمّر بفعل الحرب التي اندلعت بين إسرائيل وحماس عقب هجوم الحركة على الدولة العبرية في السابع من أكتوبر 2023.

وكتب ترامب على منصّته “تروث سوشل”: “إلى سكّان قطاع غزة: هناك مستقبل جميل ينتظركم، لكن ليس إذا احتفظتم بالرهائن. إذا احتفظتم برهائن أنتم أموات! خذوا القرار الصحيح.”

وأضاف “إنّي أرسل إلى إسرائيل كلّ ما تحتاج إليه لإنهاء المهمة، وما من عضو واحد في حماس سيكون في مأمن إذا لم تفعلوا ما أقوله لكم (…) هذا آخر تحذير لكم! بالنسبة إلى القيادة، الآن هو الوقت المناسب لمغادرة غزة، بينما لا تزال لديكم الفرصة.”

وردّ المتحدث باسم حماس حازم قاسم الخميس بتأكيد أن تهديدات ترامب “تشجع” إسرائيل على “عدم تنفيذ بنود” اتفاق الهدنة الذي بدأ تنفيذه في 19 يناير الماضي.

وأوضح أن التهديدات “تعقد المسائل (المتعلقة) باتفاق وقف إطلاق النار وتشجع الاحتلال على عدم تنفيذ بنوده،” طالبا من الإدارة الأميركية “الضغط على الاحتلال للدخول في مفاوضات المرحلة الثانية حسب ما نص عليه الاتفاق” الذي أبرم بوساطة أميركية وقطرية ومصرية.

وحضّ وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو حماس على أخد تهديدات ترامب على محمل الجد. وقال إن الرئيس “لا يقول هذه الأمور من دون أن يعنيها، كما يكتشف ذلك الناس في العالم. إذا قال إنه سيقوم بأمر ما، فسيقوم به.”

 

اقرأ أيضا:

          • ما هي دلالات التقارب الحمساوي - الأميركي

          • سياسة العصا والجزرة الأميركية مع حركة حماس

          • البلطجة الترامبية وغياب الدبلوماسية

1