البودكاست بديل متطور عن الإذاعة يستحوذ على الشباب ويغري المعلنين

معدّو البودكاست يراهنون على الإعلانات لا غير لدرّ الأرباح، و"سبوتيفاي" أنفقت مليون دولار على بودكاست لإيمي شومر.
الأربعاء 2018/08/15
من لا يستمع إلى البودكاست أشبه بمن فاته قطار الحداثة

نيويورك – باتت ملفّات البثّ الصوتي أو ما يعرف بالبودكاست ذات قيمة اقتصادية هامة، بعد أن انتشرت بشكل واسع وأصبحت شائعة الاستخدام في الولايات المتحدة وتدرّ مئات ملايين الدولارات من العائدات، الأمر الذي لم يكن متوقعا قبل ثلاث سنوات، إلا أن هذه هي البداية فقط وسط توقعات بازدهار سوق البودكاست.

استحدثت هذه التقنية قبل 15 عاما، والملف الصوتي عبارة عن برنامج إذاعي ينتجه أشخاص عاديون أو مؤسسات ويطرح موضوعات متعددة وهو مسجل ومتاح على الإنترنت في سلسلة حلقات، ويمكن للمستخدمين الاشتراك فيه وتحميل الحلقات الجديدة تلقائيا عند صدورها، بمجرد الاتصال بالإنترنت.

وتُستخدم التقنية اليوم من قبل 124 مليون أميركي، من بينهم 73 مليون مستخدم شهريا، بحسب ما أظهرت دراسة لمجموعة “إديسون ريسرتش”.

ويقول مات ليبر أحد مؤسسي “غيملت ميديا” التي تعدّ من الشركات البارزة في هذا المجال في الولايات المتحدة “هؤلاء الذين لا يستمعون إلى البودكاست هم أشبه بمن فاته قطار الحداثة”.

بالإضافة إلى الأعداد الآخذة في الازدياد، قد يطمع أيّ معلن باجتذاب مستخدمي هذه البرامج، فهؤلاء هم أكثر شبابا وتحصيلا للشهادات الجامعية وبينهم الكثير من النساء، خلافا لمستمعي المحطات الإذاعية الذين تخطّوا الخامسة والثلاثين من العمر في مجملهم. ويلفت نيل كاروث المسؤول عن البودكاست في الإذاعة الوطنية العامة (أن.بي.آر) إلى أن “جمهور البودكاست حريص جدّا على عاداته هذه، فهو الذي يختار طوعا الاستماع إلى شيء ما”.

لذا، فهو يثير مطامع المعلنين، عل حدّ قول كاروث الذي تتخطّى إذاعته منافسيها بأشواط مع 17 مليون مستمع شهريا، في مقابل 5 ملايين لأقرب منافسيها من القطاع الخاص.

ويكمن سرّ هذا النجاح في قراءة الإعلانات عبر الأثير، من قبل المقدّمين أنفسهم في أغلب الأحيان، خلال تسجيل البرنامج، ما يعدّ أكثر فعالية من الحملات الإعلانية التقليدية.

سر نجاح تقنية البودكاست في استقطاب المعلنين يكمن في قراءة الإعلانات عبر الأثير من قبل مقدمي البرامج أنفسهم

لكن، في العام 2016، لم تكن العائدات التي تدرّها الإعلانات في ملفّات البودكاست تتخطّى 169 مليون دولار، بحسب الدراسة السنوية لـ“برايس ووتر هاوس كوبرز” (بي.دبليو.سي) ومكتب “آي.إي.بي”.

ووفق دراسة لمجموعة “بي.آي.إي/كيسلي” فإنه خلال العام عينه، بلغت قيمة العائدات الإعلانية في المحطات الإذاعية التقليدية 14 مليار دولار.

ويقول أريك دين المدير التنفيذي لـ“ميدرول ميديا” الذي يتولّى خصوصا البحث عن سبل لدرّ المال من البودكاست “قبل سنوات، لم يكن رقم الأعمال يتلاءم مع ازدياد شعبية هذه التقنية وعدد مستخدميها. لكننا في طور التعويض”.

في العام 2017، تضاعفت العائدات الإعلانية تقريبا لتصل إلى 313 مليون دولار، ووفق دراسة “بي.دبليو.سي/آي.إي.بي” فإنها تتوقّع استمرار النموّ على هذا المنوال بحلول 2020.

ويؤكّد دين “بدأنا نسجّل عائدات أعلى بكثير من العلامات التقليدية”.

وبحسب دين فكثيرة هي برامج البودكاست اليوم التي تدرّ رقم أعمال سنويا يتخطّى مليون دولار، كما أن مئات البرامج من هذا النوع تحقق عائدات تراوح بين 500 ألف ومليون دولار.

وخلافا لـ“يوتيوب” حيث من الممكن للاعب صغير جني الأرباح من المنصّة، حيث يتركّز قطاع البودكاست على حوالي ألفي برنامج تقريبا، في حين أن عائدات بنحو 500 ألف هي شبه معدومة. ويعوّل معدّو البودكاست راهنا على الإعلانات لا غير لدرّ الأرباح لأنّ المنصّتين الأكثر استخداما، “أبل” و”أندرويد”، هما مجانيتان.

لكن البعض يرى مستقبل هذه التقنية في الخدمات المدفوعة الأجر، على غرار منصة “ستيتشر” التابعة للمجموعة عينها مثل “ميدرول” والتي توفّر عرضا تمايزيا (بريميوم) في مقابل 4.99 دولارات في الشهر الواحد.

وقد أنفقت “سبوتيفاي” الأولى عالميا في مجال البثّ التدفقي، مليون دولار مؤخرا على بودكاست من إعداد الممثلة الأميركية إيمي شومر. ومن المناهج الأخرى التي قد تجدي نفعا ذلك المعتمد في “كاستبوكس” مع تقديم عرض مجاني تفرض معه رسوم عند تخطّي عدد معيّن من عمليات التحميل.

وقد أطلقت “غيملت” شركة تابعة لها تحت اسم “غيملت كرييتف” تتولّى إعداد البودكاست للماركات، وذلك في مسعى إلى تنويع مصادر الدخل. كما أنشأت المجموعة التي أبصرت النور قبل أربع سنوات في نيويورك “غيملت بيكتشرز” لتحويل برامج البودكاست إلى أعمال سينمائية أو تلفزيونية.

وقد أُعدّ أوّل مسلسل هو “أليكس، إنك” في الربيع لحساب قناة “إي.بي.سي”، في حين سيطلق عمل من بطولة جوليا روبرتس على “أمازون” في نوفمبر.

وتقنية بودكاست التي ازدهرت بدفع من رواج الهواتف الذكية تسمح بمواكبة التغيّر الحاصل في استخدامات التكنولوجيا. ويقول مات ليبر إن “هذا النموّ هو أوّل الغيث”.

18