البنية التحتية للطاقة في إيران أكثر عرضة للهجمات المستقبلية

الصراع في الشرق الأوسط لا يفرق بين المنشآت السياسية والاقتصادية.
السبت 2024/11/02
منشآت الطاقة الإيرانية بأمان إلى أن يأتي ما يغير ذلك

إسرائيل تجنبت في هجماتها الانتقامية الأخيرة على إيران منشآت الطاقة، إلّا أن ذلك لم يرسل رسالة إيجابية إلى الأسواق، حيث يرى محللون أن الضربات حرمت المنشآت من دفاعاتها، وتركت الباب مفتوحا لكل السيناريوهات بعد الانتخابات الأميركية.

لندن – منذ ألف وأربعمئة عام تقريبا كانت نصيحة عمر بن الخطاب لجنوده تجنب تدمير الزرع والضرع، حتى لا يلحق الضرر بالمدنيين الذين يعتمدون على هذه الموارد في معيشتهم.

هذه النصيحة لم يعد معمولا بها اليوم، تحقيق الانتصار على الخصم يبرر اللجوء لاستخدام كل الوسائل المتاحة.

الصراع الدائر في المنطقة حول المنشآت الاقتصادية النفطية الإيرانية إلى منشآت سياسية يمكن أن تستهدف مثلها مثل أي هدف سيادي أو عسكري، حتى ولو كان من نتائج ذلك التسبب بمجاعة.

إسرائيل في هجماتها الانتقامية المحدودة الأخيرة تجنبت إلى حد كبير منشآت الطاقة الإيرانية، ولكن لم يكن ذلك حرصا منها على الأمن الاقتصادي لإيران. ويشير ستاندرد تشارت إلى أن الأضرار التي لحقت بالدفاعات الجوية على البنية التحتية للطاقة الإيرانية زادت من احتمال تعرضها للهجمات المستقبلية.

تحكم عوامل الطلب لا ينفي دور الصراعات في التأثير على الأسعار لتبقى الأنفاس محبوسة إلى انتهاء الانتخابات الأميركية

وكانت أسعار العقود الآجلة للنفط الخام القياسي قد انخفضت قبل خمسة أيام بأكبر هامش لها في يوم واحد في أكثر من عامين بعد أن شنت إسرائيل هجماتها على إيران لكنها تجنبت إلى حد كبير منشآت الطاقة، مما خفف المخاوف من تعطل الإمدادات العالمية. وقصفت إسرائيل بشكل أساسي أنظمة الدفاع الجوي ومواقع إنتاج الصواريخ في ثلاث محافظات إيرانية، حيث يقول محللون إن عدم توجيه ضربات على البنية التحتية النفطية أو المنشآت النووية يترك الباب مفتوحا أمام الجانبين لتهدئة الصراع. أو للذهاب به إلى حدود القصوى.

وفي الوقت نفسه، خفف المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي من حدة خطاب الحرب من خلال الامتناع عن المحادثات حول الانتقام الفوري. ومع ذلك ، اتخذ محللو السلع في ستاندرد تشارترد وجهة نظر أكثر دقة للوضع.

وفي حين أن البنية التحتية للطاقة لم تكن هدفا مباشرا في الدفعة الأخيرة من الضربات الصاروخية الإسرائيلية على إيران، فإن منشآت النفط والغاز في البلاد لم تخرج من الهجمات سالمة تماما.

ويشير مقال للكاتب والمحلل الاقتصادي أليكس كيماني في موقع أويل برايس إلى أن السوق قد قلل من تقدير مخاطر الهجمات على البنية التحتية للطاقة الإيرانية بعد الانتخابات الرئاسية الأميركية.

في الوقت نفسه، شهدت أسعار النفط تقلبات كبيرة نتيجة لهذه الأحداث، مع تراجع المخاوف بشأن تعطل الإمدادات العالمية. وكانت صحيفة الغارديان قد ذكرت قبل ثلاثة أيام، أن إسرائيل استخدمت ضربات جوية وطائرات دون طيار دقيقة لاستهداف أنظمة الدفاع الجوي التي تحمي منشآت النفط والغاز الحيوية، فضلا عن المواقع العسكرية المرتبطة ببرنامج طهران النووي وإنتاج الصواريخ الباليستية.

وتشمل بعض أنظمة الدفاع الجوي المستهدفة مصفاة عبادان النفطية، ومجمع بندر الإمام الخميني للبتروكيماويات، وحقل الغاز تانغي بيجار، وميناء بندر في جنوب البلاد. وبشكل عام، أفادت وسائل الإعلام الإسرائيلية بوقوع حوالي 20 إصابة. ويشير ستاندرد تشارت إلى أن الأضرار التي لحقت بالدفاعات الجوية على البنية التحتية للطاقة الإيرانية زادت من تعرضها للهجوم في المستقبل، وهو تطور يبدو أن السوق تتجاهله، أو على الأقل لا تقدره.

pp

ومع ذلك، قلصت أسعار النفط بعض الخسائر الثقيلة يوم الاثنين، حيث ارتفع خام برنت تسليم ديسمبر بنسبة 2.1 في المئة بينما ارتفع عقد خام غرب تكساس الوسيط المقابل بنسبة 2.0 في المئة ليتغير عند 68.62 دولار للبرميل. ويأتي الارتفاع الأخير في أسعار النفط بعد أن ذكرت إدارة معلومات الطاقة الأميركية أن المخزون يسحب البنزين ونواتج التقطير المتوسطة للأسبوع حتى 25 أكتوبر.

وانخفضت مخزونات البنزين بمقدار 2.7 مليون برميل، حيث بلغ متوسط الإنتاج 9.7 مليون برميل يوميا مقارنة مع بناء مخزون قدره 900 ألف برميل للأسبوع السابق، عندما بلغ الإنتاج في المتوسط 10 ملايين برميل يوميا. وفي الوقت نفسه، في نواتج التقطير المتوسطة، قدرت إدارة معلومات الطاقة انخفاضا في المخزون بمقدار مليون برميل، حيث بلغ متوسط الإنتاج 4.9 مليون برميل يوميا مقارنة بسحب مخزون قدره 1.1 مليون برميل للأسبوع السابق عندما بلغ الإنتاج متوسط 5 ملايين برميل يوميا.

في الأسبوع الماضي، ذكرت ستاندرد تشارت أن الطلب العالمي على النفط بلغ أعلى مستوى له على الإطلاق عند 103.79 مليون برميل يوميا في أغسطس، وهي مفاجأة تصاعدية بنحو 450 ألف برميل يوميا. ويصبح شهر أغسطس الشهر الثالث على التوالي الذي يتم فيه تسجيل أعلى مستوى جديد للطلب على الإطلاق، حيث توصلت ستاندرد تشارت إلى أن نمو الطلب بلغ 1.32 مليون برميل في اليوم في أغسطس.

وتحكّم عوامل الطلب والنمو بأسعار الطاقة، لا يقلل من مخاطر الصراعات ودورها في التأثير على منحى الأسعار، لذلك ستبقى الأنفاس محبوسة إلى انتهاء الانتخابات الأميركية، وانتظار ما سيتكشف عنه الصراع في الشرق الأوسط خاصة بين إسرائيل وإيران.

10