البنوك ملجأ العراق لسد فجوة العجز المالي في موازنة 2025

2.3 مليار دولار قيمة السندات المعروضة على شريحتين لأجل سنتين و4 سنوات.
الأربعاء 2025/03/26
اضبطوا حساباتكم جيدا

كشف العراق أنه يعتزم الاقتراض من القطاع المصرفي خلال الفترة المقبلة بطرح سندات سيادية بهدف تغطية جزء من العجز الكبير في موازنة السنة الحالية، وسط توقعات بأن تواجه الحكومة أزمة مالية بسبب انخفاض أسعار النفط باعتباره المصدر الرئيسي للإيرادات.

بغداد - تسعى وزارة المالية العراقية إلى طرح سندات سيادية بقيمة 3 تريليونات دينار (نحو 2.3 مليار دولار) مخصصة للقطاع المصرفي حصرا، وفق وثيقة أصدرها البنك المركزي الأحد الماضي.

وأشارت الوثيقة إلى أن السندات ستكون على شريحتين، الأولى بقيمة نصف مليون دينار (382.2 ألف دولار) للسند، لأجل سنتين، وبفائدة سنوية قدرها 8 في المئة، والثانية بقيمة مليون دينار (764.4 ألف دولار) للسند، لأجل 4 سنوات، وبفائدة 10 في المئة سنويا.

وقال المركزي في رسالته الموجهة إلى البنوك إن طرح السندات الجديدة “يأتي في إطار الشراكة الإستراتيجية بين القطاع المصرفي والحكومة العراقية،” مؤكدا أن السندات “تمثل أداة مزدوجة تجمع بين استثمار آمن ومساهمة مباشرة في دفع عجلة التنمية.”

وحدد البنك موعد عملية بيع هذه السندات خلال الفترة الفاصلة بين العشرين والتاسع والعشرين من شهر مارس الجاري. وسيجري تداول هذه السندات في سوق العراق للأوراق المالية بيعا وشراءً، وهي معفاة من الضرائب، وفق الوثيقة.

وبحسب التقديرات، فإن الموازنة التي تعد من أبرز قضايا الصراع السياسي والاقتصادي في البلاد، وتكون بنودها موجه للإنفاق أكثر من كونها موجهة لبرامج تنمية، سيبلغ العجز فيها هذا العام نحو 50 مليار دولار.

ويقول المختصون إن الموازنة السنوية تبدو تشغيلية الشكل والمضمون بأكثر من 160 مليار دولار ويمولها في العادة ما تجنيه الدولة من تجارة النفط الخام. كما أن الدين الداخلي يؤثر في الموازنة الحالية، فقد ارتفع بنسبة 17 في المئة متجاوزا 83 ترليون دينار (63.1 مليار دولار) على أساس سنوي.

وتهدد تحديات الديون وفوائدها الأسعار ومستوى التضخم، الذي من المتوقع أن يبلغ 2.3 في المئة، وفق تقديرات صندوق النقد الدولي، كما أنها تقيد الإنفاق للمنافع الاجتماعية وخفض موازنات المحافظات وبعض مشاريع البنى الأساسية.

محمود داغر: الضرورة اقتضت طرح إصدارات جديدة بفائدة أكثر جاذبية
محمود داغر: الضرورة اقتضت طرح إصدارات جديدة بفائدة أكثر جاذبية

ويأتي هذا الإصدار بعد نحو أسبوع من إغلاق الإصدار الأول للسندات المحلية، الذي بلغ حجمه تريليوني دينار (1.52 مليار دولار)، وامتد على مدار شهر حتى العاشر من مارس الحالي.

لكن تلك السندات خُصصت للأفراد والشركات الباحثين عن أدوات مالية وادخارية مستقرة، وكان بفوائد أدنى بلغت 6 في المئة للسندات لأجل سنتين، و7.5 في المئة لأجل أربع سنوات. وكشف مسؤول في البنك المركزي العراقي لبلومبيرغ الشرق أنه لم يتم بيع سوى 25 في المئة من السندات المخصصة للأفراد والشركات، أي حوالي 380 مليون دولار.

وقال المسؤول، الذي طلب عدم الإفصاح عن هويته نظرا لحساسية المعلومات، إن “زيادة الفائدة في الإصدار الجديد تهدف لترغيب المصارف بشراء السندات من أجل استخدام حصيلة العملية لتمويل مشاريع حكومية.”

ويشهد العراق فورةً في مشاريع البنية التحتية والكهرباء والمياه والطاقة والسياحة، وغيرها من القطاعات، وقد خصصت الحكومة 100 مليار دولار على مدى ثلاث سنوات لمشاريع بنى تحتية فقط.

ويتزامن ذلك مع الضغط الذي يتسبب فيه تراجع أسعار النفط في الأسواق العالمية والتي تحوم حول 70 دولار أو أكثر قليلا، وخفض الإنتاج ضمن اتفاق تحالف أوبك+، على الموازنة العامة. ورغم أن حزمة الإصلاحات الحكومية تحرز تقدماً لبعض القطاعات، لكن دون الأثر البارز في الناتج المحلي الاجمالي، فالصناعة ذات 4800 مشروع خاص لا تتجاوز اثنين في المئة.

وبالنسبة لقطاع الزراعة فتتوقف مساهمته السنوية عند 3 في المئة، كما أن السياحة لا تشكل سوى واحد في المئة من الناتج الإجمالي للبلد بسبب قيود تشريعية تؤثر في نمو القطاع الخاص.

وتؤمن واردات الصادرات النفطية حاليا 7 مليارات دولار شهريا يستقطع منها 760 مليون دولار لنفقات شركات النفط، و5 مليارات لتأمين الرواتب للقطاع العام ونص مليار دولار للأمن الغذائي. في المقابل، تبقى الالتزامات الأخرى تبحث عن تمويل عبر الاقتراض أو الموارد غير النفطية التي لا تتجاوز 11 مليار دولار سنويا.

ويرى محمود داغر، الباحث في الشأن الاقتصادي ومدير عام سابق في البنك المركزي، أن العجز المسجل في الموازنات الاتحادية، يفرض الحاجة لتوفير تمويل إضافي، بما في ذلك إصدار السندات.

وتعليقا على الإصدار الأول الذي لم تتم تغطيته إلا بنحو الربع، قال داغر لبلومبيرغ الشرق “كانت معدلات الاكتتاب شبه معدومة، لأن العوائد المعروضة لم تكن مجدية للمستثمرين.”

وأوضح أن وزارة المالية رأت ضرورة طرح إصدار جديد بأسعار فائدة أكثر جاذبية، بهدف تعزيز الإقبال على السندات، خاصةً من جانب المصارف التي تمتلك سيولة عالية بالدينار العراقي.

50

مليار دولار حجم العجز في الموازنة، وقيمة الديون سترتفع بنحو 17 في المئة خلال هذا العام

ولفت إلى أن “هذه البنوك تواجه صعوبات ومخاطر في تنفيذ مشاريعها التمويلية، بينما تعرض السندات الحكومية حاليا عوائد تنافسية نسبيا.”

ويتوقع داغر أن تستقطب الخطوة الحالية تلك البنوك، نظرا لتقارب مستويات الفائدة المعروضة مع العوائد المحققة من الأنشطة الأخرى، ولكن مع مخاطرة أقل.

وتسبب إغلاق البنك المركزي لمنصة تحويل الدولار في مغادرة ودائع مالية سواء لأفراد أو شركات خوفا من أن البنوك التي كانت تحتضن أموالهم قد تتعرض للإفلاس وتعجز عن سداد ودائعهم، لعدم تماشي إجراءاتها مع متطلبات وزارة الخزانة الأميركية.

وتظهر بيانات البنك تقلصا في حجم الودائع في البنوك التجارية إلى أدنى مستوى في اثنين وعشرين شهرا، إلى 93.9 مليار دولار في نوفمبر الماضي، مقابل 97.3 مليار دولار قبل شهر.

وتقلص حجم الودائع بمقدار 5.3 مليار دولار في خمسة أشهر من يونيو إلى نوفمبر العام الماضي، ما يعكس اتجاها مستمرا نحو تراجع مستويات الادخار في النظام المصرفي خلال الأشهر الأخيرة. وكان البنك المركزي يقوم منذ مطلع 2023 بالمراقبة المباشرة للحوالات المالية بالدولار من خلال منصة خاصة بهدف إعادة تنظيم العملية بين البنوك العراقية.

وأدرجت الولايات المتحدة 14 بنكا عراقيا، تمثل نصف إجمالي مؤسسات القطاع المصرفي، على القائمة السوداء، ومنعتها من إجراء معاملات بالدولار للاشتباه في استخدامها لغسل الأموال وتحويل الأموال إلى إيران وسوريا.

ونقلت رويترز عن مصدرين مطلعين الشهر الماضي، إن المركزي سيحظر على 5 بنوك أخرى التعامل بالدولار، في خطوة تأتي بعد اجتماعات مع مسؤولين من وزارة الخزانة الأميركية في إطار جهود مكافحة غسل الأموال وتهريب الدولار وانتهاكات أخرى.

11