البنوك تواجه عثرة في بناء الثروة جراء الحرب والتضخم

حقبة جديدة من ارتفاع أسعار الفائدة تجدد التركيز على مخاطر الإقراض.
السبت 2022/05/07
هل تعتقد أن البنوك ستخسر زخمها؟

حذر محللون من أن البنوك باتت أمام تحدّ لم تواجهه منذ سنوات ويتمثل في انحسار قدرتها على بناء ثرواتها جراء الحرب في شرق أوروبا ودورة التضخم الجامح، حيث تجدد الحقبة الجديدة من ارتفاع أسعار الفائدة التركيز على مخاطر الإقراض التي ستؤثر على قطاع الأعمال.

لندن – يتخذ المسؤولون التنفيذيون في أكبر البنوك العالمية خطوات للتغلب على الأثر الأوسع للحرب في شرق أوروبا والتضخم الجامح مع توقف تدفق أموال البنوك المركزية في الدول التي تنشط فيها والتي جعلتها واقفة على قدميها لأكثر من عقد من الزمن.

وقال مصرفيون ومحللون ومستثمرون لرويترز إنه إذا كان صناع السياسة يأملون في أن تساعد البنوك في تجنب الركود من خلال تشغيل صنابير الإقراض الخاصة بهم، فإنهم أمام احتمال أن يصابوا بخيبة أمل هذه المرة.

وثمة اعتقاد راسخ بين خبراء أسواق المال والمصارف بأنه يتعين على البنوك الآن أن تتعامل بسرعة مع الارتفاع الحاد في مخاطر ممارسة الأعمال التجارية بحيث يوفق المقترضون من الشركات والأفراد بين الديون المرتفعة وتكاليفها الباهظة.

كارستن برزيسكي: الحرب وتأثيرها على الأسعار غيّرا قواعد اللعبة

ودفع اندلاع الحرب الروسية – الأوكرانية التي دخلت شهرها الثالث أوروبا إلى شفا الركود وتسبب في خسائر للبنوك بما في ذلك بنك سوسيتيه جنرال الفرنسي ورايفيزن النمساوي.

كما قام بنك كريدي أغريكول الفرنسي ويونيكريديت الإيطالي بتقديم مخصصات ضد الخسائر المرتبطة بالحرب، لكن الآثار، رغم الشعور بها بقوة في أوروبا، تنتشر في جميع أنحاء العالم.

وقال كارستن برزيسكي، الخبير الاقتصادي في البنك الهولندي آي.أن.جي إن “الحرب وتأثيرها على تضخم الأسعار غيّرا قواعد اللعبة”.

وأضاف “سيستغرق المستهلكون سنوات لاستعادة قوتهم الشرائية التي خسروها بسبب التضخم. وستكون الشركات كذلك”.

وما يزعج بعض المستثمرين هو أن الشروخ بدأت بالفعل في الظهور في الميزانيات العمومية للبنوك، حيث أظهرت النتائج تضاؤل وسائد رأس المال لكل من جي.بي مورغان وباركليز وأتش.أس.بي.سي ومورغان ستانلي وبنك أوف أميركا وكريدي سويس وسيتي في الربع الأول من 2022.

وتسببت النهاية المطولة للارتفاع الصعودي الذي دام 40 عاما في السندات في خسائر مؤلمة للعديد من البنوك، في حين أن البعض الآخر يراكم أيضا ديونا بعد عمليات الإغلاق الوبائية التي عطلت التجارة العالمية وأغلقت الآلاف من الشركات في جميع أنحاء العالم.

بارينجتون بيت ميللر: وقوف البنوك الكبرى فوق قوة رأسمالية فائضة يتلاشى

وألغت بعض البنوك خططها لإعادة شراء الأسهم ذات القيمة الرخيصة في ضوء انزلاق رأس المال، على الرغم من تحقيق أرباح مصرفية استثمارية جيدة ساعدتها الأسواق المالية المتقلبة.

وقال بارينجتون بيت ميللر، كبير مسؤولي الاستثمار في ويكهام للمستشارين الخارجيين “توقعنا عمليات إعادة شراء ضخمة، ثم فجأة تم إلغاؤها أو تعديلها”.

وأضاف “اعتقد الناس أن البنوك الكبرى كانت تقف على مناصب رأسمالية فائضة هائلة”. وتابع “هذه الديناميكية الآن تتلاشى”.

وفي حين أن ارتفاع أسعار الفائدة يجب أن يكون من الناحية النظرية أخبارا جيدة للبنوك، التي يمكنها عادة زيادة هوامشها وبالتالي أرباحها، فإن الوضع ليس واضحا في عام 2022.

وأشار رفع سعر الفائدة التاريخي لمجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي (البنك المركزي) بمقدار 50 نقطة أساس الأربعاء الماضي إلى أن أكبر اقتصاد في العالم قلق بشأن التضخم أكثر من قلقه من توقف النمو.

وفي أوروبا، تتحرك تكاليف الاقتراض في اتجاه مماثل. وقالت مصادر لرويترز إن البنك المركزي الأوروبي قد يرفع أسعار الفائدة في أقرب وقت في يوليو المقبل.

وكان بنك إنجلترا المركزي قد رفع أسعار الفائدة 25 نقطة أساس إلى واحد في المئة الخميس الماضي وحذر من أن بريطانيا تخاطر بضربة مزدوجة من الركود والتضخم فوق 10 في المئة.

وقد تساعد المعدلات المرتفعة بعض المقرضين في الاستفادة من عمليات التحوط التي يتم اتخاذها لتعويض انخفاضات سوق السندات، لكنهم يجبرون البنوك أيضا على تشديد شيكات القدرة على تحمل التكاليف، حيث يواجه العديد من العملاء صعوبة في سداد القروض وبطاقات الائتمان والرهون العقارية.

وفي الشهر الماضي، حذر الرئيس التنفيذي لبنك جي.بي مورغان جيمي ديمون من التداعيات الاقتصادية للحرب وارتفاع التضخم، بعد تراجع أرباح الربع الأول في أكبر بنك في الولايات المتحدة.

ويُنظر إلى هذا البنك على أنه رائد للاقتصاد الأميركي ونتائج أعماله تبشر بنتائج ومؤشرات إيجابية للبنوك في جميع أنحاء العالم.

كين أورتشارد: حتى مع ارتفاع الفائدة الوقت ليس جيدا لإضافة الائتمان

وقال كيث ويد، كبير الاقتصاديين والاستراتيجيين في شركة شرودرز “أعقبت فترات الركود في ثمانينات وتسعينات القرن الماضي ارتفاعا في التضخم مشابها للذي نشهده اليوم”.

ويتوقع صندوق النقد الدولي أن تنمو منطقة اليورو بنسبة 2.8 في المئة فقط هذا العام مقارنة بنحو 5.3 في المئة العام الماضي، مع توقع نمو معتدل إلى 2.3 في المئة خلال العام المقبل.

واقترح الاتحاد الأوروبي الأربعاء الماضي أقسى عقوباته حتى الآن على روسيا، بما في ذلك حظر نفطي تدريجي قد يثير مشاكل جديدة لكل من المقترضين والبنوك.

وترجح شركة الاستشارات إي.واي أن يتباطأ نمو الإقراض بشكل عام بعد أن أعلنت عن توقعات صادمة هذا الأسبوع تشير إلى عدم سداد 3.4 في المئة من القروض الأوروبية هذا العام، لترتفع مرة أخرى في عام 2023.

وهذا أعلى بكثير من 2.4 في المئة المسجل العام الماضي، وإن كان أقل من مستويات التخلف عن السداد التي سجلت في أعقاب أزمة الديون في منطقة اليورو.

وتتنبأ شركة إعادة الهيكلة بيغبيس ترينور أيضا بأوقات قاتمة في المستقبل، بعد الإبلاغ عن زيادة بنسبة 19 في المئة على أساس سنوي في الشركات البريطانية التي تعاني من ضائقة مالية حرجة في الربع الأول من هذا العام، حيث تتراجع إجراءات الدعم من آثار الوباء وتتصاعد التكاليف.

وقال كين أورتشارد، مدير صندوق في تي روي برايس إنه في حين أن ارتفاع أسعار الفائدة سيوفر عادة فرصة للإقراض، فإن الوقت الحالي “ليس وقتا جيدا لإضافة الائتمان” على خلفية الصراع في أوكرانيا وتوقعات سيئة للنمو الصيني بسبب الإغلاق.

10