البنوك تعاضد جهود مسح البصمة الكربونية في الإمارات

ينخرط القطاع المصرفي الإماراتي في جهود الحكومة لتنفيذ إستراتيجيتها المتعلقة بمسح البصمة الكربونية للدولة في سياق مخطط عام تتبناه السلطات، لتكون كافة القطاعات مشاركة في هذا التحدي بما يحقق هدف الحياد المناخي في غضون أقل من 30 عاما.
أبوظبي - تعمل البنوك الإماراتية على تعزيز جهودها محليا وإقليميا ودوليا في مجال التمويل الأخضر وإطلاق مبادرات داعمة للحياد المناخي، بما يتماشى مع رؤية الإمارات الرامية إلى تعزيز النمو المستدام ومبادراتها لتحقيق الحياد المناخي بحلول 2050.
ويتزامن ذلك مع استعدادات البلد الخليجي لاستضافة مؤتمر المناخ (كوب 28) الذي تحتضنه إمارة دبي أواخر نوفمبر المقبل ولمدة أسبوعين تقريبا.
ومع تنامي أهمية التمويل المناخي سجلت البنوك إنجازات تضمنت تقديم تسهيلات بمليارات الدولارات للتمويل المستدام والاستثمارات المرتبطة بالتكيّف مع البيئة.
كما قامت بدعم جهود التحول نحو الاقتصاد الأخضر محليا وفي الشرق الأوسط بما يؤكد نجاح البنوك في تحقيق إنجازات ملحوظة في تطوير الحلول المصرفية المستدامة.
وخلال السنوات الأخيرة برز التزام البنوك بتلبية الاحتياجات إلى حلول التمويل المستدام، عبر توجيه تدفقات رأس المال نحو مشاريع تحقق نقلة نوعية، وتدعم رؤية عام الاستدامة 2023 في الإمارات وخفض الانبعاثات الكربونية.
وتمكن القطاع المصرفي والمالي المحلي من تحقيق إنجازات ملحوظة في تطوير الحلول المستدامة بما يتماشى مع إستراتيجية الدولة لخفض الانبعاثات ومع أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة.
وذكر اتحاد مصارف الإمارات مؤخرا أن إجمالي التمويل الأخضر لستة بنوك بلغ نهاية العام الماضي أكثر من 190 مليار درهم (51.8 مليار دولار)، وهي تتجه لزيادة مساهمتها في تنمية هذا المجال الواعد.
وبحسب الاتحاد، خُصِصت التمويلات لمشاريع متنوعة في مجال الطاقة البديلة وتحويل النفايات إلى طاقة والتكنولوجيا الخضراء.
ونسبت وكالة الأنباء الإماراتية الرسمية إلى جمال صالح، المدير العام للاتّحاد، قوله إن “قطاعنا المصرفي والمالي يقوم بدور رئيسي في تحقيق أهداف الحياد المناخي 2050 عبر تمويل المشاريع التي تُسهِم في تسريع التحول إلى اقتصاد ذكي مستدام”.
وأكد أن اتحاد مصارف الإمارات ملتزم بمعايير الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية في مختلف عملياته.
وأضاف صالح “لتحقيق الحياد الكربوني يتوجب دعم تمويل الاستثمارات المستدامة ونرى أن التعاون في تحديد إطار للمساءلة وتطبيق أفضل الممارسات سيشجع على الانتقال إلى اقتصاد محايد مناخيا وفعال في استخدام الموارد”.
وأعلن بنك أبوظبي الأول، أكبر بنك إماراتي من حيث الأصول، وثاني أكبر بنك في الشرق الأوسط، أنه سيقدم تمويلات خضراء بقيمة 75 مليار دولار خلال الفترة الممتدة بين عامي 2022 و2030.
ووفق المعطيات المتداولة، فإن البنك، الذي سيحضر في كوب 28 بصفته شريكا إستراتيجيا، ضخ تمويلات بقيمة 20 مليار دولار حتى منتصف هذا العام.
وكان أبوظبي الأول أول بنك يصدر سندات خضراء في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في 2017، وما زال محافظا على مكانته في صدارة سوق السندات البيئية في المنطقة، ومثّلت هذه السندات أكثر من نصف إصداراته خلال العام الماضي.
وأصبح في مطلع 2023، أول بنوك المنطقة العربية، التي تضع أهدافا لخفض الانبعاثات الضارة لعام 2030 في قطاعات النفط والغاز والطيران وتوليد الطاقة.
وانضم بنك أبوظبي التجاري قبل أشهر إلى مبادرة “تعهد الشركات المسؤولة مناخيا” التي أطلقتها وزارة التغير المناخي والبيئة، ليؤكد التزامه بدعم أجندة العمل المناخي لدولة الإمارات ومبادرتها الإستراتيجية لتحقيق الحياد الكربوني.
البنوك الإماراتية سجلت إنجازات تضمنت تقديم تسهيلات بمليارات الدولارات للتمويل المستدام والاستثمارات المرتبطة بالتكيّف مع البيئة
وكجزء من التعهد، التزم البنك باتخاذ حزمة إجراءات خاصة لتسريع وتيرة توسيع نطاق مساهمته في المبادرة الإستراتيجية لتحقيق الحياد.
وتشمل التدابير وضع خطة لتقليل البصمة الكربونية للبنك ومواصلة الممارسات الحالية التي يعتمدها في قياس انبعاثات الغازات الدفيئة الخاصة به والإفصاح عنها.
ولن يكون مصرف أبوظبي الإسلامي بعيدا عن هذا الفلك، إذ تهدف إستراتيجيته المتعلقة بالحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية الجديدة للسنوات الثلاث المقبلة، إلى منح الأولوية لتسريع مبادرات التمويل والاستثمار الأخضر.
وخصص البنك 1.7 مليار دولار لتمويل المشاريع المستدامة بعدما وضع العام الماضي إطار عمل جديد يتكون من 6 محاور تحتوي كل ركيزة على مجالات محددة.
وتتماشى خطط المصرف مع المبادرة الإستراتيجية لتحقيق الحياد المناخي ووثيقة مبادئ الخمسين والخطة الوطنية للتعزيز المناخي وإستراتيجية الإمارات للتنمية الخضراء ورؤية أبوظبي الاقتصادية 2030.
وعلاوة على ذلك كان لممارسات الأعمال المستدامة التي قام بها الإمارات دبي الوطني تأثير مباشر على المجتمعات التي يخدمها، ولا يزال يواصل مسيرته في بناء مجتمعات أكثر شمولا وتمكينا.
وتولى هذا البنك زمام المبادرة في المنطقة بتوفير خدمات تداول عقود الكربون الآجلة، مما ساهم في تلبية الطلب المتزايد من الشركات لإدارة انبعاثاتها الكربونية ودعم الإستراتيجية الوطنية لتحقيق الحياد المناخي 2050.
وكجزء من جهوده الرامية إلى تحقيق الحياد المناخي، وقّع البنك مؤخرا على تعهد الشركات المسؤولة مناخيا والذي أطلقته وزارة التغير المناخي في الإمارات، بما يتماشى مع الالتزام بدعم جهود الدولة لإزالة الكربون.
كما وقّع على تعهد بتسريع تحقيق الهدف الخامس من أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة لتعزيز المساواة بين الجنسين في القطاع الخاص المحلي.
51.8
مليار دولار قيمة قروض قدمتها 6 بنوك خلال العام الماضي لتنمية مشاريع منسجمة مع البيئة
وبموازاة ذلك يواصل البنك بناء علاقات تعاونية هادفة تركز على الاستدامة والابتكار مع الهيئات الحكومية وشركات القطاع الخاص الأخرى.
وفي دليل آخر على جدية القطاع المصرفي في تذليل العقبات أمام تحقيق أهداف الحياد الكربوني، نجح بنك دبي الإسلامي مؤخرا في تسعير ثاني إصداراته من الصكوك المستدامة بقيمة مليار دولار.
واتسم الإصدار بالعديد من المميزات منها كونه أكبر إصدار من قبل مؤسسة مصرفية من الشرق الأوسط في أسواق رأس المال الدولية منذ يونيو 2021، وأكبر إصدار مستدام على الإطلاق من قبل مؤسسة مالية في المنطقة.
وأثبت الطرح مرة أخرى ريادة بنك دبي الإسلامي في قطاع التمويل الإسلامي والمستدام، حيث شهد إقبالا واهتماما كبيرين من قبل المستثمرين من أوروبا، وآسيا والشرق الأوسط.
وينشط في الإمارات 24 مصرفا محليا و37 مصرفا أجنبيا، وتسيطر أكبر 5 بنوك على حوالي 60 في المئة من الأصول في القطاع المصرفي.
وهناك 8 بنوك إسلامية و23 برنامج تمويل إسلامي في بنوك تقليدية أخرى. وتشكل الأصول المستخدمة في الصيرفة الإسلامية حوالي 20 في المئة من إجمالي أصول القطاع المصرفي.