البنك المركزي في عدن ينذر المصارف المتلكئة في نقل مقارّها من صنعاء

عدن - وجّه البنك المركزي اليمني الذي يتخذ من مدينة عدن مقرا له إنذارا أخيرا للمصارف المتلكّئة في تنفيذ قراره السابق بوجوب نقل مقرّاتها الرئيسية من المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين.
وجاء ذلك في ظل تعثّر كبير يشهده القطاع المالي في مناطق السلطة الشرعية اليمنية تجلى خصوصا في بلوغ انهيار قيمة الريال درجة غير مسبوقة، وتعود بعض أسبابه إلى معركة كسر العظم بين الشرعية والحوثيين.
ودفعت جماعة الحوثي المعركة المالية إلى منعطف جديد عندما بادرت قبل أسابيع إلى سكّ عملة معدنية من فئة مئة ريال خارج القوانين والضوابط المعمول بها دوليا، لتردّ الشرعية بقرار نقل مقرات المصارف من مناطق الجماعة.
لكن القرار بدا عسير التنفيذ على عدد من تلك المصارف ما جعلها تتأخر في تنفيذه إلى الأيام الأخيرة من المهلة الممنوحة لها والمحدّدة بستين يوما.
وأعاد مركزي عدن تذكير المصارف بالموعد النهائي الذي حدده لنقل مقارّها إلى عدن وبالإجراءات التي سيتخذها ضدّها في عدم استجابتها للقرار.
وكان البنك قد اتخذ في مطلع أبريل الماضي قرارا بنقل المقار الرئيسية للبنوك التجارية والمصارف الإسلامية وبنوك التمويل الأصغر من مدينة صنعاء إلى عدن وأمهلها ستين يوما للتنفيذ وتوعّد من يتخلف باتخاذ الإجراءات القانونية بحقه طبقا لأحكام قانون مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب. وأوضح أنه أقدم على هذه الخطوة نتيجة ما تتعرض له المصارف من إجراءات غير قانونية من قبل جماعة الحوثي من شأنها أن تعرّضها لمخاطر تجميد حساباتها وإيقاف التعامل معها خارجيا.
جماعة الحوثي دفعت المعركة المالية إلى منعطف جديد عندما بادرت قبل أسابيع إلى سكّ عملة معدنية من فئة مئة ريال خارج القوانين والضوابط المعمول بها دوليا
ويأمل كبار المسؤولين في البنك المركزي بعدن أن يتيح تنفيذ قرار نقل مقرات المصارف، للبنك من أداء مهامه الرقابية وممارستها وفقا للقانون.
وقال البنك في بيان إنه يتعامل مع المصارف من منطلق اختصاصاته وصلاحياته الدستورية والقانونية، بوصفه سلطة نقدية قانونية مسؤولة كونه الجهة الوحيدة المكلَّفة بعملية الإشراف والرقابة المصرفية وفقا للدستور والقوانين اليمنية النافذة، وبالتنسيق مع المجتمع الدولي والمؤسسات الدولية المختصة بالشؤون المالية والمصرفية والمجالات ذات العلاقة.
كما أكد وقوفه على مسافة واحدة من المؤسسات المصرفية كافة وحرصه على تحقيق الاستقرار المالي والنقدي والحفاظ على القطاع المصرفي وحمايته من التأثيرات السلبية الناتجة عن التعقيدات والمتغيرات الداخلية والخارجية.
لكنّ مختلف الجهود التي بذلها البنك لم توفّق إلى حدّ الآن في حماية القطاع المالي من الاضطراب حيث أظهر التراجع الجديد في قيمة الريال اليمني تحوّل الوضع المالي إلى معضلة لم تفلح مختلف الإجراءات التي اتّخذتها الحكومة المعترف بها دوليا في معالجتها توقيا من آثارها التي يمكن أن تتجاوز تبعاتها المجالين الاقتصادي والاجتماعي إلى المجال السياسي حيث تتعرّض حكومة رئيس الوزراء أحمد عوض بن مبارك ومن ورائها السلطة الشرعية بقيادة رئيس مجلس القيادي الرئاسي رشاد العليمي إلى ضغوط وانتقادات من قبل شركاء من ضمنهم أطراف ممثلة داخلها.
قرارات وقرارات مضادة من قبل الحوثيين والشرعية تعكس مستوى التصعيد في المعركة الاقتصادية والمالية بين الطرفين
وشهد الوضع المالي في مناطق الشرعية خلال الأيام الماضية صدمة جديدة تمثّلت في تجاوز الانهيار في قيمة الريال لأول مرّة سقف الـ1700 ريال مقابل الدولار الأميركي الواحد.
وجاء ذلك وسط موجة غير مسبوقة من الغلاء وارتفاع أسعار السلع الغذائية مما ينذر بكارثة اقتصادية ومجاعة سبق وأن حذرت منها منظمات دولية ومحلية.
وتخطى سعر الدولار عتبة 1720 ريال في أدنى مستوى للعملة اليمنية منذ نحو عامين. وتزامن هذا مع أزمة كهرباء خانقة تنهك السكان في عدن والمحافظات المجاورة مع دخول فصل الصيف.
وتتهاوى قيمة العملة المحلية حاليا رغم استئناف البنك المركزي اليمني مزادات لبيع النقد الأجنبي للبنوك التجارية بعد فترة وجيزة من حصوله على دفعتين من الدعم المالي الذي أعلنته السعودية للحكومة المعترف بها دوليا.
وتعزى المصاعب المالية التي تواجهها الشرعية غالبا إلى سلوكات الحوثيين وسياساتهم، حيث تقول الحكومة اليمنية إن الاقتصاد تكبد خسائر بنحو ملياري دولار جراء توقف تصدير النفط الخام عقب استهداف جماعة الحوثي لموانئ نفطية في جنوب وشرق البلاد أواخر عام 2022.
ويوجد في اليمن بنكان مركزيان متنافسان أحدهما خاضع للحكومة الشرعية في عدن والآخر لجماعة الحوثي في صنعاء.
وتوقف القتال إلى حد كبير بين معسكر الشرعية والحوثيين خلال العام الماضي، لكن ذلك لم ينعكس على الأوضاع والمالية والاقتصادية وبالتالي الاجتماعية في البلد، إذ سرعان ما فجّر الحوثيون صراعا جديدا باستهدافهم خطوط الملاحة في البحر الأحمر بذريعة نصرة قطاع غزة الأمر الذي أثر على حركة التجارة وتدفق السلع.