البنك المركزي التونسي يرفع نسبة الفائدة الرئيسية لكبح التضخم

خبراء اقتصاد يحذرون من التداعيات السلبية للترفيع في نسبة الفائدة بـ7.25 في المئة على الفاعلين الاقتصاديين وأصحاب القروض البنكية.
الخميس 2022/10/06
خطوة ستخفض القدرة الشرائية للمواطن

تونس - أعلن البنك المركزي التونسي الأربعاء رفع نسبة الفائدة الرئيسية بـ25 نقطة أساسية لتصل إلى 7.25 في المئة، وذلك في مسعى منه لكبح التضخم الذي تتواصل نسبته في الارتفاع في بلد يعاني أزمة اقتصادية حادة.

وقال البنك في بيان إن مجلس إدارته استعرض خلال اجتماعه آخر التطورات الاقتصادية والمالية، وقرر ترفيع (زيادة) نسبة الفائدة للبنك المركزي بـ25 نقطة أساسية لتبلغ 7.25 في المئة.

كما قرر البنك "الترفيع في نسبتي تسهيلات الإيداع والقرض الهامشي لمدة 24 ساعة لتبلغ 6.25 في المئة و8.25 في المئة على التوالي، مع مواصلة توخي الحيطة في ما يخص التطورات القادمة لنسبة التضخم".

وبحسب البيان ذاته، فقد قرر المركزي أيضا "الترفيع في نسبة الفائدة على الادخار بـ25 نقطة أساسية لتبلغ 6.25 في المئة".

وكانت آخر زيادة في سعر الفائدة الرئيسية 75 نقطة أساس، وأقرها البنك المركزي في مايو الماضي.

وقال البنك في بيان إن احتياطيات النقد الأجنبي بلغت 23.848 مليار دينار (7.34 مليار دولار) بما يعادل 112 يوما من الواردات في الثامن والعشرين من سبتمبر، مقابل 23.313 مليار دينار أو 133 يوما من الواردات في نهاية 2021.

وأضاف البنك أن عجز الحساب الجاري بلغ -10.1 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي خلال الأشهر الثمانية الأولى من عام 2022، مقارنة مع -6.6 في المئة في عام 2021.

وتوقع استمرار الضغوط التضخمية مدفوعة بعوامل داخلية وخارجية في الفترة المقبلة من العام الجاري.

وجاء قرار البنك المركزي التونسي بعد ساعات على إعلان المعهد الوطني للإحصاء الحكومي في تونس عن ارتفاع نسبة التضخم إلى 9.1 في المئة، في ارتفاع قياسي جديد لم تشهده البلاد منذ عقود.

وقال المعهد الأربعاء في بيان إن "نسبة التضخم في شهر سبتمبر الماضي تواصل ارتفاعها لتصل إلى مستوى 9.1 في المئة، بعد أن كانت 8.6 في المئة خلال الشهر السابق".

وأرجع المعهد أسباب ارتفاع التضخم "إلى تسارع نسق ارتفاع أسعار مجموعة التغذية والمشروبات لتسجل 13 في المئة في سبتمبر، بعد أن كانت 11.9 في المئة في أغسطس الماضي، وأسعار السكن والطاقة المنزلية بنسبة 6.4 في المئة في سبتمبر، بعد أن كانت 6.2 في المئة في أغسطس الماضي".

وتابع أن ذلك جاء "كنتيجة للتعديل الأخير في أسعار النفط المنزلي وقوارير الغاز، كما ارتفعت أسعار النقل بنسبة 8.3 في المئة في سبتمبر، بعد أن كانت 8.1 في المئة في أغسطس الماضي بمفعول إدراج التعريفة الجديدة للمحروقات حيّز التطبيق".

وتكافح السلطات التونسية من أجل كبح جماح التضخم، فيما يحذر خبراء من تداعيات الترفيع السلبية على الفاعلين الاقتصاديين وأصحاب القروض البنكية.

واعتبر الخبير الاقتصادي معز حديدان، في تصريح لإذاعة "ديوان أف.أم" المحلية الخميس، أن الترفيع الأخير في نسبة الفائدة المديرية يعد إجراء رمزيا، خاصة وأن البنك المركزي كان بإمكانه أن يضيف 100 أو 200 نقطة أساسية، لاسيما في ظل الارتفاع المتواصل في نسبة التضخم.

وقال حديدان "البنك المركزي لم يرد أن يتعسف كثيرا لأن لدية قناعة على ما يبدو بأن الترفيع في نسبة الفائدة سيضر الفاعلين الاقتصاديين أكثر من أنه سيحد من نسبة التضخم".

وأشار الخبير الاقتصادي إلى أن "هذا الترفيع ستكون له تداعيات سلبية على الفاعلين الاقتصاديين، وسيضرّ الأشخاص الذين لديهم قروض لدى البنوك".

واعتبر المدير العام السابق للسياسة النقدية بالبنك المركزي محمد صالح سويلم، في تصريح لإذاعة "موزاييك" المحلية، أنّ كافة دول العالم في حرب مع ارتفاع نسبة التضخّم، حيث تسعى إلى إعادته إلى مستويات مقبولة، قائلا إنّ "التضخّم أكبر خطر داهم يهدّد الاقتصاد بعد الإرهاب".

وأكد سويلم في تعليق على قرار الترفيع في نسبة الفائدة الرئيسية للبنك المركزي أن "تونس في حاجة إلى التهدئة، وهذه أزمة تعيشها كلّ بلدان العالم".

وأضاف "في تونس عشنا بنسبة فائدة مديرية كانت في حدود 11.87 في المئة عام 1991، ونسبة التضخم كانت في حدود 13.9 في المئة عام 1988".

وقال الخبير الاقتصادي وليد العطوي إن "إجراءات حاسمة يتعين اتخاذها لكبح جماح التضخم المالي، لأن ارتفاع التضخم ستكون له تداعيات سلبية على القدرة الشرائية للمواطن، وخاصة على قيمة العملة".

وشدد العطوي على أنه "يمكن في هذه الحالة أن يتعمق العجز الاقتصادي وأيضا في مستوى الخزينة العامة والمالية العمومية، وهذا يهدد التوازنات المالية والاقتصادية والمجتمعية".

وتأتي هذه التطورات في وقت تسعى تونس إلى الحصول على تمويل جديد من صندوق النقد الدولي، الذي سبق أن بعث برسائل وإشارات إيجابية في وقت سابق، قائلا إن ذلك بات قريبا، لكنه دون أن يحدد موعدا معينا لتوقيع اتفاق جديد.

وكانت الحكومة التونسية برئاسة نجلاء بودن قد وقّعت اتفاقا مع الاتحاد العام التونسي للشغل للزيادة في رواتب الموظفين، وذلك بهدف التوصل إلى توافق مع النقابة القوية لتدعيم ملفها أمام صندوق النقد الدولي.