البنك الدولي يطلق صيحة فزع: السوريون يعيشون فقرا مدقعا

توقعات محدودة من نتائج مؤتمر المانحين في بروكسل.
الأحد 2024/05/26
السوريون في لبنان: معاناة مضاعفة، الفقر وكراهية اللبنانيين لبقائهم

تقرير البنك الدولي عن الفقر في سوريا يصدر عشية مؤتمر المانحين في بروكسل ليقول إن الأوضاع صعبة، وإنها لا تعالج بالتصريحات أو بالوعود أو بإظهار الخلافات مع الرئيس السوري بشار الأسد. فالسوريون يحتاجون إلى دعم دولي عاجل لمساعدتهم سواء أكانوا في سوريا أو خارجها.

بيروت - يعيش أكثر من ربع السوريين في فقر مدقع، وفق ما أفاد البنك الدولي ليل الجمعة /السبت، بعد 13 عاماً من نزاع مدمر، أدى إلى أزمات اقتصادية متلاحقة وجعل ملايين السكان عاجزين عن تأمين احتياجاتهم الرئيسية، ما يظهر حجم التأثيرات التي تركتها الحرب الأهلية سواء على السوريين الموجودين في المناطق الحكومية أو في مناطق المعارضة\ن ويضغط على المانحين الذين يجتمعون الاثنين في بروكس لتقديم وعود حقيقية.

وقال البنك الدولي، الذي نشر تقريرين عن سوريا، “أدى أكثر من عقد من النزاع إلى تدهور كبير في رفاه الأسر السورية”، مشيراً إلى أن "27 في المئة من السوريين، أي نحو 5.7 مليون نسمة، يعيشون في فقر مدقع". وأضاف “على الرغم من عدم وجود الفقر المدقع فعلياً قبل اندلاع الصراع، لكنه طال أكثر من واحد من كل أربعة سوريين في عام 2022، وربما زاد حدة وشدة بسبب الآثار المدمرة لزلزال فبراير 2023”، الذي أودى بنحو ستة آلاف شخص في عموم سوريا.

وكانت تقديرات سابقة للأمم المتحدة أفادت بأن مليوني سوري يعيشون في فقر مدقع بعد عقد من الحرب، فيما يرزح غالبية السوريين تحت خط الفقر. وأورد البنك الدولي أسباباً خارجية عدّة ساهمت في “تراجع رفاه الأسر السورية” مؤخراً، بينها الأزمة المالية التي تعصف منذ عام 2019 بلبنان المجاور، حيث يودع سوريون كثر أموالهم، إضافة إلى تداعيات جائحة كوفيد – 19 والغزو الروسي لأوكرانيا.

ونبّه إلى أن “استمرار النقص في التمويل ومحدودية المساعدات الإنسانية” إلى البلاد أديا إلى “زيادة استنزاف قدرة الأسر على تأمين احتياجاتها الأساسية وسط ارتفاع الأسعار، وتراجع الخدمات الأساسية، وزيادة معدلات البطالة". وتشهد سوريا منذ العام 2011 نزاعاً دامياً تسبب بمقتل أكثر من نصف مليون شخص، وألحق دماراً واسعاً بالبنى التحتية واستنزف الاقتصاد ومقدراته. كما شرّد وهجّر أكثر من نصف عدد السكان داخل البلاد وخارجها.

◙ 27 في المئة من السوريين أي نحو 5.7 مليون نسمة يعيشون في فقر مدقع بعد 13 عاما من الحرب

ولم تحصل خطة الاستجابة للاحتياجات الإنسانية في سوريا لعام 2024 إلا على 6 في المئة فقط من الاعتمادات المطلوبة والمقدرة بأكثر من أربعة مليارات دولار، وفق الأمم المتحدة. وتُعقد الاثنين بدعوة من الاتحاد الأوروبي النسخة الثامنة من مؤتمر بروكسل حول “دعم مستقبل سوريا والمنطقة”، من أجل حشد الجهود الإنسانية للاستجابة للأزمة السورية.

وبات عدد كبير من السوريين يعتمد وفق البنك الدولي على التحويلات المالية من الخارج التي باتت “تمثل شريان حياة بالغ الأهمية”، مقدراً قيمتها الإجمالية عام 2022 بنحو 1.05 مليار دولار، في وقت تُقدّر قيمة الناتج الإجمالي المحلي لسوريا عام 2023 بـ6.2 مليار دولار. وتوقع البنك الدولي مع تعرض "إجمالي الناتج المحلي الحقيقي لحالة غير مسبوقة من عدم اليقين”، أن “ينكمش بنسبة 1.5 في المئة في عام 2024، إضافة إلى التراجع الذي بلغ 1.2 في المئة في 2023".

ورجّح كذلك أن "يبقى التضخم مرتفعاً في عام 2024 بسبب الآثار الناجمة عن انخفاض قيمة العملة، فضلاً عن العجز المستمر في أرصدة العملات الأجنبية، واحتمال إجراء المزيد من الخفض في دعم الغذاء والوقود". لكن التكهنات بشأن نتائج اجتماع بروكسل الاثنين لا تبعث على التفاؤل في ظل انشغال أوروبا بأزمة أوكرانيا، وفي نفس الوقت يجدون صعوبة في زيادة الاعتمادات المخصصة للدعم الإنساني بسبب مخلفات الأزمة الاقتصادية على أوروبا.

وقال دبلوماسيون إن الاتحاد الأوروبي منقسم وغير قادر على إيجاد حلول للتعامل مع هذه الأزمة السورية وخاصة قضية اللاجئين. وآفاق العودة إلى الديار ضئيلة بالنسبة إلى أكثر من خمسة ملايين لاجئ معظمهم في لبنان وتركيا وملايين آخرين من النازحين داخليا، مع عدم تحقق استقرار سياسي أفضل مما كان عليه الحال منذ بدء الانتفاضة ضد حكم الرئيس بشار الأسد في 2011.

ويتراجع التمويل المخصص لدعمهم مع تقليص جهات مثل برنامج الأغذية العالمي مساعداتها. وتتجلى صعوبات استضافة اللاجئين، لاسيما في لبنان، حيث الوضع الاقتصادي محفوف بالمخاطر، والدعوة إلى إعادة السوريين إلى وطنهم واحدة من النقاط النادرة التي تتوحد حولها جميع الأطياف. وقال مبعوث أوروبي سابق إلى سوريا "ليس لدينا ما يعزز ذلك لأننا لم نستأنف العلاقات مع نظام الأسد قط، ولا توجد مؤشرات على أن أحدا سيفعل ذلك بالفعل".

◙ دبلوماسيون يؤكدون أن الاتحاد الأوروبي منقسم وغير قادر على إيجاد حلول للتعامل مع هذه الأزمة السورية وخاصة قضية اللاجئين

وأعلنت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين الخميس من بيروت عن مساعدات بقيمة مليار يورو دعماً “لاستقرار” لبنان، معوّلة على “تعاون” السلطات لمكافحة عمليات تهريب اللاجئين التي شهدت تفاقما في الآونة الأخيرة باتجاه قبرص. وهدد نواب لبنانيون برفض العرض الأوروبي، ووصفوه بأنه “رشوة” لإبقاء اللاجئين في طي النسيان بلبنان بدلا من إعادة توطينهم بشكل دائم في أوروبا أو وإعادتهم إلى سوريا.

ويقول لبنان البالغ عدد سكانه أكثر من أربعة ملايين نسمة، إنه يستضيف نحو مليوني سوري، أقلّ من 800 ألف منهم مسجلون لدى الأمم المتحدة، وهو أعلى عدد من اللاجئين في العالم نسبة لعدد السكان. وتقول السلطات إن ملف اللاجئين عبء يتجاوز قدرتها على التعامل معه، لاسيما في ظل الأزمة الاقتصادية غير المسبوقة التي ينوء تحتها البلد منذ سنوات.

وقال رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، الذي لن يحضر مؤتمر بروكسل خلافا للسنوات السابقة، إن بيروت ستبدأ في التعامل مع القضية بنفسها دون مساعدة دولية مناسبة. وكانت النتيجة زيادة في حركة قوارب المهاجرين من لبنان إلى أوروبا، إذ أصبحت قبرص القريبة وأيضا إيطاليا على نحو متزايد أبرز الوجهات، مما دفع بعض الدول إلى دق أجراس الإنذار خوفا من تدفق اللاجئين الجدد إلى الاتحاد الأوروبي.

وقال الرئيس القبرصي نيكوس خريستودوليدس هذا الشهر خلال زيارة إلى لبنان “دعوني أكن واضحا، الوضع الحالي غير مستدام بالنسبة إلى لبنان وغير مستدام بالنسبة إلى قبرص وغير مستدام بالنسبة إلى الاتحاد الأوروبي. إنه غير مستدام منذ سنوات”.

3