البنك الدولي يضخ مليار دولار لإنعاش العراق ولبنان وسوريا

تخصيص 930 مليون دولار لتحديث السكك الحديدية في العراق و250 مليون دولار لدعم إعادة إعمار لبنان و146 مليون دولار لسوريا لاستعادة الكهرباء.
الأربعاء 2025/06/25
تحويل العراق إلى مركز نقل محوري في المنطقة

بغداد/بيروت/دمشق – وافق البنك الدولي على تمويل يتجاوز مليار دولار لدعم البنية التحتية الحيوية وجهود إعادة الإعمار في العراق وسوريا ولبنان، حيث حظي العراق بالنصيب الأكبر من هذه المساعدة.

ويأتي هذا القرار في وقت حرج تمر به هذه الدول، التي عانت من صراعات وحروب مدمرة أثرت بشكل كبير على بنيتها التحتية واقتصاداتها. ويُشير هذا الدعم الدولي إلى إدراك عميق للحاجة الملحة لإعادة الاستقرار والنمو في منطقة الشرق الأوسط.

وأعلن البنك الدولي اليوم الأربعاء موافقته على مشروع بقيمة 930 مليون دولار يهدف إلى تحسين أداء السكك الحديدية في العراق، وتعزيز التجارة الداخلية، وخلق فرص العمل، وتنويع الاقتصاد.

ويندرج هذا المشروع ضمن خطة أوسع لتحويل العراق إلى مركز نقل محوري في المنطقة. وسيعمل مشروع توسيع وتحديث السكك الحديدية على تحديث 1047 كيلومتراً من خطوط السكك الحديدية القائمة التي تربط ميناء أم قصر في جنوب العراق بالموصل في شماله مروراً ببغداد، بالإضافة إلى دعم تحديث أسطول القاطرات وعربات القطارات، وتجديد ورشة الصيانة في بيجي، وشراء المعدات وقطع الغيار اللازمة.

ويعاني قطاع السكك الحديدية في العراق من محدودية خدمات الربط وضعف خدمات التصليح والصيانة ونقص التمويل، لذا فإن هذه الاستثمارات تُعد خطوة أولى أساسية نحو تعزيز خدمات الربط على المستويين الوطني والإقليمي.

ووفقاً للمدير الإقليمي لدائرة الشرق الأوسط في البنك الدولي، جان كريستوف كاريه، فإن "مع تحول العراق من مرحلة إعادة الإعمار إلى التنمية، فإن تعزيز التجارة وخدمات الربط يمكن أن يحفز النمو الاقتصادي، ويوفر فرص عمل جديدة، ويخفف من الاعتماد على النفط".

وأكد أن هذا المشروع "له أهمية كبرى في تحويل العراق إلى مركز إقليمي للنقل، وتحقيق أهداف طريق التنمية في العراق المتمثلة في تحسين خدمات الربط وتنويع النشاط الاقتصادي ورفع معدلات النمو".

ويتوقع البنك الدولي أن يُسهم المشروع في تقليص وقت السفر والانتقال، وزيادة حجم الشحن، بالإضافة إلى تحسين خدمات البنية التحتية المستدامة للنقل.

كما سيعمل المشروع على تعزيز مشاركة رأس المال للقطاع الخاص في إنشاء موانئ جافة ومراكز خدمات لوجستية، توفر فرص عمل مستدامة تتطلب مهارات عالية. وسيُعزز المشروع أيضاً سلامة السكك الحديدية، من خلال تطبيق نظام شامل لإدارة السلامة، وتحديث البنية التحتية، وتحسين معابر السكك الحديدية، وتنفيذ حملات توعية مجتمعية، وتعزيز الاستعداد للطوارئ، وتدريب العاملين.

وبحلول عام 2037، من المتوقع أن ينقل خط السكك الحديدية الذي تم تجديده 6.3 مليون طن من البضائع المحلية، و1.1 مليون طن من الصادرات/الواردات، و2.85 مليون راكب، مما يعزز التكامل على مستوى جمهورية العراق الاتحادية، ويعود بالنفع على نحو 17 مليون شخص.

دعم إعادة إعمار لبنان وإدارة الأنقاض بعد الحرب
دعم إعادة إعمار لبنان وإدارة الأنقاض بعد الحرب

وفي بيان منفصل، أعلن البنك الدولي موافقة مجلس المديرين التنفيذيين على تمويل بقيمة 250 مليون دولار أميركي للبنان.

ويهدف هذا التمويل إلى دعم الإصلاحات العاجلة وإعادة إعمار البنية التحتية العامة الحيوية المتضررة والخدمات الأساسية، بالإضافة إلى الإدارة المستدامة للأنقاض في المناطق المتضررة من النزاع.

ويعاني لبنان من آثار الحرب المدمرة التي اندلعت العام الماضي بين إسرائيل وحزب الله، والتي انتهت باتفاق لوقف إطلاق النار في أواخر نوفمبر، مما تسبب في دمار هائل، لا سيما في معاقل حزب الله في جنوب وشرق البلاد، وكذلك في الضاحية الجنوبية لبيروت، وفاقم الصعوبات الاقتصادية الناجمة عن الأزمة الاقتصادية التي بدأت عام 2019.

وكان البنك قد قدر سابقا تكلفة إعادة الإعمار والتعافي في لبنان بعد الحرب بنحو 11 مليار دولار أميركي.

وأوضح جان كريستوف كاريه أن "نظرًا لاحتياجات لبنان الكبيرة لإعادة الإعمار، فإن المشروع مُهيكل كإطار عمل متجدد بقيمة مليار دولار، بمساهمة أولية قدرها 250 مليون دولار من البنك الدولي".

ويساهم هذا التمويل في تنفيذ أنشطة الاستجابة الفورية اللازمة لتسريع وتيرة التعافي، وتهيئة الظروف الملائمة للعودة إلى الحياة الطبيعية، لا سيما من خلال الإدارة الآمنة والتخطيط السليم للركام والأنقاض، بما يُعزز إعادة استخدامها وإعادة تدويرها.

ورحب رئيس الوزراء اللبناني نواف سلام بالقرار، واصفا المشروع بأنه "خطوة أساسية في إعادة الإعمار، ومعالجة الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية الحيوية والخدمات الأساسية في المناطق المتضررة من الحرب".

وقال "يعزز هذا الدعم جهود التعافي ضمن إطار التنفيذ الذي تقوده الحكومة، ويساعد في حشد التمويل الإضافي الذي تشتد الحاجة إليه".

وانتهى أكثر من عام من الأعمال العدائية بين حزب الله اللبناني وإسرائيل، بما في ذلك حرب شاملة بدأت في سبتمبر، باتفاق لوقف إطلاق النار في أواخر نوفمبر.

وتسبب الصراع في دمار هائل في جميع أنحاء لبنان، لا سيما في معاقل حزب الله في جنوب وشرق البلاد، وكذلك في الضاحية الجنوبية لبيروت، وفاقم الصعوبات الاقتصادية الناجمة عن الأزمة الاقتصادية التي بدأت عام 2019.

ولا تزال إعادة الإعمار تُمثل أحد أكبر التحديات التي تواجه الحكومة اللبنانية، حيث تسعى بيروت للحصول على مساعدات خارجية لتمويل عملية التعافي بعد الحرب.

دعم تطوير قطاع الكهرباء في سوريا
دعم تطوير قطاع الكهرباء في سوريا

وفي بيان ثالث منفصل، أعلن البنك الدولي موافقته على منحة بقيمة 146 مليون دولار لسوريا من المؤسسة الدولية للتنمية "للمساعدة في استعادة كهرباء موثوقة وبأسعار معقولة ودعم الانتعاش الاقتصادي للبلاد".

ويهدف المشروع الطارئ للكهرباء في سوريا إلى إعادة تأهيل خطوط النقل والمحطات الفرعية للمحولات الكهربائية المتضررة، وتقديم المساعدة الفنية لدعم تطوير قطاع الكهرباء، وبناء قدرات مؤسساته، وفقا للبيان

وتسبّبت سنوات الصراع في شلل شبه كامل للشبكة الوطنية للكهرباء في سوريا، ما أدّى إلى تقليص إمدادات الكهرباء، لتتراوح بين ساعتين وأربع ساعات يومياً فقط، وقد ألحق هذا الضرر بقطاعات حيوية، مثل المياه، والرعاية الصحية، والأغذية الزراعية، والإسكان.

وقال كاريه "من بين احتياجات إعادة الإعمار الملحة في سوريا، برزت إعادة تأهيل قطاع الكهرباء بوصفه استثمارا حيويا لتحسين الظروف المعيشية للشعب السوري، ودعم عودة اللاجئين والنازحين داخلياً، فضلاً عن تمكين استئناف خدمات أخرى، مثل خدمات المياه والرعاية الصحية للسكان، والمساعدة في دفع عجلة التعافي الاقتصادي".

وأضاف "يُمثل هذا المشروع الخطوة الأولى في خطة زيادة دعم البنك الدولي لسوريا في مسيرتها نحو التعافي والتنمية".

وسيموّل المشروع أعمال إعادة تأهيل خطوط نقل التوتر العالي، بما في ذلك خطَّا ربط كهربائي رئيسيان بجهد 400 كيلو فولت، كانا قد تضرّرا خلال سنوات الصراع. وسيؤدي ذلك إلى معاودة الربط الإقليمي مع الأردن وتركيا. كما سيعمل المشروع على إصلاح المحطات الفرعية لمحولات التوتر العالي المتضررة بالقرب من مراكز الطلب في المناطق الأشد تضرراً التي تستضيف أكبر عدد من اللاجئين العائدين والنازحين داخلياً، فضلاً عن توفير قطع الغيار، ومعدات الصيانة اللازمة.

وبالإضافة إلى ذلك، سيوفر المشروع مساعدة فنية في إعداد الاستراتيجيات الرئيسية لقطاع الكهرباء، والإصلاحات على مستوى السياسات واللوائح التنظيمية، وخطط الاستثمار لتحقيق الاستدامة على المديين المتوسط والطول. كما سيُوفر الدعم لبناء قدرات مؤسسات قطاع الكهرباء لتنفيذ هذه الاستراتيجيات والإصلاحات.

وقال وزير المالية السوري يسر برنية "إن الاستثمار في قطاع الكهرباء يعد أساسياً لتحقيق التقدم الاقتصادي، وتوفير الخدمات، وتحسين سبل العيش"

وأضاف "هذا المشروع هو الأول للبنك الدولي في سوريا منذ نحو 4 عقود. ونأمل أن يمهد الطريق لبرنامج دعم شامل لمساعدة سوريا على المضي قدماً في طريقها نحو التعافي والتنمية طويلة الأمد".

وستتولى المؤسسة العامة لنقل وتوزيع الكهرباء تنفيذ المشروع، وستكمل أنشطة المشروع جهود إعادة الإعمار في قطاع الكهرباء، بما في ذلك أنشطة المؤسسة العامة لنقل وتوزيع الكهرباء الهادفة لإعادة تأهيل البنية التحتية للتوزيع، فضلاً عن دعم شركاء التنمية لتوفير إمدادات الوقود وإعادة تأهيل توليد الكهرباء.

وهذا المشروع، الذي يُعد الأول للبنك الدولي في سوريا منذ نحو 4 عقود، يأتي بعد أن أعلنت السعودية وقطر عن عزمهما سداد ديون سوريا للبنك الدولي، وفي الوقت الذي يُكثف فيه حكام البلاد الجدد جهود إعادة الإعمار بعد رفع العقوبات الغربية. تُقدر الأمم المتحدة تكلفة إعادة إعمار سوريا بأكثر من 400 مليار دولار.