البنك الدولي متفائل بانتعاش الاقتصاد الصومالي رغم المنغصات

توقعات بنمو الناتج المحلي الإجمالي خلال العام المقبل.
الخميس 2022/12/01
الأسعار في السوق نار

تزايدت الضغوط على الصومال للإسراع في لملمة المشاكل المعيشية والإنتاجية عبر الحماية الاجتماعية وتحفيز الأعمال حتى مع الإشارات الإيجابية التي أطلقها البنك الدولي للوصول إلى الهدف الذي تسعى الحكومة لتحقيقه بشق الأنفس.

مقديشو - تعطي انطباعات خبراء البنك الدولي نوعا من الاطمئنان المحفوف بالتحفظ بشأن انتعاش الاقتصاد الصومالي، رغم أنه محاصر بالكثير من المشاكل تتجلى في تركة الوباء الثقيلة واستمرار موجة الجفاف وغلاء المعيشة جراء الحرب في أوكرانيا.

وتأتي هذه التقييمات بالتزامن مع محاولات السلطات لإنعاش القطاعات الإنتاجية من خلال إغراء المستثمرين المحليين والأجانب بضخ أموالهم في السوق الذي لطالما تأثر بالاضطرابات الأمنية والتجاذبات السياسية وقصور نظر المسؤولين بشأن تطوير الأعمال.

وأكد البنك في أحدث تقرير نشره الثلاثاء الماضي حول حالة البلد أن اقتصاده نما 2.9 في المئة في العام الماضي، بعد انكماش 0.3 في المئة في العام السابق، وذلك بالرغم من تعرضه لصدمات كبيرة مثل تأخر الانتخابات والجفاف وتفشي كوفيد وتفاقم انعدام الأمن.

محمود عبدالرحمن: لدينا الكثير من القطاعات التي يمكن تنميتها والاستثمار فيها
محمود عبدالرحمن: لدينا الكثير من القطاعات التي يمكن تنميتها والاستثمار فيها

وأوضح معدو تقرير البنك حول مستجدات الاقتصاد الصومالي أن التوقعات بنمو الناتج المحلي الإجمالي التي ستبلغ نحو 3.6 في المئة خلال العام المقبل على أن يرتفع بشكل طفيفي في العام التالي ليصل إلى 3.7 في المئة، قابلة للتحقيق.

ومن شأن ذلك أن يتحقق إذا شهد العام المقبل تعافي الطلب واختفاء معظم الصدمات التي تعيق التعافي حاليا وزيادة الاستهلاك والاستثمار، إلى جانب نمو أكبر لدى شركاء الصومال التجاريين.

وتقول جماعات إغاثية إنه بعد أربعة مواسم من عدم هطول الأمطار يمر الصومال بأسوأ موجة جفاف في أربعة عقود تؤثر على نحو 7.8 مليون نسمة.

وعاش الصوماليون حالة من التدهور الاقتصادي بسبب الأزمة الصحية، وتأخر إتمام الانتخابات، بالتوازي مع تعليق المجتمع الدولي المساعدات المالية للحكومة قبل أن يتم استئنافها لاحقا.

وما فاقم من الأوضاع المعيشية للناس ارتفاع أسعار المواد الغذائية والوقود إلى جانب الجفاف، الذي يضرب البلاد للعام الثالث على التوالي ما أدى إلى تراجع الإنتاج الزراعي المحلي، الأمر الذي تسبب في تفشي التضخم البالغ 70 في المئة والبطالة.

ونتيجة تراكم تلك العوامل إلى جانب أعباء الديون الخارجية تأثرت عجلة الاقتصاد بالبلاد سلبا، إذ تشير التقديرات الأممية إلى أن نحو 71 في المئة من الصوماليين البالغ عددهم نحو 14 مليونا يعيشون تحت خط الفقر.

وتؤكد المؤسسة المالية الدولية المانحة أن الأزمة الإنسانية تدفع البلاد إلى شفا المجاعة مع نزوح أعداد ضخمة من السكان عن ديارهم بحثا عن الغذاء والمياه والمراعي لماشيتهم.

مناخ الأعمال في الصومال يعتبر واحدا من أكثر بيئات الاستثمار تحديا في العالم

وتفاقم الوضع بسبب الحرب في أوكرانيا التي دفعت أسعار الغذاء والنفط العالمية للارتفاع وهو ما يؤثر بصورة أكبر على الفقراء ويوسع هوة انعدام المساواة.

وقالت كرستينا سفينسون مديرة البنك في الصومال “في ضوء الصدمات المناخية التي يتعرض لها الصومال بشكل متكرر، تظل توقعات النمو في المدى المتوسط غير مؤكدة إلى حد كبير ومبررات الاستثمارات في الحماية الاجتماعية أقوى”.

وكان مشاركون في مؤتمر دولي نادر احتضنته العاصمة مقديشو في وقت سابق هذا الأسبوع على مدار يومين قد دعوا للاستثمار في الصومال ضمن مساعي مقديشو لبناء أرضية تعاون جديدة بين القطاعين العام والخاص.

وقال الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود خلال افتتاح المؤتمر الاثنين الماضي إن لدى بلاده “فرص استثمار كثيرة يجب استغلالها”، مؤكدا أن السلطات تبذل جهودا لتجاوز العقبات الأمنية والاقتصادية وتوفير فرص للاستثمار.

وحاول من خلال كلامه إغراء التجار والمغتربين الصوماليين بالاستثمار في بلدهم والمساهمة في التطورات الجارية التي تعكف الحكومة على إدارتها وتنفيذها.

كرستينا سفينسون: مبررات العمل على الحماية الاجتماعية أصبحت أقوى اليوم
كرستينا سفينسون: مبررات العمل على الحماية الاجتماعية أصبحت أقوى اليوم

لكن المتابعين عن كثب للشأن الاقتصادي الصومالي يعتقدون أن السلطات قد لا تنجح في مساعيها بالنظر إلى مجموعة من العوامل من بينها مناخ الأعمال وعدم الاستقرار الأمني.

ومع ذلك، يرى آخرون أن البلد يتمتع بإمكانيات لا حدود لها وغير مستغلة، حيث يمتلك العديد من الموارد الطبيعية. كما أن له موقعا إستراتيجيا على القرن الأفريقي، ويطل على واحدة من أطول المسطحات المائية في العالم.

واعتبر وزير التخطيط والاستثمار الصومالي محمود عبدالرحمن أن بلاده بها قطاعات عديدة يمكن الاستثمار فيها، بينها الزراعي والحيواني والسمك والطاقة والعقارات والبنية التحتية.

ويعتبر مناخ الأعمال في الصومال واحدا من أكثر بيئات الاستثمار تحديا في العالم، حيث تواجه البعض من المناطق مشاكل أمنية، كما السوق المحلية تحتوي قلة في الاستثمارات الخارجية.

ومع ذلك، فإن الحكومة تحاول جعل الاقتصاد يتعافى من كل تلك المعرقلات وتعمل على إعادة بناء الإطار القانوني لجذب المزيد من رؤوس الأموال العربية أو الأجنبية.

وقال عبدالرحمن إن “شركات أجنبية استثمرت بالفعل في الصومال خلال السنوات العشر الماضية”. وأضاف أن وزارته “تعمل على تمرير قوانين الاستثمار في البرلمان لحماية حقوق وأموال المستثمرين الأجانب”.

وفي أكتوبر الماضي منح صندوق النقد الدولي تقييما إيجابيا للصومال بشأن قدرته في إدارة ملف الديون، مما سمح للمؤسسة الدولية المانحة بأن تستكمل دعمها المالي للإصلاحات التي تعكف الحكومة على تنفيذها.

10