البغاء والتجارة بالنساء يزدهران في غانا

تشكل قضايا الاتجار بالبشر انتهاكا لحقوق الإنسان وسرطانا ينخر المجتمع الغاني، وتعاني النساء كما الأطفال في غانا، بلد المنشأ والعبور، من الاستغلال والعبودية والعمل القسري في اعتداء صارخ لحقوقهم، وتتعرض النساء للتحيل ويتم التغرير بهن بهدف المتاجرة الجنسية ما يجعلهن يعانين من تجارب مؤلمة.
أكرا – احتال أحدهم على سيسي البالغة من العمر 25 عاما، وادعى أنه وكيل أسفار ووعدها بفرصة عمل وراتب جيد. وصدّقته الشابة التي تنتمي إلى عائلة عادية. تقول سيسي إنه على الرغم من أنها كانت متشككة بعض الشيء بشأن العرض وخوفها من بلد وجهتها، إلا أن من ادعى أنه وكيل الأسفار أقنعها بأنه لا وجود لما يدعو إلى القلق.
وقال لها إن أمّا مضيفة ستستقبلها في المطار، حيث أنها “هي التي ترعى الرحلة”.
وكان من المفترض أن تعمل الشابة لديها، وادعى المتحيّل أن العمل قانوني، لكن القصة تغيرت عندما وصلت مطار البلد المقصود.
الاتجار بالبشر متعدد الأوجه ويغطي مواقف من الاستغلال والجرائم المنظمة، وكلها تشكل انتهاكا لحقوق الإنسان
وصرّحت سيسي “جاء رجل لاصطحابي وأخذ جواز سفري، ونقلني إلى منزل حيث رأيت شابات أفريقيات أخريات محتجزات في الغرفة، وبعضهن يحملن بطاقات أسعار. أدركت في ذلك الوقت ما حدث لي”.
وهُرّبت هي والنساء الأخريات في وقت لاحق بشكل غير قانوني إلى العراق للعمل في المنازل.
وقالت “رأيت كيف تعرضت أخواتي الأفريقيات للإيذاء الجسدي والعقلي. وتعرض بعضهن للتحرش الجنسي والعمل القسري مع معدة فارغة”.
وأرادت العودة إلى غانا، لكنها لم تتمكن من ذلك إلا بعد عدة أشهر.
عودة للوطن
وبعد محاولات هروب فاشلة لا حصر لها جعلتها تقاتل من أجل حياتها، حققت أخيرا ما أرادته وتمكنت من العودة إلى وطنها بمساعدة سامري والسلطات.
وكرّست سيسي وقتها لأنشطة مناصرة ضحايا الهجرة غير النظامية منذ عودتها في نوفمبر الماضي.
وتابعت “يسعدني أن أكون على قيد الحياة اليوم لأخبركم بقصتي. حيث لا تنال كل الشابات اللاتي يسافرن فرصة العودة إلى ديارهن ورؤية عائلاتهن”.
ويقول نائب مدير وحدة مكافحة الاتجار بالبشر في جمهورية غانا ويليام أياريجه إن الاتجار بالبشر متعدد الأوجه ويغطي عدة مواقف من عبودية الديون والاستغلال والجرائم المنظمة.
وصرّح أن قضايا الاتجار بالبشر تشكل انتهاكا لحقوق الإنسان وسرطانا في المجتمع الغاني لأنها بلد منشأ وعبور ومقصد لضحايا الاتجار بالبشر.
الاستغلال غير الرضائي للمواطنين الغانيين، وخاصة الأطفال، يعتبر أكثر شيوعا من الاتجار بالمهاجرين الأجانب
كما يعاني خليج غينيا من الهجرة العابرة للحدود وغير النظامية والاتجار بالبشر واستغلال الأطفال.
وقال أياريجه إن العمل المشترك مع منظمة “إنهاء العبودية الحديثة” غير الحكومية وإدارة الرعاية الاجتماعية أنقذ أربعة أطفال، صبيين وفتاتين، من أحد المُتاجِرين وتم لمّ شملهم بعائلاتهم.
وكُشف أن الطفلين اللذين يبلغان من العمر 10 و13 عاما تعرضا للاتجار بهما من صديقة للعائلة تُعرف باسم روز، وهي تاجرة من بونو الشرقية بغانا. لقد قالت إن الطفلين سيذهبان إلى المدرسة أثناء إقامتهما معها في أكرا، ولكن بدلا من إرسالهما إلى المدرسة، كما وعدت، أرسلتهما إلى الشوارع للعمل. وقال أياريجه إن المشتبه بها زعمت، عند القبض عليها والتحقيق معها، أنها كانت ترسل حوالي 4 دولارات إلى والديهما في بيريكوم كل شهر.
وفي حالة أخرى، جلبت فتاتين تتراوح سنّهما بين 13 و17 سنة، من أكيم أبوابو في بلدية بريم المركزية وأديسو للعمل في منطقة أينسوانو في الجزء الشرقي من البلاد.
ويوضح مدير عمليات إنهاء العبودية الحديثة أفاسي كوملا أن “العديد من ضحايا الاتجار بالبشر بيّنوا بعد إنقاذهم وأثناء المقابلات والإجراءات القانونية أنهم عانوا من تجارب مؤلمة وتعرضوا إلى جرائم على يد المتاجرين بهم وكانوا هدفا للتجاهل وسوء الفهم والإيذاء والعقاب لدى محاولاتهم الحصول على المساعدة”.
وأضاف “لقد تمكنّا من المساعدة في تحديد المئات من الضحايا وإنقاذهم ودعم إعادة تأهيلهم من خلال المؤسسة”.
وقالت نائبة وزير شؤون الجنسين والأطفال والحماية الاجتماعية هاجيا لاريبا أبودو إن البلاد عالجت قضايا الاتجار بالبشر بطرق متنوعة. وأصدرت قانون الاتجار بالبشر لسنة 2005، القانون رقم 694 لمنع جرائم الاتجار بالبشر والحد منها ومعاقبة مرتكبيها وإعادة تأهيل الأشخاص المتاجر بهم وإعادة إدماجهم والمسائل ذات الصلة.
خليج غينيا يعاني من الهجرة العابرة للحدود وغير النظامية والاتجار بالبشر واستغلال الأطفال
وصرّحت “ننخرط في الدعوة المجتمعية والمشاركة لتثقيف الجمهور حول مخاطر الاتجار بالبشر مع شركائنا”.
كما تشير إلى أنه جنبا إلى جنب مع ضباط إنفاذ القانون والأخصائيين الاجتماعيين والمنظمات غير الحكومية، أنقذت البلاد 842 ضحية من ضحايا الاتجار بالبشر سنة 2021، وقدمت رعاية شاملة لمن عانوا صدمات، وأعادت دمج 812 منهم.
وقالت “في مطلع فبراير 2019 افتتحنا مأوى للكهول أشرف على رعاية 178 امرأة بالغة من ضحايا الاتجار. ومازلنا نستقبل الضحايا ونعتني بهم في الملجأ الآن. كما بعثنا مأوى للأطفال في أغسطس 2020 قدّم الرعاية لـ98 طفلا من الضحايا”.
وأضافت أن الدائرة حققت في 108 قضايا، منها 42 قضية اتجار بالجنس و60 قضية اتجار بالعمال و6 قضايا ذات صلة بدأت كجرائم اتجار بالبشر.
وأحيلت 34 حالة على المحاكمة. وصدر حكم في 22 قضية شملت 37 متهما. وقال أبودو إنه على الرغم من تحقيق الكثير، إلا أن الجهد لا يزال غير كاف، لذلك دعا إلى شراكات أوسع للحد من حوادث الاتجار بالبشر، ودعم المؤسسات الحكومية، ونشر المعرفة العامة بهذه الآفة.
وتعد غانا بلد المنشأ والعبور والمقصد للنساء والأطفال الذين يتعرضون للاتجار بالأشخاص، وتحديدا العمل والبغاء القسريين.
ويعتبر الاستغلال غير الرضائي للمواطنين الغانيين، وخاصة الأطفال، أكثر شيوعا من الاتجار بالمهاجرين الأجانب. وتكون حركة الأطفال الذين يتم الاتجار بهم داخليا إما من المناطق الريفية إلى المناطق الحضرية أو من منطقة ريفية إلى أخرى، ومن الزراعة إلى مجتمعات الصيد.
استغلال جنسي
ويتعرض الفتيان والفتيات الغانيون لظروف العمل القسري داخل البلاد في صيد الأسماك، والعبودية المنزلية، والبيع في الشوارع، والتسول والزراعة. وتتعرض الفتيات الغانيات، والأولاد بدرجة أقل، للاستغلال الجنسي التجاري داخل غانا.
وعادة ما يكون المتاجرون بالعمالة الداخليون مشغلين مستقلين. وقد لا يفهم الآباء غير المطلعين أنه من خلال التعاون مع مرتكبي جرائم الاتجار بالبشر، قد يعرضون أطفالهم إلى التنسيب أو الإكراه أو البيع المباشر.
وذكرت تقارير إعلامية خلال العام 2017 أن 50 امرأة غانية تم تجنيدهن للعمل في روسيا ثم تم إجبارهن على ممارسة الدعارة.
وتتعرض النساء والفتيات من الصين ونيجيريا وكوت ديفوار وبوركينا فاسو للبغاء القسري بعد وصولهن إلى غانا.
ضحايا الاتجار يتحملون أقصى درجات المعاملة القاسية، بما في ذلك ساعات العمل الطويلة وعبودية الدين وعدم دفع الأجور والمخاطر الجسدية والاعتداء الجنسي
ويتعرض مواطنو دول غرب أفريقيا الأخرى للعمل القسري في غانا في الزراعة أو العبودية المنزلية القسرية. ويتحمل ضحايا الاتجار أقصى درجات المعاملة القاسية، بما في ذلك ساعات العمل الطويلة وعبودية الدين وعدم دفع الأجور والمخاطر الجسدية والاعتداء الجنسي.
وفي يناير 2021 ألقت السلطات في غانا القبض على أعضاء مجموعة يعتقد أنّها أدارت عمليّات متاجرة بالأطفال، وأُطلق عليها اسم “حصاد الأطفال”.
يأتي ذلك بعدما نفّذ محقّقون خطة سرية أفضت بهم إلى شراء طفلين بمبلغ 5000 دولار لأحدهم و4800 دولار للثاني.
واعتقلت الشرطة 11 مشتبها به هم طبيبان وأربع ممرضات وأمّان واثنان من عمّال الرعاية الاجتماعية وقابلة.
ويعتقد أنّ المجموعة كانت تنشط داخل المنشآت الصحيّة في العاصمة الغانية أكرا ومدينة تيما المجاورة لها.