البعثة الأممية تنجح في خرق جدار أزمة المصرف المركزي الليبي

طرابلس - أعلنت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، مساء الإثنين، التوصل إلى "تفاهمات مهمة" لحل أزمة المصرف المركزي، التي أدت إلى توقف في إنتاج النفط وتهدد بأسوأ أزمة منذ سنوات بالبلد المصدر للطاقة.
واندلعت الأزمة عندما تحركت فصائل من غرب البلاد في أغسطس للإطاحة بمحافظ مصرف ليبيا المركزي المخضرم الصديق الكبير واستبداله بمجلس إدارة جديد تابع لها، مما دفع فصائل الشرق إلى وقف إنتاج النفط بالكامل.
وقالت البعثة الأممية في بيان، عقب استضافتها اجتماعاً بين أطراف أزمة المصرف المركزي، الاثنين، بمقرّها في طرابلس، إنها نظمت "محادثات منفصلة بين ممثلين عن مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة من جهة، وعن المجلس الرئاسي من جهة أخرى"، مضيفة أن هذه المحادثات استمرت حتى ساعة متأخرة من ليل الاثنين.
وأضافت أن المشاركين توصلوا إلى "تفاهمات هامة بشأن سبل حل الأزمة المحيطة بالمصرف المركزي وإعادة ثقة الليبيين والشركاء الدوليين في هذه المؤسسة الحيوية".
وتابعت "اتفق ممثلا مجلسي النواب والأعلى للدولة في نهاية الجلسة على رفع ما توافقا عليه إلى المجلسين للتشاور، على أن يتم استكمال المشاورات يوم (الثلاثلاء) بهدف التوقيع النهائي على الاتفاق".
ورغم تأكيد البعثة مشاركة ممثل عن المجلس الرئاسي، إلا أنها لم تشر إلى موقفه حيال ما اتفق عليه ممثلو مجلسي النواب والأعلى للدولة.
وكشفت مصادر قريبة من الاجتماع الثلاثي لموقع "بوابة الوسط" المحلي عن المقترح المطروح للنقاش للبناء عليه في الاجتماع الموسع هو أن يستمر الصديق الكبير محافظا للمصرف على أن يجرى اختيار بديل له خلال مدة 20 يوماً.
ووفقا للمصادر نفسها، فقد برر المجلس الرئاسي رفضه بوجود معلومات عن أوامر جلب وإحضار في حق الصديق الكبير من الشرطة القضائية على خلفية رفض المحافظ تنفيذ أحكام قضائية سابقة.
وفي ظل رفض المجلس الرئاسي رجوع الكبير لمنصب المحافظ تم اقتراح أن يتولى نائبه مرعي البرعصي منصب المحافظ بشكل مؤقت إلى حين الاتفاق على تسمية محافظ بالتوافق بين مجلسي النواب والدولة، وقد وافق المجلس الرئاسي مبدئيا على هذا المقترح بشروط ما زال النقاش يدور حولها، فيما يرفض مجلس الدولة ذلك.
وجاء اجتماع الاثنين بعد أسبوع من إعلان البعثة الأممية اعتزامها عقد اجتماع بمشاركة الأطراف المعنية بأزمة المصرف المركزي الليبي المندلعة منذ أكثر من ثلاثة أسابيع بين المجلس الرئاسي ومجلس النواب. وأصدر مجلس الأمن، الخميس الماضي، بياناً يحث فيه الأطراف الليبية على الانخراط في مبادرة البعثة الأممية بدون شروط مسبقة لتجاوز أزمة المصرف.
وعلى خلفية تصاعد الأزمة، طالبت واشنطن ولندن الأطراف الليبية بسرعة اتخاذ خطوات للحفاظ على مصداقية المصرف المركزي الليبي بالتعاون مع البعثة الأممية، محذرتين من أن استمرار الأزمة سيضر بمشاركة المصرف الليبي مع النظام المالي الدولي. وحذر البيانان الأميركي والبريطاني من إمكانية قيام العديد من المصارف الدولية بوقف تعاملاتها مع المصرف الليبي إذا استمر ارتفاع مؤشرات المخاطر الناجمة عن أزمته.
ومصرف ليبيا المركزي هو جهة الإيداع القانونية الوحيدة لعائدات النفط وهو الذي يدفع رواتب موظفي الدولة في أنحاء البلاد. وإذا أضرت الأزمة الحالية بهذه الوظائف، سيشعر الليبيون قريبا بمغبة ذلك.
وإذا طال أمد الصراع من أجل السيطرة على المصرف، فإن جميع رواتب موظفي الدولة والتحويلات بين البنوك وخطابات الاعتماد اللازمة للواردات ستصبح مستحيلة، مما سيؤدي إلى تجميد الاقتصاد والتجارة الدولية لليبيا.
وتعارض فصائل الشرق، بما في ذلك مجلس النواب برئاسة عقيلة صالح وقوات شرق ليبيا (الجيش الوطني الليبي) بقيادة المشير خليفة حفتر، محاولة المجلس الرئاسي، ومقره طرابلس، الإطاحة بمحافظ مصرف ليبيا المركزي.
وسيؤدي وقف إنتاج النفط من جانب فصائل الشرق إلى حرمان المصرف المركزي تدريجيا من الأموال الجديدة فضلا عن تقليص المكثفات المتاحة لمحطات الطاقة، مما يعني احتمال عودة انقطاع الكهرباء لفترات طويلة قريبا.
ونتيجة لإغلاق حقول النفط، قالت المؤسسة الوطنية للنفط إن إجمالي الإنتاج انخفض إلى ما يزيد قليلا عن 591 ألف برميل يوميا بحلول 28 أغسطس من نحو 959 ألف برميل يوميا في 26 أغسطس، وهو ما تسبب في خسائر تجاوزت 120 مليون دولار على مدى الأيام الثلاثة. وذكرت المؤسسة أن الإنتاج بلغ نحو 1.28 مليون برميل في 20 يوليو تموز.
وقال مهندسان لرويترز إن حقل الفيل النفطي الليبي "يخضع الآن لأعمال صيانة كبرى ستتطلب وقتا"، وذلك بعد إعلان المؤسسة الوطنية للنفط في بيان حالة القوة القاهرة في الحقل اعتبارا من أمس الاثنين.
وتنذر هذه الأزمة بانتهاء فترة من السلام النسبي استمرت أربع سنوات في البلد العضو في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) والذي يشهد انقساما منذ 10 سنوات بين فصائل في الشرق والغرب اجتذب بعضها دعم تركيا والبعض الآخر دعم روسيا.
ومع انقسام الدولة بين الفصائل المتنافسة، ظل مصرف ليبيا المركزي والمؤسسة الوطنية للنفط بعيدين عن الصراع مما كفل استمرار بعض وظائف الحكومة.