البعثة الأممية تدخل على خط أزمة تخفيض الدينار في ليبيا

طرابلس - دخلت بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا على خطّ أزمة تخفيض الدينار في البلاد، داعية إلى ضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة للتخفيف من وطأة الآثار السلبية لتخفيض قيمة الدينار، بما في ذلك غلاء المعيشة وانخفاض القدرة الشرائية، مؤكدة استعدادها لتسيير المحادثات بشأن ميزانية موحدة.
وقالت البعثة في بيان لها، إنها تتابع بقلق تدهور الوضع الاقتصادي وتبادل الاتهامات حول المسؤولية عن هذا التدهور، وذلك عقب إعلان مصرف ليبيا المركزي عن خفض قيمة الدينار الليبي. وحثت البعثة الأممية في ليبيا، جميع الأطراف على تغليب المصلحة الوطنية والكف عن اللوم المتبادل والتوصل لاتفاق حول تدابير عاجلة من أجل استقرار الاقتصاد الوطني، مشيرة إلى “تراجع ثقة الشعب بمؤسسات الدولة وقياداتها.”
واعتبرت البعثة الأممية أن هنالك مؤشرات واضحة على التدهور وعدم الاستقرار الاقتصادي منها اتساع العجز في سوق الصرف الأجنبي، وضخ السيولة النقدية بشكل مفرط في السوق المحلية، والإنفاق المزدوج، واستمرار تدهور قيمة العملة. وقالت إن الضغوط الداخلية تفاقم حالة عدم اليقين الاقتصادي العالمي المتزايدة، بالإضافة إلى القلق الحقيقي والملح إزاء تراجع أسعار النفط.
وشددت البعثة على ضرورة اتفاق السلطات على ميزانية وطنية موحدة، “بما يضمن إدارة مالية شفافة وتعزيز المساءلة في هياكل الحوكمة”، مؤكدة استعدادها لتيسير المحادثات بشأن الميزانية الموحدة والمسائل ذات الصلة، منوهة بأهمية حماية وتمكين مؤسسات الرقابة الليبية، التي تتعرض استقلاليتها ونزاهتها لتهديد متزايد نتيجة التدخلات السياسية والتضييق الأمني.
وترى البعثة أن الحوكمة الرشيدة والشفافية والمساءلة يجب أن تكون في صميم مسار ليبيا نحو التعافي الاقتصادي والتنمية المستدامة، خاصة في ظل سوق عالمي يزداد هشاشة.
◙ البعثة تشدد على ضرورة اتفاق السلطات على ميزانية وطنية موحدة بما يضمن إدارة مالية شفافة وتعزيز المساءلة في هياكل الحوكمة
وأضافت أن أي إصلاحات اقتصادية يجب أن تستجيب لاحتياجات الشعب "بما يكفل أن يكون الاستقرار والازدهار ليسا مجرد أهداف على مستوى الاقتصاد الكلي، بل واقعًا ملموسًا يلمسه ويعيشه المجتمع." كما أكدت الحاجة الملحة لالتزام جميع الأطراف بالمشاركة الجادة في العملية السياسية لإنهاء الجمود القائم وتشكيل حكومة موحدة تعبر عن إرادة الشعب.
وقال البيان إنه من دون معالجة حالة عدم الاستقرار السياسي المستمرة، سيظل التقدم الاقتصادي هشًا، وستبقى استدامة الاستقرار في البلاد مهددة بتكرار حلقات التعطيل والانقسام. وكان مصرف ليبيا المركزي قد قرر خفض سعر صرف الدينار الليبي أمام العملات الأجنبية.
ويقول مراقبون إن القرار يغذى سجالا حادا وتبادل الاتهامات بين الفرقاء الأساسيين والحكومتين المتنافستين على حكم البلاد، حيث يسعى كل طرف إلى تحميل الطرف المقابل مسؤولية الوضع المتردي الذي أصبحت عليه المالية العامة في البلد الثري الغارق في مستنقع أزمته المتفاقمة منذ 14 عاما.
وقال المجلس الرئاسي في بيان الاثنين إن الإنفاق المزدوج خلق وضعا ماليا واقتصاديا غير مسبوق تصعب إدارته بالأدوات المتاحة، مشاطرا المصرف المركزي في تشخيصه حالة الإنفاق.
وبعد أن أعرب عن قلقه البالغ بشأن التطورات المالية والنقدية حمّل المجلس الإدارة السابقة للمصرف جزءا من المسؤولية، لمساعدتها في خلق إنفاق حكومي غير منضبط، وفق البيان، مشيرا إلى رفضها مقترح إعداد ترتيبات مالية طارئة لعام 2021، وإساءتها استخدام الاستثناء المالي 12/1 لتبرير تجاوزات الإنفاق.
وتابع المجلس أن الإدارة السابقة مولت الحكومتين مباشرة بمعزل عن اللجنة المالية العليا التي أنشئت، ما أدى إلى تهميش دورها، مردفا أن الإدارة الحالية لمصرف ليبيا المركزي لا تتحمل قانونيا أو ماليا تبعات الانقسام الهيكلي في المالية العامة ومنظومة الدفع الحكومي، كما أعلن رفضه اعتبار تخفيض قيمة العملة حلا للأزمة المالية، وأكد أنه سيفاقم المشكلة بزيادة الإنفاق الحكومي والطلب على العملة الصعبة.