البطالة في تونس تتقلص رغم انكماش النمو الاقتصادي

نسبة البطالة خلال الربع الأول من هذا العام انخفضت إلى 16.2 في المئة مقابل 16.4 في المئة بالربع الأخير من العام الماضي.
الجمعة 2024/05/17
مؤشرات إيجابية

تونس - تكشف أحدث المؤشرات عن حالة الاقتصاد التونسي أن البلاد تواجه مفارقة تحسن سوق العمل مقابل انكماش الاقتصاد العليل أصلا، ما يؤكد أن الحكومة أمامها تحدّ كبير لمعالجة هذا الخلل، بما يدعم نمو الناتج المحلي الإجمالي.

وذكر معهد الإحصاء في نشريته الشهرية حول سوق العمل الخميس أن نسبة البطالة خلال الربع الأول من هذا العام انخفضت إلى 16.2 في المئة مقابل 16.4 في المئة بالربع الأخير من العام الماضي، لكنها أعلى بمقدار 0.1 في المئة على أساس سنوي.

في المقابل أظهرت بيانات المعهد أن الناتج المحلي الإجمالي للبلاد خلال الفترة بين يناير ومارس الماضيين نما 0.2 في المئة مقارنة مع 0.6 في المئة بالربع الأخير من 2023 وبنحو 1.1 في المئة في الفترة نفسها من العام الماضي.

وجاء هذا النمو الضعيف رغم تحسن أداء قطاع الخدمات بنسبة 1.9 في المئة على أساس سنوي وتعافي القطاع الزراعي بعد سنوات متتالية صعبة تحت وطأة الجفاف، مسجلا كذلك نموا بنحو 1.6 في المئة.

وأوضح المعهد أنه بالرغم من هذه الوتيرة الإيجابية للنمو لم يبلغ الناتج المحلي الإجمالي بعد مستواه المسجل أواخر عام 2019، أي قبيل اندلاع الأزمة الصحية العالمية.

وحققت تونس نسبة نمو اقتصادي بمقدار 0.4 في المئة في كامل عام 2023 مع توقعات بتحقيق نسبة نمو بنحو 1.8 في المئة خلال العام الحالي.

انخفاض نسبة البطالة كان بسبب ارتفاع عدد النشيطين في سوق العمل رغم زيادة عدد العاطلين عن العمل بنحو 1.8 ألف عاطل

وأوضح المعهد أن انخفاض نسبة البطالة كان بسبب ارتفاع عدد النشيطين في سوق العمل رغم زيادة عدد العاطلين عن العمل بنحو 1.8 ألف عاطل، حيث وصل عددهم إلى 669.3 ألف عاطل في الفترة المذكورة.

وعلى أساس الجنس تقلصت نسبة البطالة لدى الرجال بواقع 13.6 في المئة مقابل 13.8 في المئة بالمقارنة مع الفترة نفسها قبل عام.

ويتصدر قطاع الخدمات ترتيب القطاعات الأكثر استقطابا لعدد المشتغلين بنسبة بلغت 53 في المئة، يليه قطاع الصناعات التحويلية بواقع 19 في المئة، ثم الزراعة بنحو 15 في المئة وأخيرا قطاع الصناعات غير المعملية بنحو 13 في المئة.

ورغم تراجع نسبة البطالة في صفوف السكان النشيطين فقد ارتفعت بصفة خاصة بين أصحاب الشهادات الجامعية لتصل إلى 23.4 في المئة في الربع الأول من 2024 مقابل 23.2 في المئة مقارنة مع الربع الأخير من العام الماضي.

وتتعرض الحكومة لضغوط بين الفينة والأخرى من مجتمع الخبراء لتغيير نموذج التوظيف السائد، باعتباره إحدى أدوات مكافحة البطالة خاصة إذا تعلق الأمر بخريجي الجامعات وربط التخصصات التعليمية بالطلب الذي تحتاجه السوق فعليا.

وسعت السلطات على مدار أعوام دون جدوى للخروج من عباءة منظومة العمل القديمة، التي تقوم على العمالة غير الكفؤة، حيث أنها كانت من بين الأسباب التي أدت إلى زيادة معدلات البطالة إلى جانب التوترات السياسية.

نسبة البطالة تقلصت لدى الرجال بواقع 13.6 في المئة مقابل 13.8 في المئة بالمقارنة مع الفترة نفسها قبل عام

ورغم برامج الحكومات المتعاقبة لدعم سوق العمل، لا يزال الكثير من التونسيين لا يشعرون بتحسن الأوضاع الاجتماعية، بل يقولون إنها ازدادت سوءا.

وجدد البنك الدولي هذا الأسبوع استعداده لدعم تونس ومساعدتها على تنفيذ برامجها الإصلاحية الاقتصادية والاجتماعية، في الوقت الذي تشهد فيه البلاد تحديات مالية.

وخلال 2023 واجهت البلاد صعوبات اقتصادية تمثلت في ندرة المواد الغذائية، نتيجة صعوبة العوامل المناخية وتداعيات الحرب في أوكرانيا، وصعوبات مالية حالت دون التزود بالحبوب من الخارج، علاوة على ضعف المحاصيل الزراعية نتيجة الجفاف.

وأكد المدير الإقليمي للنمو العادل والتمويل والمؤسسات بالبنك الدولي نادر محمد، خلال لقاء مع وزيرة المالية سهام البوغديري الاثنين الماضي، أن البنك مستعد لتقديم كافة أشكال المساعدة للنهوض بالاقتصاد التونسي.

وتأتي زيارة المسؤول في البنك “لمتابعة سير برامج التعاون القائم بين الجانبين، والتقدم في إنجاز البرامج المتفق عليها مع البنك على الصعيدين المالي والفني، فضلا عن برنامج العمل للفترة القادمة”، وفق بيان أوردته وزارة المالية.

وقالت البوغديري إن مشاريع البنك الدولي في تونس “تهدف إلى تحسين مناخ الأعمال، وتيسير نفاذ المؤسسات الصغرى والمتوسطة إلى مصادر التمويل، لدفع الاستثمار واستعادة نسق النشاط الاقتصادي”.

وتواجه تونس صعوبات مالية واقتصادية وارتفاعا في عجز المالية العامة، وسط تبدد فرص حصولها من صندوق النقد الدولي على قرض بقيمة 1.9 مليار دولار مقابل تنفيذ إصلاحات مؤلمة رفضها الرئيس قيس سعيد.

وشهدت العلاقة بين تونس والصندوق سجالا منذ عام 2022، مع تقدم الدولة بطلب برنامج إصلاحات اقتصادية وقرض مالي من الصندوق، إلا أنه شهد عقبات مرتبطة بشروط وضعها الصندوق، ورفضتها تونس.

10