البرهان يلغي جوازات دبلوماسية لحميدتي وحمدوك للفت الانتباه عن أزمته

الخرطوم - أعلنت وزارة الخارجية السودانية، اليوم الأربعاء، إلغاء عدد من جوازات السفر الدبلوماسية التي كانت قد منحتها سابقا لعدد من شاغلي المناصب الدستورية وسياسيين وأفراد في قوات الدعم السريع أبرزهم قائدها الفريق الأول محمد حمدان دقلو "حميدتي".
ويأتي هذا القرار عقب تمكن قوات الدعم السريع من السيطرة على أغلب مقر سلاح المدرعات الاستراتيجي، وهو ما يمثل إنجازا ميدانيا كبيرا يمهد الطريق للسيطرة الكلية على العاصمة السودانية ويسد حاجة قوات الدعم السريع من المدرعات والدبابات والمدفعية اللازمة.
وحسب الخارجية السودانية، طال القرار "سياسيين وأفرادا في قوات الدعم السريع أبرزهم قائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو وزوجته، وشقيقه عبدالرحيم دقلو، إضافة إلى خالد عمر ومحمد الفكي ومريم الصادق القياديين في قوى الحرية والتغيير".
وضمت القائمة، نحو 24 اسما، من ضمنها رئيس الوزراء السابق عبدالله حمدوك، والسفير السابق نورالدين ساتي، وقيادات أخرى في قوى الحرية والتغيير أيضا.
وطالبت الخارجية السودانية، في بيانها "كل البعثات الدبلوماسية في الخارج بمخاطبة السلطات المختصة لإلغاء الجوازات وعدم التعامل معها".
ويرى مراقبون أن قرار رئيس مجلس السيادة السوداني قائد الجيش عبدالفتاح البرهان الذي تزامن مع قرب خسارته كليا لمقر سلاح المدرعات، وهي خسارة تعني هزيمته المبكرة في الحرب التي جرّ السودان إليها في الخامس عشر من أبريل الماضي بالتواطؤ مع فلول نظام عمر البشير والتنظيمات الإسلامية.
ويشير هؤلاء المراقبين إلى أن قرار البرهان المفاجئ يعكس ارتباكه بعد أن بدأ يتجرع مرارة الهزيمة وهو الذي كان يرنو إلى حسم الحرب في مواجهة قوات الدعم السريع مبكرا، كما يعكس مخاوفه من عودة السلطة إلى المدنيين مثلما أكد ذلك حميدتي في أكثر من مناسبة.
وكان البرهان قد أمر سابقا بحل قوات الدعم السريع، إثر الحرب التي تفجرت بين القوتين العسكريتين في البلاد منتصف أبريل الماضي، واعتبارها متمردة.
كما جرد لاحقا قائد قوات الدعم السريع من منصبه كنائب لرئيس مجلس السيادة، زاعما أن الأخير متعطش للسلطة ولمطامعه الشخصية.
أما في ما يتعلق بقوى الحرية والتغيير، فأتى هذا القرار بعد أن عقدت الأسبوع الماضي اجتماعا ضم القوى المدنية الموقعة على الاتفاق الإطاري في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، لمناقشة الوضع الإنساني وسبل وقف الحرب.
ويرفض البرهان تسليم السلطة إلى المدنيين رغم توقيعه في الخامس من ديسمبر 2022اتفاقا سياسيا إطاريا، يؤسس لمرحلة انتقالية مدتها 24 شهرا، لكنه سرعان ما بات يماطل في توقيع الاتفاق النهائي بحجج مختلفة تارة بتوسيعه وضم أطرافا أخرى غير موقعة، وتارة أخرى بضرورة دمج قوات الدعم السريع في الجيش، والنقطة الأخيرة هي التي كشفت نواياه أكثر حينما انقلب عليها سريعا وشنّ على مقراتها هجمات متزامنة فجر الخامس عشر من أبريل الماضي، وفق تأكيدات لحميدتي وأعضاء في قوى الحرية والتغيير.
ويعتقد البعض أن البرهان بقراره هذا يريد أن ينفس عن نفسه، بعدما تكبد جيشه هزائم ثقيلة متلاحقة آخرها مقر سلاح المدرعات التي تعد من أهم قواعد الجيش العسكرية، وتكمن فيها قوته وفاعليته.
وتولي قوات الدعم السريع أهمية خاصة لسلاح المدرعات، بوصفه السلاح الاستراتيجي القادر على حسم المعركة لصالح مَن يسيطر عليه، لا سيما أن سيرته وقدراته التدميرية كفيلة بدك الخرطوم وأي قوة مهاجمة، لذلك تعد السيطرة عليه نهاية المعركة بين الطرفين.
وفيما قال الجيش أنه لا يزال يسيطر على المقر العسكري الاستراتيجي، فإن قوات الدعم السريع فندت تلك المزاعم اليوم الثلاثاء ونشرت مقطع فيديو عبر صفحاتها على فيسبوك ومنصة إكس أكدت فيه أنه بات تحت سيطرتها الكاملة.
وقال عنصر من قوات الدعم السريع إن المشاهد مصورة من قلب الموقع الذي شهد لأيام اشتباكات طاحنة، لافتا إلى أن الهزيمة منيت بعناصر الجيش، وأتلفت وأحرقت دباباته.
ويقع هذا المقر في حي الشجرة جنوب الخرطوم، ويمتد على مساحة تقدر بنحو 20 كيلومتراً مربعاً، من شرق الشجرة إلى غرب أحياء جبرة، ومن حدود "اللاماب" شمالا إلى جبرة جنوبا، ويحيطه سور من الباطون المسلح، وتقع داخله القيادة البديلة للجيش السوداني، ويعتبر منطقة عسكرية تاريخية وتضم إلى جانب سلاح المُدرّعات، مصنعا للذخيرة ومصنع اليرموك.
كما يضم مئات الدبابات والمدافع الضخمة، بعضها محلية الصنع من إنتاج التصنيع الحربي الذي اُستحدث إبان حكم الرئيس المخلوع عمر البشير، كما يضم سبعة ألوية، أربعة منها دبابات، واثنان مشاة، ولواء واحد مدرع خفيف.
ولطالما اشتهر بأنه يضم مقاتلين شديدي المراس من ذوي البأس والكفاءة القتالية النادرة.