البرهان يحاول حرف الأنظار عن علاقة الجيش بطهران

لم ينجح عبدالفتاح البرهان في تبديد مخاوف قوى إقليمية ودولية من تصاعد نفوذ طهران في السودان.
السبت 2024/04/20
قلق من تصاعد نفوذ كتيبة البراء

الخرطوم - يحاول رئيس مجلس السيادة السوداني عبدالفتاح البرهان حرف الأنظار عن علاقته العسكرية المتنامية بإيران، والتي تثير قلق القوى الإقليمية والدولية، من خلال توجيه انتقادات لتشكيلات إسلامية موالية للجيش كـ”كتيبة البراء”.

ولم يتمكن البرهان من تبديد مخاوف قوى إقليمية ودولية من تصاعد نفوذ طهران في السودان، وثبّتت تصريحاته أيضا ما كان يتردد في أروقة سياسية عدة حول تنامي نفوذ كتيبة البراء عسكريا.

ولم تفلح انتقادات البرهان لـ”كتيبة البراء” التي تمثل أحد الأجنحة العسكرية الإسلامية وقوله “إن دولا كثيرة أدارت ظهرها للبلاد بسببها” في طمأنة الدول التي لم يذكرها صراحة، وعزز القناعات حول وجود تنظيمات متطرفة داخل الجيش، يمكن أن يؤدي تصاعد دورها إلى أزمات إقليمية.

وكشفت مصادر سودانية لـ”العرب” أن ظهور تأثير التعاون العسكري بين الخرطوم وطهران في معارك أم درمان، أكد أن البرهان ذهب بعيدا في علاقته بإيران، وحاول التغطية عليها بتحفظاته اللافتة على “البراء” التي كثر الحديث عنها مؤخرا.

جمال حامد: السودانيون اعتادوا على التصريحات المتناقضة من البرهان
جمال حامد: السودانيون اعتادوا على التصريحات المتناقضة من البرهان

وأكدت المصادر ذاتها أن قائد الجيش يناور بما يملكه من أدوات محدودة على أمل أن يحض الدول الرافضة لتعاونه عسكريا مع إيران على مساعدته وتصبح بديلا لها أو تقبل بهذا الأمر، ويشير كذلك إلى استعداده وعدم ممانعته تقليل نفوذ الميليشيات الإسلامية إذا وجد تعاونا من الدول الرافضة لهذه المسألة، وإذا أخفق فالمفتاح لا يزال في يده، واستخدامه أو وضعه على الرف يبقى رهين المكاسب التي يتحصل عليها. وأشارت تقارير محلية إلى انزعاج البرهان من الظهور الإعلامي المكثف لعناصر تنتمي إلى كتيبة البراء الفترة الماضية، وبثها مقاطع فيديو لطائرات مسيرة تقوم بطلعات قتالية عليها شعار الكتيبة بشكل يوحي كأنها تعمل بمعزل عن قيادة الجيش.

وترسخ هذه المشاهد العلاقة مع الجيش، وتقلق بعض الدول التي لمست تطورها في معارك عديدة، ويحوي تنامي دورها مع حديث متواتر عن مد إيران للجيش بطائرات مسيرة إشارة إلى تحول السودان إلى بؤرة جاذبة لأخطر تهديد في المنطقة، وهو تطوير العلاقات بين إيران والجناح العسكري في الحركة الإسلامية.

وقال البرهان خلال لقاء انعقد في الكلية الحربية مؤخرا “ناس البراء عاوزين يقاتلوا معانا حبابهم (مرحبا بهم) لكن تصرفاتهم ومنهجهم الماشين بيهو ده ما بنوافق عليهو (أي طريقتهم التي يعملون بها مرفوضة).. كل الناس يجب أن تقاتل تحت راية الجيش وشعار الجيش وإعلام الجيش، ما بنوافق إطلاقا بكيانات وتنظيمات موالية”.

وزار البرهان قائد الكتيبة المصباح أبوزيد في المستشفى عندما كان يتلقى العلاج من إصابته في القتال الأخير بأم درمان، ما أكد وجود علاقة قوية بين الجيش والحركة الإسلامية، على عكس ما أراد قائده التغطية عليه أخيرا.

وقال أمين شؤون الرئاسة بحركة العدل والمساواة جمال حامد إن الشعب السوداني اعتاد على التصريحات المتناقضة من قائد الجيش ويلجأ إليها عندما يكون في موقف حرج أويسعى إلى إيجاد مخرج من مأزق معين، بالتالي فقسم كبيرة من السودانيين لا يعول كثيرا على هذه الأحاديث وينتظر تطبيقا عمليا على الأرض.

وأوضح حامد في تصريح لـ”العرب” أن التخلي عن “كتيبة البراء” صعب للغاية، لأنها الذراع العسكرية لتنظيم الإخوان في السودان، ولعبت دورا في ما آلت إليه أوضاعه حاليا، خاصة مع وجود تيارات داخل الجيش بعضها يدعم الاعتماد على تلك الميليشيات للاستمرار في الحرب، وآخرون يرون خطرها على الجيش والبلاد بوجه عام.

وشدد على أن وصول الأسلحة الإيرانية إلى الجيش السوداني واستخدام الطائرات المسيرة في العمليات العسكرية أمر معروف لدى الجميع وأقر بذلك مسؤولون من قبل، وأن تصريحات البرهان قد يكون هدفها التخفيف من حدة الخلافات بين السودان ودوائر إقليمية ترفض ارتكانه إلى الميليشيات المسلحة والأسلحة الإيرانية التي يمكن أن تقود إلى زعزعة أمن واستقرار الإقليم بأكمله.

محللون يؤكدون أن التخلي عن "كتيبة البراء" صعب للغاية، لأنها الذراع العسكرية لتنظيم الإخوان في السودان، ولعبت دورا في ما آلت إليه أوضاعه حاليا

وكتيبة البراء، واحدة من أدوات ما سمي في عهد الرئيس السابق عمر البشير بكتائب الدفاع الشعبي التي خفت صوتها بعد سقوط نظامه، ثم عادت إلى الضوء مع اندلاع الحرب بين الجيش والدعم السريع، وتتكون من مجموعات شبابية عقائدية، وعملت تحت مظلة الأمن الطلابي، وحصل أعضاؤها على امتيازات مادية ومعنوية كبيرة، وهي إحدى أكثر الميليشيات والتنظيمات الإخوانية إعدادا وتدريبا وتسليحا وتعبئة.

وقال مساعد القائد العام للجيش الفريق أول ياسر العطا في خطاب أمام عدد من المقاتلين في يناير الماضي “الحق يجب أن يُقال، هناك مجموعات كبيرة من الإسلاميين تقاتل معنا، وهناك شباب من مجموعة غاضبون وغيرها”. ودار جدل الفترة الماضية حول كتيبة “البراء بن مالك” بشأن دورها في المعارك العسكرية التي جرت في العاصمة الخرطوم، خاصة تلك التي جرت في أم درمان مؤخرا وتمكن الجيش من فرض سيطرته على مناطق حيوية بها، كانت في حوزة قوات الدعم السريع.

وذكر عضو اللجنة التنفيذية لتنسيقية تقدم اللواء كمال إسماعيل أن البرهان يدرك أن صفحة الإسلاميين طواها الشعب بثورة عظيمة، وليس من صالحه الاستمرار في الدفاع عن أذرعها السياسية والعسكرية، في ظل ضغوط من داخل الجيش تطالبه بضرورة الانفصال عنها وبناء قوات قومية تمثل كل فئات الشعب السوداني.

وأكد إسماعيل في تصريح لـ”العرب” أن “كتيبة البراء” ليس لها مستقبل في السودان إذا فض الجيش شراكته معها، لكن إذا تحول التحالف الحالي إلى تنسيق دائم يدعم تسليم السلطة إلى حزب المؤتمر الوطني (المنحل) وعناصر تنظيم الإخوان بقوة السلاح سوف تكون هناك أزمة كبيرة في البلاد، لافتا إلى أن البرهان من واجبه كقائد للجيش أن يوقف هذا الخطأ ويتجه إلى السلام، خاصة أن قوات الدعم السريع أبدت مرونة واضحة في دعم الحل السياسي. وكان المبعوث الأميركي الخاص للسودان توم بيرييلو كشف في وقت سابق أن جلسات نقاش تجمع بين الجيش والدعم السريع في منبر جدة ستعود للانعقاد خلال الأسابيع الثلاثة المقبلة.

2