البرهان ماض في سياسة الإنكار: سنقاتل حتى آخر جندي

الجيش يشن حملة اعتقالات في قضارف خشية تكرار سيناريو ود مدني.
السبت 2023/12/23
البرهان مستعد للتضحية بالجنود مقابل البقاء

طغى التشنج على الإطلالة الأخيرة لقائد الجيش السوداني الجنرال عبدالفتاح البرهان، متمسكا بذات الخطاب الذي يسوق فيه لإمكانية تحقيق قواته نصرا، ويقول متابعون إن البرهان يحاول الإيحاء بأن الأمور لا تزال تحت السيطرة، على خلاف المعطيات على الأرض التي تشير إلى أن الجيش بات ملزما بإعادة النظر في سياساته وتقديم تنازلات إذا ما أراد تجنب التعرض لهزيمة “مذلة”.

الخرطوم - يمضي قائد الجيش السوداني الفريق أول عبدالفتاح البرهان في سياسة الإنكار، رغم الهزائم المتتالية التي مني بها الجيش على أكثر من جبهة وآخرها الأسبوع الجاري في ولاية الجزيرة.

ويبدي البرهان استعداده للمضي في القتال حتى آخر جندي، من دون اهتمام بتبعات “عناده” الذي قد ينتهي بالجيش إلى هزيمة “مذلة”، أو انقسام بدأ يظهر للعلن بتسليم قوات الفرقة الأولى مشاة مدينة ود مدني عاصمة ولاية الجزيرة إلى قوات الدعم السريع، وانسحابها إلى ولاية سنار، وهي خطوة فاجأت البرهان نفسه.

وقال قائد الجيش خلال لقاء مع ضباط منطقة البحر الأحمر العسكرية “ستتم محاسبة كل متخاذل ومتهاون فيما حدث بود مدني في ولاية الجزيرة ولا مجاملة في ذلك”.

وأضاف “سننتصر بعزيمة وإصرار القوات المسلحة والشعب السوداني، وسنقاتل لدحر وهزيمة الميليشيا المتمردة وأعوانها من القوى السياسية التي تسعى إلى حكم البلاد عبر أشلاء الشعب السوداني”.

وشدد البرهان “نطمئن المواطنين بأن الجيش سيقاتل لآخر جندي حتى ينعم أهل السودان بالأمن والاستقرار، ولن تسقط القوات المسلحة”، مهددا “كل من يتعاون مع الميليشيا المتمردة سيدفع ثمن تعاونه”.

بابكر فيصل: الطرف الذي يحقق تقدما ستكون شروطه مختلفة
بابكر فيصل: الطرف الذي يحقق تقدما ستكون شروطه مختلفة

ودعا إلى “عدم الالتفات لمروجي الشائعات التي تستهدف التشكيك في القوات المسلحة، وتبث الرعب والخوف في نفوس المواطنين”، مؤكدا “لن نوقّع اتفاق سلام فيه ذل للقوات المسلحة والشعب السوداني، ولا بد من وقف إطلاق النار، وخروج المتمردين من المرافق العامة والمستشفيات ومنازل المواطنين”.

وتمكنت قوات الدعم السريع في الثامن عشر من ديسمبر الجاري من السيطرة على مدينة ود مدني وكل مدن ولاية الجزيرة بعد انسحاب الفرقة الأولى مشاة للجيش من الولاية، في خطوة عززت من خلالها الدعم السريع موضعها، بعد انتصارات حققتها خلال الفترة الماضية وتمثلت في السيطرة على العاصمة الخرطوم ومعظم أنحاء إقليم دارفور غرب البلاد، وأجزاء من جنوب كردفان.

وأعلنت قيادة الجيش في اليوم التالي لسقوط ود مدني بيد الدعم السريع عن تشكيل لجنة للتحقيق حول انسحاب القوة وتعهد بتمليك نتائج التحقيقات للرأي العام.

ويرى متابعون أن تصريحات البرهان هي محاولة من قبله للإيحاء لأنصاره أو القوى التي لا تزال تدعمه بأن الأمور لا تزال تحت السيطرة، لكنه يدرك في قرارة نفسه أن خيار المضي في الحرب أشبه ما يكون بعملية انتحارية.

ويرجح المتابعون أن يعمد البرهان إلى الجنوح للتفاوض، لأن المزيد من المواجهات وما قد يترتب عليها من هزائم، ستضعف أي حظوظ له في أي تسوية سياسية، خصوصا وأنه لم يبق له من معقل في السودان سوى الشرق، الذي باتت قوات الدعم السريع على تخومه.

ورجح القيادي بتحالف قوى الحرية والتغيير بابكر فيصل، حصول لقاء مباشر بين قائدي الجيش والدعم السريع، مشيرا إلى أن الأخيرة في وضعية تسمح لها بفرض شروطها.

وأوضح فيصل في تصريحات صحفية أن الطرف الذي يحقق تقدما على مستوى الأرض بدون شك ستكون شروطه مختلفة عما يكون عليه الحال في وجود التوازن.

تصريحات البرهان هي محاولة من قبله للإيحاء لأنصاره أو القوى التي لا تزال تدعمه بأن الأمور لا تزال تحت السيطرة

ويقول المتابعون إنه إلى حين نضوج المفاوضات التي تجري خلف الكواليس لجمع الجيش والدعم مجددا على طولة المفاوضات، فإن الجيش سيحاول خلال هذه الفترة تجنب حصول المزيد من الانتكاسات الميدانية، عبر تعزيز مواقعه لاسيما في شرق السوداني الذي تتخذه قيادته معقلا لها. ويلفت المتابعون إلى أن هناك مخاوف حقيقية لدى البرهان والقيادات العسكرية المقربة منه من أن يتكرر سيناريو ود مدني في ولايات ومدن الشرق، وهو ما يفسر حالة الاستنفار وحملة الاعتقالات التي تحصل هناك.

وكشفت أوساط إعلامية سودانية أن الأجهزة الأمنية في ولاية القضارف شرقي السودان، صعّدت من حملات اعتقال ضد المعلمين والناشطين.

وذكر موقع “سودان تربيون” أن الأجهزة العسكرية والأمنية رفعت حالة التأهب لمراحل قصوى ونفذت حملة اعتقالات طالت أعضاء في لجان المقاومة ولجنة المعلمين وناشطين رافضين للحرب.

وقال عضو بالمكتب الإعلامي للجنة المعلمين السودانيين، طلب حجب اسمه لدواع متعلقة بسلامته، الخميس، إن الأجهزة الأمنية في القضارف اعتقلت الأستاذين أحمد إبراهيم وجعفر كوكو عضوي اللجنة بالولاية الأربعاء.

كما أفاد عضو في لجان مقاومة القضارف بأن الأجهزة الأمنية اعتقلت العضوين ناصر ميرغني وحسن كركاسه.

وشملت حملة الاعتقالات عضو اتحاد المعاقين مصعب عبدالرحيم، قرب محطة وقود وادي سندس، بواسطة قوة مشتركة وفق مصادر متطابقة.

وقال عضو المكتب الإعلامي للجنة إن عمليات الاعتقال لأعضاء لجان المقاومة والمعلمين تمت خلال إعداد وجبات للنازحين في الولاية. وأكد إطلاق السلطات الأمنية سراح حسن كركاسه، ناصر ميرغني، جعفر كوكو، لاحقا، فيما أبقت على مصعب وأحمد إبراهيم، قيد الاعتقال، محملا إياها مسؤولية سلامتهما.

وعلى وقع حملات الاعتقالات الجارية، يعيش النشطاء السياسيون والمدنيون حالة من الرعب، من أن تطالهم الحملة.

اقرأ أيضاً: انتصار قوات الدعم السريع يلوح في الأفق

2