البرمجيات نقطة تحول مفصلية في ابتكار سيارات المستقبل

إدراك المطورين لأهمية التطوير يجعل الشركات أمام حتمية خوض مغامرة تطويع الذكاء الاصطناعي.
الأربعاء 2024/02/21
الراحة لا تقل أهمية عن الرحابة والفخامة

تحولت البرمجيات التي تعمل على تغيير تصميم وأداء السيارات الصغيرة والشاحنات ومركبات الدفع الرباعي وطريقة القيادة بشكل كبير، إذ أنها تعتبر نقطة تحول مفصلية في ابتكار مركبات المستقبل، وهو ما يركز عليه المصنعون اليوم لكسب رهان التقنيات المتقدمة.

لندن- انتشر مفهوم السيارة المعرفة بالبرمجيات خلال السنوات القليلة الماضية على نطاق واسع، ولكن مع قيام الصانعين بالتركيز على التكنولوجيات المتقدمة بات تخطي تعقيداتها وتطويعها أمرا لا مفر منه.

ويقول الخبراء إن الكفاءة في تطوير البرمجيات ستؤدي قريبا إلى فصل أفضل شركات التصنيع عن باقي الشركات الأخرى، تماما كما فعلت الكفاءة في تطوير المحرك والهيكل لعقود.

ويدرك المطورون بمن فيهم العاملون في مجموعة ستيلانتيس مدى قوة التحول الذي يحدث الآن في الصناعة، وبالتالي فهم على أهبة الاستعداد لخوض مغامرة تطويع الذكاء الاصطناعي في الطرز المستقبلية.

وترى ماماثا تشامارثي، رئيسة تطوير البرمجيات وإدارة المنتجات في الشركة، في حدث حول “مستقبل السيارة”، الذي نظمته صحيفة فايننشال تايمز البريطانية مؤخرا في لندن أن “هذه أكبر لحظة محورية في تاريخ صناعة السيارات”.

ولكنها أشارت إلى أن هذه اللحظة هي النقطة المهمة الفاصلة قائلة “أعتقد أنه لا توجد إستراتيجية صحيحة أو خاطئة عندما ننظر إلى السيارة المعرفة بالبرمجيات”.

جيروم ميشيرون: سنقدم تشات جي.بي.تي في جميع السيارات، بما في ذلك الطراز الكهربائي الجديد
جيروم ميشيرون: سنقدم تشات جي.بي.تي في جميع السيارات، بما في ذلك الطراز الكهربائي الجديد

وستيلانتيس، مع مزيجها العالمي لسيارات كرايسلر الأميركية، وفيات الإيطالية، ومجموعة بي.أس.أي الفرنسية، هي وحش مترامي الأطراف يضم 14 علامة تجارية مختلفة.

وتعترف تشامارثي، أحد المبتكرين الذين ورد ذكرهم في كتاب “كودينغ ذا كار”، الذي أعدته منصة موتور تريند البريطانية بأن “لدينا مستوى هائلا من التعقيد اليوم”.

وأضافت “وبالتالي فإن أحد التحديات الأساسية التي تواجهنا هو بناء برنامج يقدم أفضل تجربة للمستخدمين ويزيد إيرادات ستيلانتيس، ولكنه بسيط بما يكفي بحيث يمكن تكراره عبر جميع علاماتنا التجارية”.

ويتطلب تحقيق ذلك الأجهزة المناسبة لإصدار بدائل المركبات السائدة المختلفة للشركة وعددها 90 طرازا بدءا من بيجو هاتشباك الصغيرة إلى مازيراتي غريكال الرياضية متعددة الأغراض ولانسيا يابسيلون وصولا إلى دودج تشارجر وجيب رانغلر.

وستغطي منصات الأجهزة هذه ثلاث منصات برمجية، الأولى أس.تي.أل.أي برين، التي تعتني بوظائف السيارة الشاملة والاتصال السحابي.

أما المنصة الثانية فهي أس.تي.أل.أي سمارت كوكيت، التي يتم تطويرها مع أمازون لتقديم تجربة قمرة قيادة رقمية مخصصة وسياقية ومحددة بالعلامة التجارية.

وبالنسبة إلى المنصة الثالثة فهي أس.تي.أل.أي أوتو درايف والتي يتم تطويرها بالشراكة مع بي.أم.دبليو وكوالكوم الأميركية لتوفير قدرة القيادة الذاتية من المستوى 3.

والأمر الأساسي في البرمجة هو التعامل معها كجزء من عملية هندسة المركبات، تماما كما كان الحال في تطوير محرك جديد أو منصة مركبة في السابق مثل ما ظهر في نموذج بيجو أنسيبشن كونسبت.

وتظهر علاقة ستيلانتيس مع أمازون وكوالكوم كيف يُنظر إلى هذه الشركات الآن كشركاء إستراتيجيين أو موردين من الدرجة الأولى، تماما كما كانت الشركات المصنعة لأنظمة نقل الحركة أو الفرامل أو المقاعد منذ فترة طويلة.

والتحدي الآخر الذي يواجه شركات صناعة السيارات القديمة التي تقوم بتطوير مركبات محددة بالبرمجيات هو الانفصال بين أوقات تطوير البرامج والأجهزة.

وتبدو تسلا موديل أس أحد الأمثلة على ذلك، إذ بعد تلقي هذه السيارة ترقيات برمجية خاصة بها ولا حصر لها، فإنها لا تزال تشبه إلى حد كبير ما كانت عليه عندما تم إطلاقها قبل 12 عاما.

ماماثا تشامارثي: نمر الآن بأكبر لحظة محورية في تاريخ هذه الصناعة
ماماثا تشامارثي: نمر الآن بأكبر لحظة محورية في تاريخ هذه الصناعة

ورغم أن بعض شركات السيارات الكهربائية الصينية الناشئة تعتقد أن التقنيات المعرفة بالبرمجيات ستسمح في الواقع بإجراء عمليات إعادة تصميم خارجية وداخلية كبيرة بشكل متكرر، لكنها تتطلب نهجا مختلفا جذريا للتطوير.

وتؤكد تشامارثي أن ستيلانتيس تقوم بفصل الأجهزة عن البرامج. وقالت إن “الطريقة التي اعتدنا عليها لتطوير البرمجيات هي أننا نبدأ بمنصة الأجهزة ثم تأتي البرمجيات كفكرة لاحقة، ونقوم بربط البرامج ودورات الأجهزة معًا”.

وأضافت “ما يحدث اليوم هو أننا لم نعد ننتظر بدء إنتاج السيارة لإطلاق برنامج جديد. وعندما تكون السيارة جاهزة أيا كانت، نقوم بتوصيل البرنامج ثم إطلاقه في السوق وبعد ذلك نستمر في تحديث البرنامج بشكل مستمر”.

وتصر تشامارثي على أنه بالنسبة إلى شركة تتمتع بمستوى التعقيد مثلما هو الحل مع ستيلانتيس من حيث علاماتها التجارية والعدد الهائل من النماذج المختلفة التي تنتجها، فإن فصل الأجهزة والبرمجيات “يساعدنا في الواقع على المضي بشكل أسرع”.

وتؤكد أن صناعة السيارات تزخر بالعديد من نقاط القوة، حيث لديها القدرة على ابتكار منتجات معقدة بكميات كبيرة وبمستويات عالية من الجودة.

وقالت “أعتقد أننا في حاجة إلى الحفاظ على ذلك باعتباره مصدر قوة وأن نصبح أكثر مرونة في تحديث البرامج بشكل مستمر”.

وهذا هو ما يحرك المحور الكبير للصناعة، ففي الماضي، كانت شركات ستيلانتيس تركز بشكل أكبر على المنصات والمنتجات التي تقدمها، ولكن الآن أصبح الأمر يتعلق أكثر بكيفية التركيز على ما يريده المستخدم.

وتشير تشامارثي إلى أنه في الماضي، عندما تباع سيارة جيب، على سبيل المثال، لشخص ما لم تتحدث الشركة كثيرا مع الزبون حول كيفية استخدامه لها، لكن تقنيات المركبات المحددة بالبرمجيات والذكاء الاصطناعي ستسمح بالتفاعل بانتظام معه.

وقالت “في الماضي كنا نصنع سيارة، ونبيع السيارة بأفضل الأسعار. ولكن الآن سوف نبيع الخبرات”.

وفي الشهر الماضي، كشفت بيجو التابعة لستيلانتيس أنها تخطط لاستخدام تقنية تشات جي.بي.تي لتحسين المساعد الصوتي في سياراتها وشاحناتها الصغيرة، لتنضم إلى منافسين كثر في الاستفادة من برنامج الدردشة الآلي الشهير الذي يعمل بالذكاء الاصطناعي.

◙ الأمر الأساسي في البرمجة هو التعامل معها كجزء من عملية هندسة المركبات، مثل ما ظهر في نموذج بيجو أنسيبشن كونسبت
الأمر الأساسي في البرمجة هو التعامل معها كجزء من عملية هندسة المركبات، مثل ما ظهر في نموذج بيجو أنسيبشن كونسبت

وقال جيروم ميشيرون، مدير خطة منتجات الشركة الفرنسية، في مؤتمر صحفي حينها “سنقدم تشات جي.بي.تي في جميع السيارات، بما في ذلك الطراز الكهربائي الجديد أي – 3008، والمركبات التجارية الصغيرة”.

وأطلقت بيجو نسخة تجريبية من الخدمة، والتي ستكون قادرة على الاتصال بأجهزة التحكم في السيارة والإجابة على الأسئلة العامة أو المتعلقة بالملاحة، مطلع هذا الشهر في فرنسا وبريطانيا وألمانيا وإيطاليا وإسبانيا. ومن المقرر أن تصبح الخدمة معدات قياسية هذا العام.

وأعلنت فولكسفاغن مطلع 2024 أنه بحلول منتصف العام الحالي، ستدمج مساعدها الصوتي تشات جي.بي.تي لتسهيل الحوار التفاعلي مع السائقين.

وبدأت مرسيدس – بنز في 2023 تجربة في الولايات المتحدة تسمح للسائقين باستخدام تشات جي.بي.تي، قائلة إنه “يجب أن يساعد في تقديم المزيد من الاستجابات الطبيعية والتعامل مع الاستفسارات التي تتراوح من تفاصيل الوجهة إلى اقتراحات العشاء”.

15