البرلمان الليبي يهاجم المجلس الرئاسي ويقترح إنشاء محكمة دستورية

عقيلة صالح يعتبر محافظ مصرف ليبيا المركزي ورئيسي ديوان المحاسبة وهيئة الرقابة الإدارية فقدوا الصفة القانونية لهم.
الخميس 2022/09/15
جلسة لتسمية رئيس جديد للمحكمة العليا رغم الخلافات

بنغازي – رفض رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح الخميس تلويح المجلس الرئاسي برئاسة محمد المنفي بوضع قاعدة دستورية، داعيا إياه إلى التقيد بـ"اختصاصاته"، مشيرا إلى أن محافظ مصرف ليبيا المركزي ورئيسي ديوان المحاسبة وهيئة الرقابة الإدارية "فقدوا الصفة القانونية لهم ولم يعودوا يتبعون مجلس النواب".

وتأتي تصريحات صالح خلال افتتاح الجلسة الرسمية للمجلس النيابي في مقره بمدينة بنغازي، الواقعة شرق البلاد، الخميس، لتسمية رئيس جديد للمحكمة العليا، وذلك بعد تأجيلها بسبب منع مسلّحين نواب المنطقة الغربية من السفر للمشاركة في الجلسة.

وقال صالح "المجلس الرئاسي يلمح ويهدد إذا لم يقم مجلس النواب ومجلس الدولة بإعداد القاعدة الدستورية، فإنه سيضع القاعدة الدستورية. أولا أقول عهد منح الدستور من الشعب قد ولى، الآن نحن في عهد وجود لجنة تنتخب من الشعب لوضع دستور يستفتى عليه".

واتهم صالح المجلس الرئاسي بالانحياز إلى "الحكومة منتهية الولاية (الوحدة الوطنية المؤقتة) برئاسة عبدالحميد الدبيبة، ولم يلتفت إلى قرار مجلس النواب منح الثقة لحكومة جديدة".

كما كشف صالح عن وجود "مقترح لعدد من النواب في البرلمان لإنشاء محكمة دستورية"، لافتا إلى أن "هذا المقترح سيطرح عليكم، وأرجو أن ينظر فيه في الجلسات المقبلة".

ومنذ مارس الماضي، تتصارع في ليبيا حكومتان الأولى برئاسة فتحي باشاغا وكلفها مجلس النواب بطبرق (شرق)، والثانية حكومة الوحدة الوطنية بقيادة الدبيبة الذي يرفض تسليم السلطة إلا لحكومة تُكلف من برلمان جديد منتخب.

ولحل الأزمة، تكافح ليبيا للوصول إلى انتخابات وفق مبادرة أممية تقضي بتشكيل لجنة مشتركة من مجلسي النواب بالدولة للتوافق حول قاعدة دستورية للانتخابات.

وحتى السادس من سبتمبر الجاري، لم تفلح اللجنة في التوصل إلى التفاصيل الكاملة للقاعدة الدستورية، بسبب خلاف أعضائها حول بعض البنود، منها شروط الترشح للانتخابات الرئاسية.

وجرّاء خلافات بين المؤسسات الرسمية الليبية حول قانون الانتخاب، ودور القضاء في عملية الاقتراع، تعذر إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية كانت مزمعة في الرابع والعشرين من ديسمبر الماضي، ولم يتم بعد الاتفاق على تاريخ جديد لها.

وأشار صالح خلال كلمة له إلى أن المجلس سيعكف على إعداد خطة لتوزيع دخل النفط والغاز بطريقة تحقق المساواة، واستفادة كل المواطنين، "ولا يترك الأمر لمحافظ مصرف لبيبا المركزي الصديق الكبير أو رئيس مجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط (فرحات بن قدارة) يتصرفان كما يريدان".

وتابع أن محافظ المصرف المركزي ورئيسي ديوان المحاسبة وهيئة الرقابة الإدارية لم يلتزموا بقرارات المجلس ولم يرسلوا تقارير هيئاتهم إلى المجلس، وأصبحوا يتلقون الأوامر من الحكومة "منتهية الولاية".

وناشد المجلس الأعلى للدولة أن يرد على مجلس النواب في ما يتعلق بهذه المناصب، وإحالتهم إلى التحقيق في أداء واجباتهم وإهمال المهام المناطة بهم.

ودعا عقيلة النواب إلى إعداد خطة لتوزيع الإيرادات، لعرضها على المجتمع الدولي.

وكان رئيس البرلمان الليبي قد دعا الاثنين الماضي أعضاء المجلس النيابي إلى حضور "جلسة رسمية" في مدينة بنغازي الخميس.

وقال عضو مجلس النواب صالح أفحيمة إن جلسة المجلس المعلن عن موعد انعقادها الخميس لم يحدد جدول أعمالها بعد.

وتوقع أفحيمة في تصريحات صحافية أن تكون الجلسة لاستكمال مناقشة بعض الأمور المتعلقة بالمحكمة العليا، إضافة إلى إمكانية مناقشة نتائج الزيارات التي أجراها رئيس مجلس النواب عقيلة صالح إلى دولتي تركيا وقطر.

وكان عقيلة صالح قد قام بزيارة بداية الشهر الماضي إلى أنقرة التقى خلالها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وسعى خلال الزيارة إلى كسب دعم السلطات التركية لحكومة فتحي باشاغا، لكن يبدو أنه فشل في ذلك، حيث استمر دعم أنقرة لحكومة عبدالحميد الدبيبة، وهو ما لوحظ من ردود الفعل التركية على الاشتباكات الدموية التي شهدتها طرابلس قبل فترة، والتي أوقعت العشرات من القتلى والجرحى.

ومع بداية الأسبوع الجاري، تحول رئيس مجلس النواب الليبي إلى الدوحة، حيث  التقى أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني وشكر الجهود القطرية المبذولة لدعم الاستقرار في ليبيا، بل وبالغ في الثناء على جهود الشيخ تميم.

والجلسة المنعقدة الخميس، هي محلّ خلاف كبير بين المجلس الأعلى للدولة والفاعلين بالعاصمة طرابلس من جهة، والبرلمان من جهة أخرى، بعد قرار الأخير إجراء تعديلات على قانون مجلس القضاء الأعلى وتعيين العشرات من المستشارين الجدد في المحكمة العليا، ومطالبته بتغيير الرئيس الحالي للمحكمة ونقل مقرّها من العاصمة طرابلس إلى مدينة البيضاء شرق البلاد، وهي الخطوات التي يرفضها مجلس الدولة.

وقبل أكثر من أسبوع، أفشلت مجموعة مسلّحة موالية لحكومة الدبيبة، جلسة تغيير رئيس المحكمة العليا، بعدما قامت بمنع أعضاء البرلمان بالمنطقة الغربية من السفر من مطار معيتيقة إلى مدينة بنغازي، لحضور الجلسة، وهو ما يلقي الضوء على أهمية مؤسسة المحكمة العليا في الصراع السياسي الجاري بين المعسكرات المتنافسة على السلطة.

وكان صالح قد أكد عدم اعترافه بالرئيس الحالي للمحكمة العليا محمد الحافي، في خطاب وجهه إلى رئيس المجلس الأعلى للقضاء، ومستشاري المحكمة العليا، اعتبر فيه أن قرار تعيينه من المؤتمر الوطني "غير شرعي"، مستندا في ذلك إلى قرار صادر عن البرلمان يلغي كل قرارات المؤتمر الوطني العام الصادرة بعد تولي البرلمان السلطة التشريعية.

وأشار صالح إلى قرار سابق للبرلمان بإعادة هيكلة المحكمة العليا، ومنها نقل مقرها الرسمي إلى مدينة البيضاء، شرق البلاد، مطالبا المجلس الأعلى للقضاء بضرورة تنفيذ قرار نقل مقر المحكمة.

لكن هذه المطالب أثارت حفيظة رئيس المحكمة العليا الحالي محمد الحافي، الذي رفض تنفيذ قرار البرلمان بشأن تعيين 45 مستشارا فيها، بسبب "المخالفات القانونية"، وحرصا منه على "الحفاظ على هيبة واستقلال القضاء"، كما قوبلت باعتراض رئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري، الذي خاطب كلا من المجلس الأعلى للقضاء والمحكمة العليا، مطالبا إياهما بعدم الاعتداد بخطاب صالح، خصوصا ضرورة انعقاد جلسات المحكمة العليا في مدينة البيضاء، مجدّدا التأكيد على عدم قانونية إجراء أي تعديل على المناصب السيادية من البرلمان دون الرجوع إليه.

وبدأت الخلافات بشأن المحكمة العليا في ليبيا، بعد قرار أصدرته يقضي بإعادة تفعيل الدائرة الدستورية، التي تختص في الفصل بالقضايا والطعون ذات الجانب الدستوري والقانوني، والقضايا والخلافات حول القوانين والتشريعات والقرارات التي تصدر عن السلطتين التنفيذية والتشريعية، وذلك بعد سبع سنوات من الإغلاق.