البرلمان الليبي يلمح لخارطة طريق جديدة في محاولة لعرقلة الانتخابات

عقيلة صالح ينتقد خطة المبعوث الأممي ويعتبر أن مهمته مساعدة الليبيين وليس اختيار من يحكم، فيما يواصل باتيلي تحركاته بلقاء المشير خليفة حفتر ورئيس الحكومة الموازية فتحي باشاغا لانتزاع دعم لمبادرته.
الثلاثاء 2023/03/14
عقيلة صالح: لا يحق لباتيلي تشكيل أجسام سياسية

بنغازي - كشف رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح، عن احتمال طرحه خارطة طريق جديدة في حال تعذر التوافق مع المجلس الأعلى للدولة، مشددا على أن البرلمان هو السلطة التشريعية الوحيدة في البلاد، وذلك محاولة جديدة لعرقلة الانتخابات المنتظر إجراؤها في موفى العام الجاري.

وعرقل الخلاف بين مجلسي النواب والأعلى وللدولة التوصل إلى توافق حول قوانين الانتخابات، يتعلق بشروط الترشح للرئاسة، حيث يطالب البرلمان بالسماح للجميع بالترشح وترك الخيار لليبيين، بينما يتمسك مجلس الدولة برفض ترشح العسكريين ومزدوجي الجنسية، وهو موقف موجها أساسا ضد قائد الجيش المشير خليفة حفتر الذي يملك الجنسيتين الليبية والأميركية.

وفي ظل حالة عدم التوافق التي تسيطر على المشهد السياسي في البلاد، طرح المبعوث الأممي إلى ليبيا عبدالله باتيلي قبل أسبوعين، خطة بديلة لإجراء الانتخابات، تقوم على تشكيل لجنة جديدة لإعداد الإطار الدستوري والقانوني للانتخابات، تجمع كل أصحاب المصلحة في ليبيا وتشارك فيها المؤسسات السياسية وأهم الشخصيات السياسية والقادة القبليون ومنظمات المجتمع المدني والأطراف الأمنية والنساء والشباب.

غير أن صالح، انتقد خلال ظهوره في مقابلة على "تلفزيون المسار" مساء الاثنين، هذه الخطة، قائلا إن مهمة البعثة الأممية مساعدة الليبيين وليس حاكما لليبيا ليقرر من يحكم ومن انتهت شرعيته".

 ولفت إلى أن "باتيلي ليس أكثر حرصا منا على مصالح الليبيين، ولا يحق له تشكيل أجسام سياسية". مضيفا أن "مجلس النواب مسؤول عن الأساس التشريعي للانتخابات وأؤكد أنه سيتم قبل نهاية شهر يونيو".

وتابع "إذا لم تنجز لجنة 6+6 مهامها تعتبر القوانين الانتخابية الصادرة عن مجلس النواب سارية" وهما "القانون رقم 1 بشأن انتخابات الرئيس، والقانون رقم 2 بشأن انتخاب مجلس النواب".

وأوضح أن البرلمان أصدر منذ أكثر من 3 سنوات قوانين انتخاب الرئيس وقانون الاستفتاء على الدستور وقام بما عليه بشأن الانتخابات، مؤكدا أن "المسؤولية لتنفيذ هذه القوانين تقع على عاتق السلطة التنفيذية".

وأكد أن "البيئة الأمنية آمنة، والعسكريون أدرى بشؤونهم، ولا أمانع من إجراء الانتخابات في ظل الوضع الأمني الحالي"، لكنه شدد على حاجة البلاد لتشكيل حكومة موحدة تتولى إعداد وتنظيم الانتخابات وتنفيذ قوانينها.

وأشار إلى أن "البعثة الأممية غير مهتمة بموضوع تشكيل سلطة تنفيذية جديدة، وتتغافل عن أنه لا يمكن إجراء الانتخابات في ظل وجود حكومتين في الشرق والغرب".

وكان البرلمان ومجلس الدولة صادقا على التعديل الدستوري، تمهيداً للانتخابات. كما قررا تشكيل لجنة مشتركة من 6 أعضاء لكل فريق، ستبدأ مهامها خلال الأسابيع القادمة، وتعمل على معالجة الخلافات القانونية.

ولفت عقلية صالح إلى أن "مجلس النواب سيُسمي ممثليه في لجنة 6+6 فور إرسال مجلس الدولة ممثليه، وسنمنحها شهرا لمرجعة قوانين الانتخابات".

ويرى مراقبون أن تصريحات عقيلة صالح لا تختلف عن موقف المجلس الأعلى للدولة الذي شدد في آخر تصريحاته على إجراء الانتخابات بقوانين انتخابية تراعي القوانين المنظمة للعمل السياسي والجنسية، ما يعكس عدم رغبتهما في إيجاد مخرج من المأزق السياسي المستمر، لأن الانتخابات ستبعدهما عن السلطة وامتيازاتها.

ويشير هؤلاء المراقبين أن باتيلي الذي كان قد عرض معالم مبادرته السبت الماضي، لايزال عالقا في مأزق إقناع فرقاء ليبيا وخصوصا مجلسي النواب والأعلى للدولة اللذين يمثلان حجرة عثرة في وجه الاستحقاق، فهو لم يقدم أي آلية للضغط عليهما أو أي خطة بديلة لتجاوزهما.  

وفي الوقت الذي يطالب فيه البعض المبعوث الأممي بأن يكون حازما وحاسما في التعاطي مع معارضي مبادرته، توجه باتيلي إلى الشرق الليبي وتحديدا إلى مدينة بنغازي لإقناعهم، حيث التقى قائد الجيش الليبي المشير خليفة حفتر، ورئيس الحكومة المكلفة من مجلس النواب فتحي باشاغا، ومستشار الأمن القومي الليبي إبراهيم بوشناف، وممثلي عدد من الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني.

وأعاد باتيلي التأكيد على أهداف مبادرته التي طرحها في السابع والعشرين من فبراير الماضي أمام مجلس الأمن الدولي، وخلال مؤتمر صحافي السبت الماضي في طرابلس، موضحا أن مبادرته تركز على إمكانية وضع خارطة طريق واضحة للوصول إلى الانتخابات في منتصف يونيو المقبل، لإجراء الاقتراع في نهاية 2023.

واتفق باتيلي وحفتر خلال لقائهما الاثنين على أهمية دعم جهود مجلسي النواب والدولة، لاستكمال القاعدة الدستورية المؤدية للانتخابات.

وقال البيان إن "باتيلي أطلع حفتر على الخطة الأممية في المرحلة القادمة، والتي ستقود لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية"، وأن الطرفين شددا على "أهمية دعم جهود مجلس النواب والدولة لاستكمال القاعدة الدستورية".

من جهته، قال باتيلي عبر تغريدة على تويتر "شرحت للمشير حفتر مبادرتي الرامية للجمع بين القادة الليبيين، بما في ذلك رئيسا مجلسي النواب والدولة، من أجل إيجاد مخرج من المأزق السياسي الذي طال أمده".

وذكرت التغريدة، أن حفتر أكد "دعمه المستمر لجهود باتيلي في العملية السياسية، وللعمل المهم الذي تقوم به اللجنة العسكرية المشتركة 5+5، من أجل توفير بيئة أمنية مواتية".

وقبل لقائه حفتر اجتمع باتيلي بفتحي باشاغا الذي دعا المبعوث الأممي إلى ضرورة بذل مزيد من الجهود الدولية لتسهيل التقارب بين مجلسي النواب والأعلى للدولة.

وأكد باشاغا "دعم حكومته لمسار لجنة 5+5 للحفاظ على اتفاق وقف إطلاق النار"، في إشارة إلى اللجنة العسكرية المشتركة التي تضم 5 أعضاء من الحكومة الليبية، و5 من طرف حفتر.‎‎

ويعتقد مراقبون أن استمرار باتيلي في تحركاته لانتزاع دعم لمبادرته في الداخل الليبي سيكون بمثابة حرث في البحر، فكلا المجلسين دأبا على تبادل الأدوار بينهما، كما لم يتأخرا خلال السنوات الماضية على إطلاق الوعود، لكسب الوقت بما يساعدهما على البقاء في دائرة القرار، وهو ما يميز المشهد السياسي منذ الإطاحة بنظام معمر القذافي.