البرلمان الليبي يسعى لقطع الطريق على الدبيبة بقانون لتوحيد المرتبات

قرارات الدبيبة بزيادة المرتبات خلقت فجوة بين القطاعات.
الثلاثاء 2022/11/08
القدرة الشرائية لليبيين في مهب الصراعات

تستفز قرارات رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة بزيادة المرتبات لعدد من القطاعات البرلمان، الذي يستشعر تراجع شعبيته، وهو ما دفعه الاثنين إلى عقد جلسة لمناقشة قانون زيادة المرتبات.

بنغازي - ناقش البرلمان الليبي الاثنين قانون توحيد المرتبات، في خطوة قال مراقبون إنها تهدف إلى قطع الطريق على رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة، الذي أثار قراره بزيادة مرتبات المدرسين والعاملين في قطاع النفط جدلا واسعا، حيث أدى القرار إلى إحداث فجوة مرتبات في البلاد.

وتباينت آراء النواب بشأن رفع الحد الأدنى للرواتب، حيث قال عضو لجنة المالية محمد بشير الفيرس “زيادة المرتبات تتوقف على دخل الدولة، وكما نعلم جميعا الدخل الليبي يعتمد أساسا على النفط الذي ننتج منه حاليا نحو 1.2 مليون برميل يوميا، وإذا وصل 1.5 مليون أو 1.6 مليون برميل يوميا يمكن أن تتحسن الأمور”.

واستدرك “السعر فوق 90 دولارا للبرميل حاليا، يمكن رفع الحد الأدنى، لكن لا نستطيع التحكم في الظروف التي دفعت أسعار النفط إلى الارتفاع”. وأشار الفيرس إلى أن “اللجنة حددت طريقة الأداء وجاهزة لمناقشتها مع اللجنة التشريعية”، لافتا إلى أن “الجداول جاهزة بخصوص اقتراح الحد الأدنى”.

ورأى النائب عن الدائرة الفرعية جنزور أيمن سيف النصر أنه “لا تجب مناقشة المسائل المالية بمعزل عن السياسات الاقتصادية”، وقال “توحيد المرتبات يحقق العدالة الاجتماعية، وحد أدنى يمكّن الفئات الهشة من تلبية احتياجاتهم الضرورية”، لكنه دعا إلى “تنويع مصادر العمل بمنح القطاع الخاص فرص إقامة مشاريع، بدلا من أن يبقى القطاع العام أداة التوظيف الوحيدة”.

من المتوقع أن يعلن رئيس الحكومة الليبية خلال الفترة القادمة رفع مرتبات الموظفين العاملين في وزارة الداخلية

 وتابع سيف النصر “المعوقات الإدارية تصعّب تأسيس المشاريع الخاصة، لذلك السياسة الاقتصادية مهمة جدا لمواجهة مشكلة تدني الدخول”.

وفي المقابل، رد عدد من النواب بأن تحديد 1000 دينار (200 دولار)  كحد أدنى للرواتب جاء عبر تصويت، ويجب التعامل معه.

وقال النائب عن الدائرة الفرعية قمينس إبراهيم الزغيد “صوتنا على مقترح ألف دينار كحد أدنى للمرتبات، وعليه يجب المضي في مناقشة الجداول التي وضعتها اللجنة المالية”. وأضاف “صحيح أن دخل ليبيا دخل ريعي من النفط، وهو دخل كبير، ويكفي أن أخبركم وأنا مسؤول عن هذا الرقم بأن حكومة الدبيبة صرفت 170 مليار دينار (34 مليار دولار)  من دون موازنة.. واضح إذن عندنا دخل”.

وبالإضافة إلى الأزمات السياسية والصراع المسلح، يعاني الليبيون أزمة غلاء المعيشة التي بدأت في ضوء تذبذب أسعار الدولار في السوق السوداء خلال السنوات الماضية من الاقتتال، وهو ما انتهى بقرار توحيد سعر صرف الدولار رسميا بحوالي 4.5 دينار العام الماضي، ليتجاوز في أكتوبر 5 دنانير.

ويتذمر عدد كبير من الليبيين من قيمة المرتبات التي تم تحديدها عقب سقوط نظام العقيد الراحل معمر القذافي في 2012، عندما كان سعر الدولار يساوي حوالي 1.5  دينار ليبي.

وفي سبتمبر من العام الماضي، أعلن الدبيبة قرار رفع مرتبات المعلمين الذين يمثلون القطاع الأكبر من حيث عدد الموظفين، وهو ما اعتبره خصومه يندرج في سياق حملة انتخابية مبكرة.

وفجّر قرار زيادة مرتبات المعلمين غضبا لدى قطاعات أخرى، أبرزها قطاع النفط، حيث هدد العاملون في الحقول النفطية بالاعتصام ووقف الإنتاج، ما دفع الدبيبة إلى الاستجابة لضغوطهم.

قرار زيادة مرتبات المعلمين فجّر غضبا لدى قطاعات أخرى، أبرزها قطاع النفط

وأصدر رئيس حكومة الوحدة الوطنية قرارا في سبتمبر يفيد بأن تكون زيادة العاملين بقطاع النفط بنسبة 67 في المئة، كما أصدر قرارا بمضاعفة مرتبات المتقاعدين من 450 دينارا (90 دولارا) إلى 900 دينار (180 دولارا).

وساهمت الزيادات التي أقرها الدبيبة في خلق فجوة مرتبات باتت تعاني منها البلاد، حيث يشعر الموظفون في أغلب القطاعات الأخرى بالحيف والتهميش.

ويتوقع مراقبون أن يعلن الدبيبة خلال الفترة القادمة رفع مرتبات الموظفين العاملين في وزارة الداخلية، وهو القرار الذي يبدو أنه قد تأجل بسبب إقالة وزير الداخلية السابق خالد مازن.

وفي يونيو الماضي، ناقش الدبيبة مع خالد مازن رفع مرتبات موظفي وزارة الداخلية، حيث وضح مازن للدبيبة مسار الإجراءات المتعلقة بمطابقة بيانات العاملين بوزارة الداخلية مع وزارة المالية.

وتستفز قرارات الدبيبة بزيادة المرتبات خصومه، وفي مقدمتهم البرلمان، الذين ينظرون إلى تلك القرارات على أنها أداة يستخدمها لإسكات الشارع على انتهاء شرعية حكومته، واستمالة الناخبين في صورة ما تم إجراء انتخابات.

ويستشعر مجلس النواب الليبي خسارة شعبيته، وهو الأمر الذي أكدته المبعوثة الأممية السابقة إلى ليبيا ستيفاني ويليامز مؤخرا.

وقالت ويليامز إن تدني شعبية أعضاء مجلسي النواب والأعلى للدولة وتدني الاحترام لهم من قبل معظم الليبيين، يدفعانهم إلى رفض الانتخابات، خاصة أنه من غير المحتمل إعادة انتخابهم.

وأشارت إلى أن “أعضاء المجلسين التشريعيين (البائدين) لا يرغبون في إنتاج انتخابات من شأنها أن تحرمهم على الأرجح من مقاعدهم، والحصول على رواتب مجزية ومزايا وثمار المحسوبية”، حسبما ورد في مقال لها نشره معهد “بروكينغز” الأميركي للدراسات.

4