البرلمان الليبي يرفض انتقادات ويليامز بعد 8 سنوات من الفشل

عقيلة صالح وخالد المشري يصلان إلى القاهرة في زيارة غير معلنة في محاولة لإنقاذ البرلمان.
الاثنين 2022/08/15
البرلمان تعرض لانتقادات داخلية وخارجية

طرابلس – يرفض نواب البرلمان الليبي الانتقادات الموجهة إليهم بتكريس الانقسام والفشل في توحيد مؤسسات الدولة على ضوء تزايد الضغوط عليهم من نشطاء وسياسيين في مقدمتهم رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة لإخراجهم من المشهد عن طريق الانتخابات.

وبعد جلسات متتالية من المفاوضات المباشرة بحضور المستشارة الأممية السابقة ستيفاني ويليامز للاتفاق على قاعدة دستورية تجرى على أساسها الانتخابات، يحاول رئيس البرلمان عقيلة صالح وبعض النواب المؤيدين له إقناع مجلس الدولة برئاسة خالد المشري بدعم حكومة فتحي باشاغا المدعومة من قبل البرلمان، وهو ما يعني بقاء مجلسي النواب والدولة في المشهد لسنوات إضافية.

وانتخب البرلمان الليبي سنة 2014 لسنة واحدة ومدد بعد ذلك لنفسه عدة مرات، وفي حين يدعم إجراء الانتخابات ظاهريا إلا أنه لا يلحق ذلك بخطوات فعلية، حيث يصر على إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية معا.

ويدور الجدل أساسا بشأن القاعدة الدستورية لشروط الترشح للرئاسة في حين لا توجد خلافات على الترشح للانتخابات التشريعية.

رئيس البرلمان عقيلة صالح يسعى لإقناع مجلس الدولة برئاسة خالد المشري بدعم حكومة باشاغا المؤيد من مجلس النواب

ويصر مجلس النواب على تمكين حكومة باشاغا من الحكم، فيما يرفض الدبيبة تسليم السلطة إلا بعد إجراء الانتخابات، بينما يفضل مجلس الدولة تأجيل البت في مسألة السلطة التنفيذية إلا بعد التوافق التام على قاعدة وقوانين الانتخابات.

وعبّر رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب الليبي يوسف العقوري عن أسفه من تصريحات ويليامز التي وجهت نقدا لاذعا للطبقة السياسية في ليبيا دون استثناء.

وانتقد العقوري ويليامز بسبب تلك التصريحات التي اعتبرها تعميما غير واقعي وتتغافل عن نجاحات البعض، فيما تأتي هذه التطورات بعد 8 سنوات من انتخاب أعضاء البرلمان الليبي والذي تتهمه بعض القوى السياسية بالفشل في كبح حالة الانقسام، ويرى أنه هو في حد ذاته جزء من الأزمة وأنه ساهم بشكل أو بآخر في تعميق الانقسام الداخلي والذي وصل إلى حد استخدام العنف خاصة في العاصمة طرابلس.

ونقل المتحدث باسم مجلس النواب عبدالله بليحق على صفحته بفيسبوك تصريحا للعقوري أوضح فيه أن “ويليامز عممت أحكامها على الطبقة السياسية في ليبيا، وأغفلت مجهودات البعض الصادقة للتوصل إلى تسوية تعيد الاستقرار للبلاد”، وأن ما صدر عنها “يفتقر إلى الموضوعية وتفهم الظروف الصعبة التي يعمل فيها السياسيون الليبيون، وحملات الكراهية ضدهم”.

وقال العقوري “كان يجب على ويليامز الحديث بصراحة للشعب الليبي عن عمل البعثة التي ارتكبت خطأ كارثيا ولم تتابع بجدية الاتهامات برشوة أعضاء من لجنة الحوار الوطني، وهو ما أنتج حكومة السيد الدبيبة التي تعتبر الحكومة الأكثر فسادا، وستعاني الأجيال القادمة نتيجة سياستها الاقتصادية غير المسؤولة، كذلك لم تتحدث ويليامز عن أداء حكومة الوحدة الوطنية التي كانت لها فرصة كبيرة للنجاح في ملفات مهمة مثل توحيد المؤسسات الحكومية المنقسمة، والإصلاح الاقتصادي، والمصالحة، والتحول إلى اللامركزية”.

كما أوضح رئيس لجنة الشؤون الخارجية بأن ويليامز “لم تكن حريصة في إحاطاتها لمجلس الأمن على توضيح حقيقة العمل على ملفات مهمة لاستقرار البلاد، مثل توحيد المؤسسات السيادية والمصالحة، والتحول إلى اللامركزية، كما أنها لم تكن قريبة من الجميع ولم تحرص على احترام الديمقراطية الناشئة في ليبيا حيث كان موقف البعثة ضعيفاً في دعم الحكومة الليبية برئاسة فتحي باشاغا والتي جاءت وفقا لآليات ديمقراطية لتحقق التوافق الوطني وتمثل جميع الأطراف السياسية الليبية في حكومة واحدة”.

وختم العقوري تصريحه بالقول “في الوقت الذي نقدر فيه مجهودات المبعوثة السابقة التي حققت بعض النجاح وأبرزها الملف الاقتصادي ووقف إطلاق النار إبان عملها مع المبعوث الأسبق غسان سلامة، بالإضافة إلى دعم الحوار بخصوص المسار الدستوري، إلا أن ويليامز أيضا ضيعت فرصاً كبيرة لدعم مجهودات القادة السياسيين في ليبيا لإنهاء الانقسام، وتجاهلت العديد من الجهود الصادقة لإعادة السلام والاستقرار للبلاد”.

ويبدو أن تصريح العقوري رفض غير مباشر للانتخابات وللتغيير وتشبث بالسلطة في ظل أزمة خانقة تعصف بليبيا والتي وصلت إلى حد الاقتتال بعد تعمق حالة الانقسام، فيما يعيش الشعب الليبي على وقع أزمة مالية واقتصادية إضافة إلى أزمة خدمات خاصة في مجال الكهرباء.

ويرى شق من الليبيين أن البرلمان سعى لمواجهة حالة الانقسام وذلك بدعم الحوار والدفع نحو المصالحة الوطنية بعيدا عن لغة السلاح، بينما يقول شق آخر إن المؤسسة التشريعية لم تقم بواجبها بشكل جيد وعمقت حالة الخلاف بدعم طرف ضد آخر في إطار الصراع حول النفوذ والحكم ومن أجل الإبقاء على الامتيازات، وهو ما أشارت إليه ويليامز.

وكان مقر البرلمان في طبرق تعرض للحرق الشهر الماضي بعد أن اقتحمه متظاهرون غاضبون من تدهور الوضع الاقتصادي في رسالة شديدة اللهجة إلى المجلس.

وفي محاولة لإنقاذ البرلمان والإبقاء على الوضع القائم أفادت وسائل إعلام محلية ليبية بوصول عقيلة صالح وخالد المشري إلى القاهرة الأحد في زيارة غير معلنة.

ومن المتوقع أن يبحث الطرفان البدائل الممكنة بشأن الصراع بين حكومة الوحدة الوطنية والحكومة المكلفة من مجلس النواب قصد إيجاد صيغة توافقية للحل، بالإضافة إلى بحث مستجدات الوضع السياسي في البلاد.

ووفق بعض وسائل الإعلام، اتفق الطرفان على إعادة تنشيط المسار الدستوري المتوقف منذ أكثر من شهر بعد عدم تفاهم اللجنة الدستورية المشتركة بين المجلسين على كل نصوص القاعدة الدستورية المنظمة للانتخابات، كما فشل عقيلة والمشري في ذات الشأن.

وكان الخلاف قد تمحور حول شروط الترشح لمنصب رئيس الدولة، وخاصة المتعلق منها بحمل جنسية دولة أخرى، بالإضافة إلى ترشح العسكريين دون تقديم استقالتهم من القوات المسلحة.

ويليامز اعتبرت أن كل الأجسام القائمة الآن "فقدت مصداقيتها وشرعيتها ووجب تغييرها فورا"

وعقدت مباحثات اللجنة الدستورية وكذلك اجتماعات عقيلة والمشري باستضافة مصرية ورعاية بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا دون أن تسفر عن اتفاق كامل، وبعد ذلك فشلت جهود رعتها تركيا قبل نحو أسبوع في الوصول إلى حل توافقي بين الطرفين.

وكانت وسائل إعلام محلية تناقلت جانبا من حديث لويليامز مع المحلل السياسي الليبي مصطفى الفيتوري قالت خلاله إن “قادة ليبيا يرحبون بالتدخل الخارجي، ويحبون أن يسافروا، وأن يتم استقبالهم بالبساط الأحمر”.

ووفق الحديث الذي نشره الفيتوري مطبوعا على صفحته بفيسبوك، فقد “أقرت ويليامز بأن الفشل الحقيقي هو فشل ليبي بامتياز ويخص النخبة السياسية”، متهمة هذه النخب بأنها “لا تريد الانتخابات”، وأرجعت ذلك إلى سبب رئيسي واحد هو أنها “ستخسر امتيازاتها”.

واعتبرت ويليامز أن كل الأجسام القائمة الآن “فقدت مصداقيتها وشرعيتها ووجب تغييرها فورا”، وأبدت أملها في أن “يتمكن مجلس الأمن في اجتماعه يوم الرابع والعشرين أغسطس من تعيين مبعوث جديد إلى ليبيا”.

وألقت ويليامز باللوم أيضا على التدخل الخارجي في ليبيا، إلا أنها أشارت إلى أن “النخبة المتزعمة للمشهد هي من فتحت له الباب ومازالت ترحب به”.

وفيما يبدو أنها إشارة إلى متصدري المشهد السياسي، أضافت ويليامز “توافه السياسة لدينا مبسوطون لأنهم يتمتعون بالسفر ويصدقون أنهم رجال دولة يُفرش لهم البساط الأحمر. إنه أمر تافه ويبعث على الغثيان والمرارة وحتى القرف. لقد كنت دائما أعتقد أنهم تافهون ويمكن رشوتهم بتذكرة سفر وليلة في فندق درجة أولى وحتى وجبة معتبرة (…) جياع بلا شك!”.

4