البرلمان الليبي يحذر من التدخلات الأميركية في المسار الاقتصادي

طرابلس - اتهم النائب الأول لرئيس مجلس النواب الليبي فوزي النويري الأربعاء السفارة الأميركية لدى ليبيا باستمرار تدخلاتها في الشأن الاقتصادي الليبي، وتقويض توحيد المصرف المركزي الليبي، ومحاولة تدوير أزمة المسار الاقتصادي في البلاد، داعيا بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا للحد من مثل هذه التدخلات.
ويعد هذا ثاني اتهام يوجهه مجلس النواب الليبي لواشنطن، إذ سبق أن دعا النويري في 10 أكتوبر الماضي، محافظ المصرف المركزي ناجي عيسى ونائبه مرعي البرعصي إلى "إبقاء المصرف المركزي بعيدًا عن تأثير السفارات"، مطالبا إدارة المصرف "بالتركيز على أداء مهامهما عوضا عن عقد اللقاءات مع السفراء، والالتزام بطبيعة مهامهما على رأس المصرف المركزي كونه مؤسسة سيادية وليست سياسية".
وقال النويري في بيان نشره مجلس النواب بموقعه الإلكتروني الأربعاء إن "بعض اللقاءات والآراء التي تروجها السفارة الأميركية تتعارض مع القوانين المالية السارية في ليبيا، مما يفرض واقعا مخالفا للقانون المحلي".
وشدد على أن "هذه التدخلات تهدف إلى تقويض نجاح مصرف ليبيا المركزي بعد توحيده وتشكيل مجلس إدارته الأمر الذي يمكن أن يعرقل سير عمل المصرف ويزيد من تعقيد المشهد السياسي والاقتصادي".
وحذر النويري من أن استمرار هذه الأنشطة قد يجعل المصرف المركزي طرفا في المعادلة السياسية، ما يهدد استقرار الحوكمة في المصرف ويقوض شرعية إدارته، داعيا إلى ضرورة عدم تسييس عمل المؤسسات المالية الوطنية.
وطالب النويري بعثة الأمم المتحدة للدعم والمساعدة في ليبيا بأخذ دورها في الحد من هذه التدخلات التي اعتبرها "مخالفة للقانون"، داعيا البعثة إلى توضيح موقفها أمام الشعب الليبي حول من هو المسؤول عن تقديم الدعم والمساعدة، هل هي البعثة الأممية نفسها أم سفراء الدول الممثلين لدى ليبيا.
وتأتي تصريحات النويري بالتزامن مع أنباء عن حوار اقتصادي برعاية السفارة الأميركية، بحضور ممثلين عن حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة برئاسة عبدالحميد الدبيبة والحكومة المكلفة من مجلس النواب برئاسة أسامة حماد، والمصرف المركزي وديوان المحاسبة، على غرار الحوار الذي عقد في أكتوبر الماضي.
وبينما لم يصدر أي بيان رسمي بشأن الحوار الاقتصادي، ذكرت صحيفة "فواصل" الليبية أن جلسة حوار مرتقبة بين مجلس إدارة مصرف ليبيا المركزي مع وزارة الخزانة الأميركية لبحث خطة عمل ميزانية العام المقبل 2025 والرقابة، وذلك عقب اجتماع المجموعة المصغرة للحوار الاقتصادي الأميركي – الليبي برعاية من السفارة الأميركية لدى ليبيا ووزارة المالية الأميركية الشهر الماضي في تونس.
وأثار الاجتماع الذي نظمته وزارة الخزانة الأميركية في تونس بخصوص مستقبل المصرف المركزي الليبي الجديد جدلا واسعا، وتساؤلات عن دلالة الخطوة وإمكانية تحولها إلى وصاية دولية على المصرف والميزانية في ليبيا.
وكان اجتماع المجموعة المصغرة للحوار الاقتصادي الأميركي – الليبي قد ناقش في أكتوبر الماضي بالعاصمة التونسية، استقلالية المصرف المركزي، وعدم التدخل في قراراته وتخفيض ضريبة النقد الأجنبي، إضافة إلى ملف الميزانية الموحدة، وكيفية تعامل المركزي مع الحكومتين.
وقبل الاجتماع المرتقب، عقد الدبيبة الثلاثاء، اجتماعا مع محافظ المصرف ناجي عيسى بمقر البنك في العاصمة طرابلس، فيما التقى رئيس الحكومة المحكمة، أسامة حماد، مع نائب المحافظ مرعي البرعصي، بمقر المصرف في بنغازي.
وشدد الدبيبة خلال لقاءه الأول مع ناجي عيسى، بعد تعيينه محافظا جديدا للمصرف المركزي، على رفع مستوى التنسيق بين المصرف المركزي ووزارة الاقتصاد والتجارة، فيما يتعلق بالميزانية الاستيرادية، وضبطها وفق احتياجات السوق المحلية، بالإضافة إلى استمرار التنسيق مع وزارة المالية، لضبط وتنظيم الإنفاق الحكومي في كل أبوابه.
وحسب بيان المصرف المركزي، فقد تم الاتفاق على أهمية الاستمرار في الشفافية والإفصاح، وتنفيذ كل الإجراءات الحكومية بمعايير عالية من الشفافية.
وبالتزامن مع لقاء الدبيبة مع ناجي عيسى، عقد حماد اجتماعا موسعا مع البرعصي، وبحث الطرفان بحضور رئيس لجنة التخطيط والمالية بمجلس النواب، عمر تنتوش، قانون الميزانية العامة للعام 2024، إضافة إلى العواقب القانونية المترتبة على إصرار إدارة المصرف المركزي على الصرف بناءً على القرار رقم 828، امتناعا عن تنفيذ حكم محكمة الاستئناف. وفق بيان نشرته صفحة حكومة حماد على فيسبوك.
كما تم خلال الاجتماع، إعطاء الإذن بصرف مرتبات العاملين بالقطاع العام وعدم السماح بتأخيرها لأي سبب كان لما في ذلك من تأثير في حياة المواطنين، بالإضافة إلى التشاور والتباحث حول بعض المقترحات المتعلقة ببنود الميزانية العامة للعام 2025.
وتناول الاجتماع الجهود لتعزيز حوكمة المصرف المركزي بما في ذلك المستجدات حول تعيين مجلس إدارة مصرف ليبيا المركزي، والخيارات حول طرف ثالث لمراقبة التحويلات وإدماج مستشارين دوليين في المصرف المركزي لاسترجاع الثقة الدولية.