البرلمان الليبي يتوقع تشكيل حكومة جديدة خلال شهر رمضان

بنغازي (ليبيا) - قال رئيس البرلمان الليبي، عقيلة صالح، إنه من المحتمل التوصل إلى تشكيل حكومة جديدة موحدة خلال شهر رمضان، وذلك رغم صعوبة هذه المهمة، في ظلّ معارضة أطراف سياسية وعسكرية لهذا المقترح وعلى رأسها رئيس حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها عبدالحميد الدبيبة، الذي يتمسك بالبقاء في منصبه إلى حين إجراء انتخابات.
وقال صالح في حوار تلفزيوني مع قناة "ليبيا المستقبل"، مساء الجمعة، إن الأمور أصبحت جاهزة لتشكيل حكومة موحدة لمدة محددة، بعد اقتناع الأطراف الدولية بضرورة وجود حكومة جديدة وواحدة تقود إلى الانتخابات وتشرف عليها، مؤكدا أنّ أول خطوة للذهاب إلى الانتخابات هي توحيد الحكومة، لأنّ المفوضية الوطنية العليا للانتخابات لن تكون قادرة على إدارة العملية الانتخابية تحت إدارة حكومتين.
وكانت واشنطن قد أبدت انفتاحا على تشكيل حكومة جديدة في ليبيا، حيث أكدّ المبعوث الخاص للولايات المتحدة إلى ليبيا السفير ريتشارد نورلاند خلال اجتماعه مع الدبيبة، مطلع الأسبوع الجاري، أهمية تشكيل حكومة تصريف أعمال بمشاركة جميع الفاعلين الليبيين في العملية السياسية التي ترعاها بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، لإزاحة ما تبقى من عوائق أمام الانتخابات.
وبخصوص موقف الدبيبة الذي يرفض تسليم السلطة، قال عقيلة صالح إن الدبيبة أصبح طرفا في الخصومة السياسية ولا يمكن أن تشرف حكومته على الانتخابات، مشيرا إلى أنّه إذا أراد الترشح إلى رئاسة الوزراء أو رئاسة الدولة، يجب أن يترك منصبه.
ويرفض الدبيبة ومن ورائه الأطراف العسكرية والسياسية الداعمة له في العاصمة طرابلس، تشكيل حكومة جديدة، متهما الأطراف المؤيدة لهذه الفكرة بالسعي للبقاء في السلطة وتمديد الفترات الانتقالية، لكن يصعب التكهن بشأن مدى قدرته على مقاومة المطالب المتزايدة التي تدعوه للرحيل وتدعم فكرة تغيير حكومته.
وفي المقابلة التلفزيونية، قال عقيلة صالح أن الشعب الليبي يطالب بإجراء الانتخابات، معتبرا أن هذا هو الحل حتى تتوحد السلطة التنفيذية والتشريعية، لافتا إلى أن القوانين الانتخابية الصادرة عن لجنة "6+6" عادلة، ولم تُقص أحدا، وصُنعت من أجل الجميع، ولا أحد سيتضرر منها، وكانت مقبولة من كل الأطراف المحلية والدولية.
وأكد رئيس البرلمان أن القوانين توضح آلية تشكيل الحكومة الجديدة عن طريق الحصول على التزكيات من مجلسي النواب والدولة، مضيفا أنه تم تبليغ مجلس الدولة بكل هذه الأمور.
وأشار إلى أنه إذا لم يتم الإسراع بإجراء الانتخابات، فسيكون هناك خطر على وحدة البلاد، مشددا على أن تشكيل الحكومة أول خطوة للانتخابات، لأنها من ستتعاون مع المفوضية، وتجهز المال اللازم للانتخابات، وتُساعدها على تنفيذ العملية الانتخابية.
وأكد صالح تمسك مجلس النواب بإجراء الانتخابات، بعد تشكيل الحكومة، لأنها حل الأزمة الليبية، لافتا إلى أن تأتي به الانتخابات سيكون هو رئيس ليبيا، مضيفا أن رئيس المفوضية العليا للانتخابات، جاهز لإجراء الانتخابات ولكنه يريد حكومة موحدة.
واتهم صالح بعض الدول –دون أن يسمها- بعرقلة الانتخابات وبقاء الأمر على ما هو عليه، موضحا أن بعض الشخصيات مستفيدة من هذا الانقسام، بعد أن تحصلوا على امتيازات أو وضع معين، ويرون أن تغيير الأوضاع سيفقدهم هذه الامتيازات التي تحصلوا عليها.
وأكد رئيس البرلمان الليبي أن المبعوث الأممي عبدالله باتيلي مُتفهم أن القوانين الانتخابية صحيحة ومقبولة، ومقتنع بتشكيل الحكومة، لكن الحوار حاليًا حول كيفية تشكيلها.
وفيما يخص مبادرة باتيلي لاجتماع خماسي للقادة الليبيين، أوضح عقيلة صالح "ليس لدي مانع من الحوار مع الجميع، لكن عبدالحميد الدبيبة لا صفة له بالنسبة لنا، فأنا كرئيس مجلس للنواب لا يصح أن أجلس مع شخص سحبت منه الثقة باعتباره رئيسا للوزراء، كذلك نرى أنه بحضور المنفي فلا لزوم لحضور الدبيبة باعتبار المنفي هو رئيس السلطة التنفيذية".
وأردف "قلنا لباتيلي إذا كان ضروري حضور الحكومات فلا بد أن يحضر رئيس الحكومة المكلف من مجلس النواب، الحكومة الشرعية، ونستمع إلى أراء الجميع".
وشدد على أن هذه المبادرة ليس إلا تعطيل للمسيرة، لأنه لا يمكن تعديل الإعلان الدستوري ولا تعديل القوانين، متسائلا ما الفائدة من الاجتماع؟، لافتا إلى أنه أبلغ باتيلي أن السبب الوحيد للاجتماع هو أخذ تعهدات من الأطراف بأن تلتزم بالتعامل مع أي حكومة سيتم تشكيلها، وأن نعترف بمخرجات الانتخابات.
وتساءل رئيس البرلمان الليبي عن جدول اجتماع الطاولة الخماسية التي يدعو لها باتيلي، مشيرا إلى أن باتيلي ليس عنده الجواب، مشددا على رفضه أي مناقشات تعيد ليبيا خطوات للخلف بمراجعة القوانين، أو ما إلى ذلك من أمور.
ويأتي هذا التوجه لتشكيل حكومة وحدة ليبية جديدة، بعد تهديد مجلس الأمن الدولي بفرض عقوبات على كل مَن يعرقل إجراء انتخابات طال انتظارها في ليبيا، مطالبا جميع الأطراف بالمشاركة في المسار السياسي دون شروط.
وكان مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا عبدالله باتيلي تحدث في إحاطته الأخيرة أمام مجلس الأمن، عن التنازع الحاصل بين حكومتي الدبيبة وحماد، واعتبر أنه "ليست هنالك أيّ مؤسسة تتمتع بالشرعية في ليبيا"، مشيرا إلى أن الحل الوحيد لتحقيق الأمن والازدهار لليبيا هو"تشكيل حكومة جديدة موحدة. ليست حكومة غرب أو شرق، وإنما حكومة لكل الليبيين".
وحث باتيلي خلال إحاطته بمجلس الأمن جميع الأطراف المؤسسية للمشاركة في الحوار "دون شروط مسبقة".
وشدد المبعوث الأممي على أنه "من غير الممكن إحراز تقدم في إجراء انتخابات وطنية ذات مصداقية دون التوصل إلى تسوية سياسية بين الأطراف المؤسسية الرئيسية".
وفي تغير مفاجئ لموقفه من حليفه عبدالحميد الدبيبة بسبب الخلاف حول الإنفاق العام، طلب محافظ المصرف المركزي الصديق الكبير في خطاب وجهه، الثلاثاء، إلى البرلمان، إقرار حكومة موحدة جديدة من أجل توحيد وترشيد الإنفاق العام، لتحقيق الاستقرار المالي للدولة الليبية، خاصة في ظل الصعوبات التي تواجه المصرف في توفير احتياجات السوق المحلي من النقد الأجنبي بسبب تزايد حجم الإنفاق العام ووجود إنفاق مواز مجهول المصدر.
ويلتقي هذا الاتجاه مع المحاولات التي يقودها أعضاء من المجلس الأعلى للدولة والبرلمان لإزاحة حكومة الدبيبة، حيث طالبوا خلال اجتماع بتونس قبل أسبوع، بتشكيل حكومة وطنية جديدة تعمل على إنجاز الاستحقاق الانتخابي، داعين إلى اختيار رئيس الحكومة الجديدة من خلال آلية شفافة ونزيهة، تؤسس على خارطة الطريق المعتمدة بالتوافق بين المجلسين ورعاية البعثة الأممية.
ويأتي هذا في وقت بات فيه الدبيبة محاصرا بالاستياء الشعبي الداخلي خاصة في مناطق غرب ليبيا، بسبب سياسات الحكومة ومواقفها وتعاملها تجاه الحالة الأمنية والمالية بالبلاد وكذلك مصروفاتها الزائدة، حيث ظهرت دعوات في مدن مصراتة والزنتان والزاوية وبني وليد، تتهم الدبيبة بعرقلة الحل السياسي بسبب التمسك بالسلطة، وتطالب بتشكيل حكومة موحدة قادرة على توحيد مؤسسات الدولة وبسط سيطرتها على كامل ليبيا، وتجديد الشرعية عبر انتخابات رئاسية ونيابية حرة ونزيهة.
وبينما تزداد الضغوط على الدبيبة للتنحي من السلطة وفسح المجال لتشكيل حكومة جديدة، يرفض الأخير مغادرة الكرسي قبل إجراء انتخابات في بلاده أو قبول أي مفاوضات بهذا الشأن.
ويعد تشكيل حكومة جديدة في ليبيا، قضية خلافية إلى حد كبير، حيث يوجد انقسام بين من يريد التعجيل بالانتخابات لإنهاء المراحل الانتقالية، ومن يدعو إلى تشكيل حكومة موحدة لتهيئة الأرضية اللازمة للانتخابات.
وتطمح البعثة الأممية إلى إنهاء هذا الخلاف عبر جمع القادة الرئيسيين بالبلاد في اجتماع موحد، لكنها تواجه صعوبات في جمعهم بسبب الشروط المسبقة التي فرضتها هذه الأطراف للمشاركة في المفاوضات.