البرلمان العراقي يسعى مجددا لتمرير ثلاثة قوانين جدلية بسلة واحدة

محاولة لتمرير قانون الأحوال الشخصية وإعادة العقارات إلى أصحابها والتعديل الثاني لقانون العفو العام وسط انتقادات برلمانية، تؤكد أن الخطوة تعزز مصالح سياسية معينة.
السبت 2024/11/30
جلسة متخمة بالخلافات

بغداد - لا تزال المداولات بشأن القوانين الجدلية عالقة في متاهة الخلافات السياسية، حيث تبدو مهمة تقريب وجهات النظر بين الكتل وكأنها تحد بالغ التعقيد، رغم تمديد الفصل التشريعي للبرلمان لمدة شهر واحد.

ووضع مجلس النواب العراقي اليوم السبت، حزمة قوانين "جدلية" للتصويت عليها في سلة واحدة خلال جلسته المقررة غدا الأحد، أهمها قانون العفو العام وتعديلات قانون الأحوال الشخصية، الأمر الذي يواجه انتقادات شديدة، بسبب "المساومات الطائفية" التي تخدم الكتل السياسية واستقطاباتها، بحسب مراقبين.

ونشرت الدائرة الإعلامية لمجلس النواب، جدول أعمال جلسة الأحد وتضمن 5 فقرات بينها قانون الأحوال الشخصية وإعادة العقارات الى أصحابها والتعديل الثاني لقانون العفو العام.

كما تضمن جدول أعمال البرلمان لجلسة الأحد، مناقشة قراءة ثانية مشروعي قانون التعديل الخامس لقانون الطيران المدني رقم 148 لسنة 1974، وقانون التعديل الأول لقانون المدن الصناعية رقم 2 لسنة 2019.

ومن المقرر أن تبدأ الجلسة النيابية عند الساعة الواحدة بعد الظهر بالتوقيت المحلي (10:00 ت غ).

وموضوع تمرير القوانين الجدلية والخلافية بنظام ما يعرف بـ"السلة الواحدة" ليس جديدا على البرلمان العراقي، وهو إجراء يتم اللجوء إليه في حال وصول الخلافات بشأن قانون معين الى طريق مسدود، وبشكل يعزز مصلحة الكتل السياسية واستقطاباتها الطائفية والفئوية والجهوية.

وتصاعد الجدل خلال الفترة الماضية، داخل الأوساط النيابية حول تمرير أربعة قوانين جدلية وهي مشروع قانون اعادة العقارات المشمولة ببعض قرارات مجلس قيادة الثورة، وتعديل قانون الأحوال الشخصية، والتعديل الثاني لقانون العفو العام، وقانون الخدمة والتقاعد لمجاهدي هيئة الحشد الشعبي، حيث أثار ربط القوانين وفق مبدأ السلة الواحدة انتقادات برلمانية واسعة، مؤكدين أن ذلك يعزز مصالح سياسية معينة.

وصوت البرلمان العراقي في 26 نوفمبر الجاري، على تمديد فصله التشريعي لمدة شهر واحد، وذلك إثر دعوة مسبقة من ائتلاف "إدارة الدولة"، أكد فيه على أهمية تمديد الفصل التشريعي الثاني لمجلس النواب، نظرا لظروف المرحلة والتحديات التي يمر بها العراق، وكذلك التأكيد على دعم خطوة تعديل إحدى مواد الموازنة العامة الاتحادية الخاصة بالنفط، إلا أن البرلمان لم يعقد أي جلسة منذ ذلك الحين.

وتعوّل أحزاب "الإطار التنسيقي" الشيعي على أغلبيتها البرلمانية في إقرار تلك التعديلات المقترحة على قانون الأحوال الشخصية الذي يحظى بدعم مرجعيات دينية في النجف، وتأمين مساندة الكتل السنية التي تطالب في المقابل بإصدار قانون العفو العام عن آلاف السجناء ضمن ما توصف بأنها صفقة سياسية لتمرير القانونين معا، فيما تصر الأكراد على تمرير قانون إعادة العقارات إسوة بالآخرين.

وشخّص عضو مجلس النواب عن كتلة الصادقون محمد البلداوي، في تصريح لموقع "المعلومة" العراقي في 14 نوفمبر الجاري، إشكاليتين وراء تعليق جلسات البرلمان الأولى تتعلق بمحاولة حل المشكلة التي حدثت في الجلسات الماضية بعد اعتداء حماية النائب الثاني على النائب هيبت الحلبوسي، التي لازالت تشكل عقبة أمام رئاسة المجلس لتحديد جلسة جديدة ، أما الإشكالية الثانية تتعلق باتفاق الكتل السياسية على تحديد فقرات لجدول الاعمال يستطيع البرلمان تمرير القوانين المتبقية وهذا يتطلب اجتماعات متعددة لرؤساء الكتل السياسية.

وكان رئيس مجلس النواب محمود المشهداني أكد في 18 نوفمبر الجاري، بأن قانون العفو العام يأتي في أعلى سلم أولويات عمله في المرحلة المقبلة من عمر مجلس النواب في دورته الحالية.

ويواجه تعديل قانون الأحوال الشخصية اعتراضات كبيرة، إذ حذر خبراء قانونيون وناشطون مدنيون، من التعديلات التي ينوي البرلمان وضعها على القانون، وفيما أكدوا أنها يمكن أن تنسف أحد أهم التشريعات العراقية، لفتوا إلى أن التعديلات تضع سلطة المذاهب ورجال الدين في مكانة أعلى من سلطة القضاء والقانون.

كما يواجه تعديل قانون العفو العام، اعتراضات ومخاوف من شموله المدانين بتهم الإرهاب والانتماء إلى تنظيم داعش، ويعد هذا التعديل من المطالب الرئيسية لمعظم القوى السنيّة، وكان من بين أبرز الشروط التي وضعتها في مفاوضات تشكيل حكومة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني قبل التصويت عليها داخل البرلمان في أكتوبر 2022.

أما بشأن إعادة العقارات لأصحابها، فقد أعلنت الكتل الكردية الخمس في مجلس النواب، في سبتمبر الماضي، توحيد موقفها لدعم مشروع قانون يهدف إلى إلغاء قرارات حزب البعث المتعلقة بالأراضي الزراعية في المناطق المشمولة بالمادة 140 من الدستور العراقي.

ويقول نواب ومسؤولون كرد إن مشروع القانون يخص الأملاك التي تعاد إلى أصحابها الأصليين من الكرد والتركمان، وتمت مصادرتها بموجب 8 قرارات صادرة عن مجلس قيادة الثورة المنحل خلال الأعوام من 1975 ولغاية 1979، وكان الهدف منها إجراء عمليات تغيير ديموغرافي في المناطق المتنازع عليها.