البرلمان العراقي يدخل السنة الأخيرة من مدته النيابية صفر اليدين من الإنجازات

بغداد- سيكون البرلمان العراقي عند عودته من العطلة التشريعية في العاشر من يناير القادم تحت ضغط الوقت في محاولته تدارك حصيلته الضحلة من الإنجازات مع دخوله السنة الأخيرة من فترته النيابية وبدء الاستعدادات لإجراء انتخابات برلمانية جديدة في أكتوبر 2025.
وشلّت الخلافات السياسية الحادّة قدرة مجلس النواب على إقرار القوانين والتشريعات وممارسة العمل الرقابي على نشاط الحكومة، مع توقّعات بأن يتكرّس الشلل ويتعمّق بسبب الأوضاع المتقلّبة في المنطقة والتي يقول متابعون للشأن العراقي إنّ مواجهة تداعياتها ومنع التأثير على تماسك النظام في العراق باتا يستهلكان جهود القوى القائدة للعملية السياسية والممثلة بشكل رئيسي تحت قبة البرلمان.
وقال مصدر برلماني إنّ اهتمام الأحزاب والفصائل الممتلكة لأكبر الكتل النيابية بات موجّها بشكل كامل نحو قضايا أكثر ارتباطا بمصيرها ومواقعها في حكم العراق بعد سقوط نظام بشار الأسد في سوريا وتراجع نفوذ حليفتها إيران في المنطقة.
◄ تمرير القوانين ومساءلة الحكومة سيتحولان إلى ترف للقوى العراقية المنشغلة بتحصين نظامها من تداعيات المنطقة
وذكر المصدر أن الأحزاب والميليشيات الشيعية الممثلة بكتل مثل الصادقون التابعة لعصائب أهل الحق والفتح الممثلة للحشد الشعبي ودولة القانون التابعة لرئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، تعكف من خلال اتصالاتها على دراسة الوضع الإقليمي وما استجدّ بسببه من مطالبات أميركية بحل الحشد وتحجيم نفوذ الميليشيات.
وأضاف أنّ التفكير في تمرير القوانين الخلافية مثل قانون الأحوال الشخصية والعفو العام والشروع في مساءلة الحكومة تراجع في سلّم اهتمامات تلك الكتل وأصبح بمثابة ترف لقياداتها قياسا بالخطر الوجودي الذي بات يتهددها.
وأوضح أن ما يدور حاليا بشأن الاستعداد لتفعيل العمل التشريعي والرقابي للبرلمان بعد العودة من العطلة الحالية ليس سوى عمل دعائي وترويج إعلامي.
وقال عضو مجلس النواب أحمد الشرماني إن “هناك العشرات من القوانين المعطلة منذ الدورات البرلمانية السابقة وخلال الدورة الحالية أيضا، وهذه القوانين تأخر تشريعها بسبب الخلافات السياسية وتحكّم بعض القوى في مصير تلك التشريعات بحسب الصفقات السياسية.”
وأضاف متحدثا لوكالة بغداد اليوم الإخبارية أنّ “السنة المقبلة هي الأخيرة من العمر الدستوري لمجلس النواب العراقي ولهذا سنعمل خلال ما تبقى من عمر البرلمان للسعي إلى تمرير أغلب تلك القوانين المعطلة.”
وفي ذات السياق قال النائب عن تحالف الفتح وعد القدو إن “هناك عزما نيابيا على حسم التصويت على القوانين الجدلية مع بداية السنة الجديدة ومع بداية الفصل التشريعي الجديد، معتبرا أنّه من غير الصحيح أن يبقى الدور التشريعي معطلا.”
وكان مصدر نيابي قد أعلن عن تقديم ثمانية طلبات لاستجواب وزراء ورؤساء هيئات مستقلة خلال الفصل التشريعي المقبل للبرلمان.
وقال لوسائل إعلام محلية إن “طلبات الاستجواب التي قدمت تشمل وزراء الكهرباء والاتصالات والنفط والنقل والتجارة والتربية وهيئة الاستثمار وهيئة الإعلام والاتصالات“.
لكنّ مصدرا ثانيا استبعد جدية السعي لاستجواب الوزراء قائلا إنّ الأحزاب التي سبق أن أبدت اهتماما بالضغط على حكومة رئيس الوزراء محمّد شياع السوداني وصولا إلى المطالبة بإقالتها قبل انتهاء مدتها القانونية، باتت في ضوء ما حدث في سوريا أحرص على الحفاظ على تماسكها باعتبارها مظلة لها، وخوفا من زعزعة أركان النظام المهدّد بثورة شعبية على غرار تلك التي أدت إلى سقوط نظام آل الأسد في سوريا.
ودخل البرلمان العراقي في التاسع من ديسمبر الماضي في عطلة نيابة دون أن ينجح في تمرير أيّ من القوانين الخلافية التي كان قد مدّد فصله شهرا لمواصلة النظر فيها وذلك بعد أن نجح بصعوبة بالغة في انتخاب السياسي السني محمود المشهداني رئيسا جديدا له إثر محاولات استمرّت لما يقارب السّنة واصطدمت بخلافات الكتل السنية وصراعاتها الشرسة على المنصب الذي جعله العرف السياسي القائم على المحاصصة من نصيب المكوّن السنّي.
وأصبح ضعف الأداء التشريعي والرقابي سمة مميّزة لمجلس النواب العراقي استشرت بشكل لافت في الدورة الحالية وتحوّلت إلى مظهر بارز من مظاهر ضعف الدولة العراقية وعجز نظامها البرلماني عن حلّ مشاكله وتجاوز أزماته المتكررة.
وتتمثّل إحدى أبرز مثالب العمل البرلماني في العراق في قيامه على المصالح الفئوية والاعتبارات الطائفية والقومية، وهو ما تعكسه مشاريع القوانين الخلافية التي حاول مقترحوها تمريرها باعتماد أسلوب المساومة عليها وعقد الصفقات السياسية بشأنها دون جدوى.