البرلمان العراقي يخفق مجددا في انتخاب رئيس للجمهورية

المسار السياسي في العراق يتعثر ويدخل البلاد في أزمة سياسية جديدة.
الأحد 2022/03/27
النصاب لم يكتمل

بغداد - فشل البرلمان العراقي السبت، للمرة الثانية، في انتخاب رئيس للجمهورية، على خلفية مقاطعة عدد من النواب وعدم تحقق النصاب الضروري للانتخاب، وسط تأزم سياسي متواصل منذ أشهر.

وبعد ستة أشهر من الانتخابات النيابية المبكرة في أكتوبر 2021، لا يزال العراق من دون رئيس جديد، وبالتالي من دون رئيس حكومة جديد يتولى السلطة التنفيذية.

وأرجئت جلسة الانتخاب إلى الأربعاء الثلاثين من مارس، وفق مجلس النواب ومصدر رسمي فضّل عدم الكشف عن هويته، بسبب “عدم اكتمال نصاب ثلثي أعضاء المجلس”، بعدما لبّى 126 نائبا دعوة المقاطعة من الإطار التنسيقي، التحالف الشيعي الذي يضمّ كتلة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي وكتلة الفتح التي تنضوي تحتها فصائل موالية لإيران. 

ورسميا، شارك 202 نائب في الجلسة، لاسيما من التحالف الذي يقوده التيار الصدري، أي أقلّ بـ18 نائبا من نصاب 220 الضروري للشروع بعملية الانتخاب.

الجلسة أُرجئت إلى الأربعاء بسبب عدم اكتمال نصاب ثلثي أعضاء المجلس بعدما لبّى 126 نائبا دعوة الإطار التنسيقي للمقاطعة

ويضفي ذلك المزيد من التعقيد على المسار السياسي في البلاد، إذ على رئيس الجمهورية أن يسمّي، خلال 15 يوما من انتخابه، رئيسا للوزراء وعادة ما يكون مرشح التحالف الأكبر تحت قبة البرلمان. ولدى تسميته، تكون أمام رئيس الحكومة المكلّف مهلة شهر لتأليفها.

وقال رئيس مجلس النواب السني محمد الحلبوسي عقب الجلسة إن “عدم تحقيق نصاب انتخاب رئيس الجمهورية يحتم علينا الاستمرار بعقد الجلسات إلى حين تحققه”.

وغالبا ما يكون المسار السياسي معقدا وطويلا في العراق بسبب الانقسامات الحادة والأزمات المتعددة وتأثير مجموعات مسلحة نافذة.

وهناك أربعون مرشحا لمنصب رئاسة الجمهورية، لكن المنافسة الفعلية تنحصر بين شخصيتين تمثلان أبرز حزبين كرديين: الرئيس الحالي منذ العام 2018 برهم صالح مرشح حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، وريبر أحمد مرشح الحزب الديمقراطي الكردستاني. ويفترض أن يحصل المرشح على أصوات ثلثي النواب ليفوز.

ومنذ أول انتخابات متعددة شهدتها البلاد في 2005 ونظمت بعد الغزو الأميركي الذي أدى إلى سقوط نظام صدام حسين في 2003، يعود منصب رئيس الجمهورية تقليديا إلى الأكراد، بينما يتولى الشيعة رئاسة الوزراء، والسنة مجلس النواب. ويتولى الاتحاد الوطني الكردستاني تقليديا منصب رئاسة الجمهورية، مقابل تولي الحزب الديمقراطي الكردستاني رئاسة إقليم كردستان، بموجب اتفاق بين الطرفين.

وفشلت المحاولة الأولى لانتخاب رئيس للجمهورية في السابع من فبراير الماضي أيضا لعدم اكتمال نصاب الثلثين ومقاطعة الإطار التنسيقي.

وبعد فشل الجلسة الأولى، ثمّ تعليق المحكمة الاتحادية ترشيح وزير الخارجية السابق هوشيار زيباري المنتمي إلى الحزب الديمقراطي الكردستاني للرئاسة، أعيد فتح باب الترشح للمنصب مرة ثانية.

ويعود هذا التأزم السياسي الحالي في العراق إلى استمرار الانقسام الشديد بين الأطراف الشيعية.

ويدفع التيار الصدري بزعامة رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر، الفائز الأكبر في الانتخابات التشريعية، إلى تشكيل حكومة غالبية وطنية، مؤكدا أنه يملك الكتلة الأكبر في البرلمان، فقد شكّل تحالفا برلمانيا من 155 نائبا مع الحزب الديمقراطي الكردستاني وتكتل سني كبير من مجموعة أحزاب أبرزها حزب يقوده رئيس البرلمان محمد الحلبوسي.

الإرجاء المتكرر للانتخابات الرئاسية يهدّد بإطالة أمد الأزمة في بلد يواجه أزمة اقتصادية واجتماعية ونسبة بطالة تبلغ 40 في المئة

ويؤكد الصدر حيازته غالبية كافية في البرلمان للمضي في تلك الخطوة، وهو يأمل في فك الارتباط مع تقليد التوافق الذي يتيح لمختلف القوى السياسية النافذة المشاركة في السلطة. وبذلك، يضع الصدر خارج حساباته قوى وازنة على الساحة السياسية، خصوصا الإطار التنسيقي.

في المقابل، يدعو الإطار التنسيقي الذي يملك تحالفا بأكثر من مئة نائب، والذي قاطع الانتخابات، إلى حكومة توافقية بين القوى الشيعية الأبرز كما جرت عليه العادة.

وأعلن الأربعاء تحالف “إنقاذ وطن” الذي يقوده الصدر دعمه الواضح للمرشح ريبر أحمد للرئاسة، ولجعفر الصدر، سفير العراق لدى لندن وقريب زعيم التيار الصدري، لرئاسة الحكومة. ودعا الصدر النواب المستقلين إلى المشاركة والتصويت.

ويهدّد الإرجاء المتكرر للانتخابات الرئاسية بإطالة أمد الأزمة في بلد يواجه أزمة اقتصادية واجتماعية ونسبة بطالة تبلغ 40 في المئة بين الشباب وثلث سكانه البالغ عددهم أكثر من 40 مليون نسمة يعانون من الفقر.

ويقول محمد، الذي رفض الإفصاح عن اسم عائلته، من بغداد، وهو موظف حكومي يبلغ 42 عاما وأب لأربعة أطفال عن إخفاق جلسة السبت، إن “هذا الفشل هو فشل سياسي، لأن الدستور نفسه كتب خطأ، وبالنتيجة فإن العملية السياسية كلّها أخطاء”.

3