البرلمان العراقي يخفق في انتخاب رئيسه وسط عراك بالأيدي

بغداد - أخفق البرلمان العراقي مساء السبت مجددا باختيار رئيس له خلفا لمحمد الحلبوسي المقال بقرار من المحكمة الاتحادية، بعد فشل أي من المتنافسين على المنصب بالحصول على الأغلبية المطلقة، خلال جلسة انتهت بمشادات كلامية وتشابك والأيدي.
والجلسة التي عقدت السبت هي الخامسة من نوعها، إذ سبقتها أربع جلسات أخفقت بحسم الملف، وحضر الجلسة التي عقدت عصر السبت 311 نائباً (من أصل 329)، بعد أن أُجلت لنصف ساعة، بسبب عدم اكتمال النصاب القانوني، ولم تعقد إلا بعد ساعتين بسبب الجدل المتصاعد بشأن اختيار أحد المرشحين المتنافسين على رئاسة البرلمان العراقي.
وتنافس على المنصب مرشح تحالف السيادة سالم العيساوي، ومرشح تحالف تقدم محمود المشهداني، فضلا عن النائبين عامر عبدالجبار وطلال الزوبعي، ومن ثم أعلن الزوبعي انسحابه من التنافس داعيا إلى انتخاب المشهداني.
ووفقاً لبيان للدائرة الإعلامية في البرلمان العراقي حصل النائب سالم العيساوي على 158 صوتاً، والنائب محمود المشهداني على 137 صوتاً، والنائب عامر عبدالجبار على 3 أصوات، بينما بلغت الأصوات الباطلة 13 صوتاً.
ويحتاج المرشح الواحد لـ 166 صوتا للفوز بمنصب رئيس البرلمان، وفي حل لم يحصل أي مرشح بينهم على هذه الأصوات، سيذهب البرلمان الى جولة ثالثة للتصويت بين نفس المرشحين باستثناء من ينسحب.
وعلى خلفية هذا التقارب بالأصوات، سادت حالة من الانقسام بين الكتل السياسية، حيث أصرت كتل السيادة والعزم وكتل أخرى منضوية في الإطار التنسيقي، ونواب آخرين يدعمون تولي سالم العيساوي، على استكمال الجلسة، والبدء بالجولة الثالثة لانتخاب رئيس جديد للمجلس.
لكن كتلاً أخرى من بينها دولة القانون وتقدم والصدارة التي تدعم تولي محمود المشهداني لمنصب رئيس البرلمان ضغطت ودفعت نحو تأجيل الجلسة إلى إشعار آخر، وفق مصدر نيابي مطلع على المشهد عن قرب.
وقبل ذلك، طالب نواب عن تقدم بتعديل النظام الداخلي لمجلس النواب، قبل البدء بالتصويت في جولة الحسم، خشية من فوز سالم العيساوي بالجولة الثالثة، وفقا لوكالة "شفق نيوز" نقلا مصدر برلماني.
وبينما كان النصاب مكتملا داخل قاعة التصويت على رئيس البرلمان، انبرى عدد من نواب تقدم، ورفضوا المضي بالتصويت ما لم يتم تعديل النظام الداخلي لمجلس النواب.
وبعد شد وجذب بشأن عقد جولة جديدة للتنافس بين العيساوي والمشهداني، تطور المشهد إلى العراك بالأيدي بين المؤيدين للعيساوي المطالبين بجولة جديدة والمؤيدين للمشهداني الرافضين لعقد جولة أخرى، ما دفع رئاسة البرلمان إلى رفع الجلسة.
وقالت الدائرة الإعلامية في بيان مقتضب، إنّ "مجلس النواب رفع جلسته"، من دون أي تفصيل أو تحديد موعد جديد.
وأظهرت مشاهد من الجلسة إصابة النائب هيبت الحلبوسي من تقدم برأسه خلال الشجار، مما استدعى تدخل قوات الأمن الخاصة بحماية البرلمان لفض الشجار، فيما أصيب بعض النواب.
وقال النائب السابق مشعان الجبوري على منصة إكس "حدث ما حذرنا منه، عندما بلغ النصاب 190 نائباً، تأكد حزب تقدم أن الأمر قد قضي فعملوا حاجزا بين المقاعد والمنصة.. هيبت الحلبوسي اعتدى على مثنى السامرائي ما دفع النائب أحمد الجبوري "ابوعبدالله" لضرب هيبت".
وطالب الجبوري بإنهاء عضوية هيبت الحلبوسي قائلا عبر حسابه على منصة إكس "بعد أن تلا رئيس الجلسة قواعد التصويت، وقبل مباشرة النواب بالتصويت، هدد النائب هيبت الحلبوسي بمنع التصويت بالقوة، وبذا يكون قد منع المجلس من ممارسة واجب دستوري، وهذا حنث باليمين الدستورية، ينهي عضويته في مجلس النواب، وعلى المجلس أن يتخذ ما يلزم ليسترد هيبته!".
من جهته، علّق الباحث في الشأن السياسي العراقي شاهو القرداغي على ما حدث في منشور على "إكس"، قائلاً "أن يتصارع نواب الشعب داخل البرلمان أفضل من أن يتصارع لأجلهم الشعب وهم يتقاسمون المصالح والامتيازات والنفوذ.. لم يعد الشعب يكترث كثيراً بهذه الأمور".
وأضاف في منشور آخر حسن المندلاوي وجه سابقاً بإقامة دعوى قضائية على أي مؤسسة أو فرد يسيء للمؤسسة التشريعية واليوم هو يستخدم كلمات بذيئة داخل قبة البرلمان!" متسائلا "هل سيشمله المحاسبة الذي طالب به سابقاً؟".
وترتيبات تقاسم السلطة معقدة في العراق الذي يتألف من فسيفساء من المجموعات العرقية والطوائف المختلفة.
ويخصص تقليديا منصب رئيس الجمهورية الشرفي إلى حد كبير للأكراد، ومنصب رئيس الوزراء للشيعة، في حين أن رئيس البرلمان عادة ما يكون سنيا.
لكن يهيمن على البرلمان ائتلاف من الأحزاب الشيعية الموالية لإيران.
ودعم ائتلاف من ثلاث كتل سنيّة العيساوي، أما المشهداني الذي كان أول رئيس للبرلمان العراقي بعد اعتماد دستور عام 2005، فقد حظي بدعم الكتلة الكبيرة لرئيس البرلمان السابق محمد الحلبوسي.
وسيحل رئيس البرلمان الجديد محل الحلبوسي، السياسي النافذ الذي تولى المنصب عام 2018 وأقيل بقرار من المحكمة الاتحادية العليا في نوفمبر الماضي بعد أن اتهمه أحد النواب بتزوير خطاب استقالته.
ولن تستمر ولاية رئيس البرلمان الجديد طويلا مع اقتراب موعد الانتخابات العامة في عام 2025.