البرلمان العراقي أمام اختبار صعب لتمرير تعديلات الموازنة العامة

الإطار التنسيقي يؤكد وجود اتفاق سياسي لإقرار تعديل المادة 12 من قانون الموازنة الخاصة بحصة إقليم كردستان، وسط رفض نواب محافظات الوسط والجنوب.
الأحد 2025/02/02
جدل مستمر في البرلمان العراقي

بغداد – تتباين المواقف السياسية حول إقرار تعديلات الموازنة العامة في جلسة اليوم الأحد بمجلس النواب العراقي، حيث من المتوقع أن تشهد صعوبات في تمريرها، بسبب استمرار موجة الرفض النيابي، رغم تأكيد الإطار التنسيقي الحاكم وجود اتفاق لإقرارها.

وقال محمد راضي النائب عن الإطار التنسيقي، الذي يجمع القوى السياسية الشيعية، إن "هناك اتفاقا سياسيا على تمرير تعديل قانون الموازنة خلال جلسة الأحد، كما ورد نص التعديل من قبل الحكومة العراقية، فهناك إرادة ورغبة سياسية برلمانية على دعم خطوات الحكومة لحل الخلافات مع إقليم كردستان".

وأضاف راضي في تصريح لوكالة "شفق نيوز" أن "الاتفاق على تمرير تعديل قانون الموازنة، جاء لأجل دفع الحكومة نحو الإسراع بإرسال جداول موازنة سنة 2025، فلا أحد يريد تعطيل هذه الموازنة، لمنع عرقلة عملية البناء والإعمار، وإطلاق الكثير من المشاريع الاستراتيجية والمهمة خلال هذه السنة".

كما رجحت كتلة الحزب الديمقراطي الكردستاني، تمرير تعديل الفقرة 12 ثانيا ج المتعلقة بنفط الإقليم ستمرر بسلاسة خلال جلسة اليوم الأحد.

وقال عضو الكتلة النائب محما خليل في تصريح لموقع "المعلومة" إن "التصويت على فقرة تعديل الموازنة رقم 12 ثانيا ج المتعلقة بنفط الاقليم ستمرر بسلاسة وذلك بعد أن تم الاتفاق بين وزارة النفط الاتحادية ووزارة الثروات المعدنية في الاقليم على احتساب نسبة كلفة استخراج ونقل برميل النفط على اساس 16 دولار للبرميل مؤقتا".

وأضاف أن "الاتفاق شمل بإحالة احتساب كلف الاستخراج والنفط الى لجنة دولية متخصصة تقوم بهذه المهمة واعتمادها رسميا لفقرة التعديل المشار اليها".

وأشار خليل إلى أن "اللجنة الدولية ستقدم نتائج الاحتساب خلال 60 يوما بعد التصويت على فقرة التعديل".

وفي المقابل، أكد عضو مجلس النواب كاظم الفياض، في تصريح لموقع "بغداد اليوم"، أنه "بعد ما يقارب ساعة ونصف موعد عقد جلسة مجلس النواب، ولغاية الآن لا توجد أي ضمانات نيابية حقيقية على تمرير تعديل قانون الموازنة، بسبب وجود اعتراضات وملاحظات كثيرة على التعديل من قبل نواب كثيرين ومن مختلف التوجهات السياسية".

وأضاف "بسبب هذه الخلافات على النص المرسل من قبل الحكومة العراقية، نعتقد أن جلسة مجلس النواب سوف تتأخر ولن تعقد في موعدها، فالأمر ما زال يحتاج الى تفاهمات ما بين أعضاء اللجنة المالية النيابية، وكذلك الكتل والنواب المعترضين على التعديل".

ونص تعديل المادة الثانية عشر باحتساب سعر برميل نفط الإقليم بستة عشر دولارا قابلا للزيادة والنقصان وهو ما يشكل نقطة الخلاف.

ورهنت اللجنة المالية التصويت على التعديل الجديد بحسم الأمر مع وزيرة المالية سيما مع وجود خلافات سياسية حادة حول طبيعة والية التعويضات التي ستدفعها الحكومة في هذا التعديل.

وأكدت جهات سياسية، السبت، أن تعديل الموازنة العامة لن يمضي دون الاستجابة لمطالب نواب محافظات الوسط والجنوب، كاشفة عن وجود ضغوطات أميركية لتمرير تعديل المادة 12 من قانون الموازنة الخاصة بحصة إقليم كردستان. 

وقال عضو مجلس النواب هادي السلامي، في تصريح لموقع "المعلومة" إن "نواب محافظات الوسط والجنوب شكّلوا جبهة موحدة اتفقت على نقاط محددة ومشروعة لتحقيق مصالح محافظاتهم في تعديلات الموازنة العامة".

وأضاف أن "جبهة نواب الوسط والجنوب وضعت سياقات واضحة للتعامل مع التعديلات بما يحقق العدالة والإنصاف ويراعي الحقوق المالية لتلك المحافظات"، مشددًا على أنه "ليس من المعقول أن تُنفق الدولة مليارات الدولارات في اتجاه واحد بينما تعاني محافظات أخرى من نقص حاد في الميزانيات، ما يعيق تنفيذ المشاريع الخدمية الأساسية".

وأشار السلامي إلى أن "تعديلات الموازنة لن تمضي دون اعتماد مبدأ العدالة والإنصاف بين جميع المحافظات"، مؤكدًا أن "موقفهم الرافض للتعديلات الحالية يأتي ضمن مبادئ مشروعة وقانونية".

إلى ذلك، كشف رئيس الهيئة التنظيمية للحراك الشعبي حسين علي الكرعاوي، السبت، وجود ضغوطات أميركية لتمرير تعديل المادة 12 من قانون الموازنة .

وقال الكرعاوي في تصريح إعلامي إن "تعديل المادة 12 من قانون الموازنة يضمن صرف 16 دولارا تكلفة استخراج النفط من إقليم كردستان على أن يتم استقطاع المبلغ المذكور من مبيعات النفط في الإقليم".

وأضاف أن "هناك ضغوطات الأميركية مورست على جميع الأطراف وأبلغتهم بضرورة تمرير تعديل الموازنة في جلسة الأحد وسط اصرار جبهة نواب الوسط والجنوب عدم تمريرها وهنا يضع مجلس النواب نفسه بين أن يكون عراقيا مستقل وبين أن يكون تابع ويمتثل لأوامر البيت الأبيض".

وأشار إلى أن "تعديل المادة 12 يتعلق بمطالب شركات أميركية لها استحقاقات مالية تقدر بـ 5 مليارات دولار لدى إقليم كردستان ".

وكانت تعديلات الموازنة الاتحادية قد أثارت استياء نواب الوسط والجنوب، خاصة بعد منح امتيازات كبيرة لمحافظات إقليم كردستان، ورفع سعر برميل النفط المخصص للإقليم، وهو ما اعتُبر استنزافاً لميزانية الحكومة الاتحادية على حساب بقية المحافظات.

وأعربت جبهة نواب الوسط والجنوب، السبت، عن أسفها لإصرار الحكومة على عدم إجراء تعديلات على قانون الموازنة، لا سيما فيما يتعلق بالمادة 12 والمواد الأخرى، وذلك عقب اجتماع رئيس الوزراء مع رؤساء الكتل النيابية ورئاسة مجلس النواب الأربعاء 29 يناير الماضي.

وأكدت الجبهة، في بيان صدر السبت، حرصها على تسهيل استئناف تصدير النفط العراقي من حقول إقليم كردستان.

كما شدد البيان على ضرورة إدخال تعديلات جوهرية على قانون الموازنة لمعالجة العجز الكبير وسد الثغرات المتعلقة بالعوائد المالية الاتحادية، بما يضمن تحقيق العدالة لمختلف المحافظات العراقية.

كما أعلنت الجبهة رفضها لما وصفته بـ"الاستبداد الحكومي والسياسي" في التعامل مع تعديلات الموازنة، مشيرة إلى أنها بصدد دراسة الإجراءات والخطوات المقبلة، وذلك خلال اجتماع مرتقب الأحد، والذي سيتناول تقييم التزام الحكومة والإقليم والمحافظات ببنود البرنامج الحكومي.

ويأتي بيان جبهة نواب الوسط والجنوب في ظل الخلافات المستمرة حول قانون الموازنة العامة، والذي أثار جدلا واسعا داخل الأوساط السياسية والبرلمانية، خاصة فيما يتعلق بالمادة 12 التي تنظم آليات تصدير النفط من إقليم كردستان والعوائد المالية المرتبطة به.

وأدرج مجلس النواب، الخميس، تعديل قانون الموازنة الاتحادية ضمن جدول أعمال جلسة الأحد.

وأثارت تعديلات الموازنة الاتحادية للعام الحالي لغطا كبيرا داخل الأروقة السياسية حيث ألقى بعض النواب اللائمة على الحكومة في رفع سقوف الانفاق بينما ردت الأخيرة وبأكثر من مناسبة بأن المسؤولية يتحملها البرلمان لإجرائه تغييرات في بنود الموازنة والتلاعب بجداولها المرسلة إلى البرلمان.

وجاء الخلاف بين بغداد وأربيل عندما تم تمرير مقترح جديد غير الذي أقرته اللجنة المالية النيابية وتم الموافقة عليه من قبل الحكومتين، لا سيما المادة 12 الخاصة باستئناف تصدير نفط إقليم كردستان.

وقال متحدث باسم حكومة إقليم كردستان بيشوا هورامي في 23 يناير الماضي، إن التعديلات الأخيرة لمقترح الموازنة قد تمت دون التشاور مع حكومة إقليم كردستان، و"إننا نُعلن رفضنا التام لهذه الإجراءات والمقترحات"، داعيا إلى “ضرورة طرح مشروع القانون المتفق عليه وإقراره من قبل مجلس الوزراء الإتحادي والتصويت عليه".

لترد بغداد على لسان الناطق الرسمي باسم الحكومة الاتحادية باسم العوادي الذي نفى ما ورد ببيان هورامي، من ادعاء بأن ممثل الحكومة الاتحادية في مجلس النواب عرقل تعديل المادة الخاصة بإجراءات استئناف تصدير النفط من الإقليم في الموازنة، داعيا حكومة إقليم كردستان إلى الالتزام بأحكام مواد قانون الموازنة العامة الاتحادية، بما يتضمن تسليم الإيرادات المالية، سواء النفطية أو غير النفطية، إلى الحكومة الاتحادية، وفقاً لما هو منصوص عليه في القانون وقرار المحكمة الاتحادية.

وشهدت جلسة مجلس النواب، في 21 يناير الماضي، كسرا للنصاب عبر خروج النواب من القاعة، بعد الوصول للتصويت على فقرة بقانون الموازنة الاتحادية.

ويبقى ملف النفط والإيرادات بين الحكومة الاتحادية وإقليم كردستان أحد أكثر الملفات تعقيداً، حيث تتقاطع فيه الجوانب القانونية والسياسية، وبينما تسعى الحكومة والبرلمان لتسوية الإشكالات عبر تعديلات قانونية وإجراءات رقابية، يبقى الالتزام من جانب الإقليم محوراً أساسياً لضمان حقوق الموظفين وتعزيز الاستقرار في العلاقة بين الطرفين.

وشهدت الأجواء بين بغداد وأربيل خلال الأيام الماضية، توترا و"حرب بيانات" بين إقليم كردستان ووزارة المالية الاتحادية، بشأن الخلافات على مبالغ الرواتب حيث لا تزال رواتب شهر ديسمبر 2024 لم يتم صرفه للموظفين في كردستان حتى الان، فبينما تؤكد وزارة المالية الاتحادية انها أرسلت أموال كردستان بالكامل فيما يخص الرواتب، تنفي مالية كردستان ذلك وتقول ان الأموال التي وصلتها من بغداد اقل من المبلغ المطلوب بحوالي 800 مليار دينار، ما يمنع توزيع رواتب الشهر الأخير من العام 2024.

وحثت خارجية الولايات المتحدة، في 15 يناير الماضي، البرلمان العراقي على الإسراع في تمرير الموازنة الاتحادية للعراق.

وقال المتحدث باسم الخارجية الأميركية ماثيو ميلر في إيجاز صحافي بمقر الوزارة "لقد عملنا مع الحكومة الاتحادية العراقية وحكومة إقليم كردستان، للتوصل إلى اتفاق موازنة دائم من شأنه أن يسهل إنتاج النفط المستدام في إقليم كردستان".

وأضاف ميلر "شهدنا مراجعة تعديل الموازنة هذا الأسبوع ونحث على اعتماده بسرعة".

ويذكر أن الموازنة للعام الحالي، لم يتم تنفيذها ولا صرف أموالها لغاية الآن، بالرغم من تحذيرات المختصين بفقدان الثقة في قدرة الحكومة على الإدارة المالية ويتسبب بإرباك اقتصادي واستثماري وسياسي أيضا.